القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
السبت 30 تشرين الثاني 2024

بل أسرى فلسطينيون مقاومون!

بل أسرى فلسطينيون مقاومون!

لمى خاطر

نحو مئة يوم مضت على الإضراب المفتوح عن الطعام الذي بدأه مجموعة من الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال من حملة الجنسية الأردنية، وعلى رأسهم المجاهدان عبد الله البرغوثي ومنير مرعي. يوصف هؤلاء الأسرى بالأردنيين بناء على حيازتهم جنسية أردنية ورقماً وطنياً كونهم ولدوا وعاشوا جلّ حياتهم في الأردن، لكنهم فلسطينيو الأصل ونفذوا عمليات بطولية ضد الاحتلال الصهيوني بعد قدومهم إلى فلسطين واستقرارهم فيها إما للعمل أو الدراسة.

ومع تأكيد الاحترام لكل دولة عربية قدمت لفلسطين شيئاً أو ساهم أبناؤها في مشروع التحرير، ومع أن الجنسية والهوية القُطرية يفترض ألا تكون ذات وزن كبير في التصنيف وفي استجلاب التضامن والاهتمام، إلا أن وصف هذه المجموعة من الأسرى بالأردنيين يبدو كما لو أنه أقام حاجزاً نفسياً لدى المواطن الفلسطيني وقلل من حماسته للتضامن معهم، وأقصد هنا المواطن العادي وليس من يعرف هؤلاء الأسرى بناء على دورهم وما قدموه من تضحيات في إطار مشروع المقاومة.

ولغة الأرقام عموماً أو الأوصاف الجامدة في التعاطي مع قضية الأسرى فيها انتقاص إنساني من تضحياتهم، فيما يقتضي الوفاء لهم وتقدير بذلهم ذكرهم بالأسماء وما يتعلّق بها من تفاصيل، وبشكل متكرر ومتواصل، مع التذكير بتضحياتهم والأحكام الصادرة بحقّهم.

وهنا، فإن التعامل مع من يعرفون (بالأسرى الأردنيين) كما لو كان تضامناً مع أسرى بلد آخر يحتجزهم الاحتلال ذاته الذي يحتجز أسرى فلسطين فيه إساءة مبطّنة للهوية الوطنية لهم، ولجذورهم في فلسطين، ولإسهاماتهم الكبيرة في مواجهة الاحتلال. وفيه من جهة أخرى محاولة لرمي مسؤولية نصرتهم على طرف آخر هو الحكومة الأردنية، والتي ما زال يتضّح أن هذا الملف لا يشغلها ولا يهمّها، مثلما أنها ليست معنية بأي تقدّم في موضوع الإضراب؛ لا على صعيد تحسين أوضاع المضربين وتمكين ذويهم من زيارتهم، ولا بتحرير أي منهم إلى الأردن!

لا يعني ما سبق أن التضامن الشعبي الفلسطيني مع الأسرى في أحسن حالاته، وأن إشكالية (الأسرى الأردنيين) وحدها من تعاني من ضعف الاهتمام، لكنّ هذا الوصف المطلق لهم أثّر على التفاعل مع قضيتهم، وخصوصاً إعلاميا، لدرجة أن هناك من يتفاجأ حين يعلم أن قامة مثل عبد الله البرغوثي (صاحب أعلى حكم بالمؤبدات) مصنّف أصلاً على هذه اللائحة!

نعلم جيدا، ونعيد ما قلناه سابقاً بأن تفعيل قضية الأسرى ميدانياً وإعلامياً ليس بوابة تحريرهم وإنهاء معاناتهم، لكنه يظلّ على الأقل إشارة تضامن مستمرة معهم، وحالة وفاء دائمة لما بذلوه في سبيل الحرية، والأهم من ذلك ما يشي به من حيوية الروح النضالية لهذا الشعب، مهما طال أمد الاحتلال، ودامت انتهاكاته.