تجويع اليرموك وصمة عار على جبين الإنسانية!
لندا شلش
أن يموت الفلسطيني قتلاٌ أو تحت التعذيب في السجون
أو في عرض البحر وهو هارب من الموت نفسه؛ فهذا أصبح خبرا عاديا للغاية. فالفلسطيني
جرَب الموت بأسبابه المتعددة، لكن أن يموت الفلسطيني جوعا وبردا في ظل حصار خانق فهذه
جريمة تحاسب عليها الانسانية جمعاء.
ما يندى له الجبين تلك الصور المهربة من مخيم اليرموك
لتكشف عن هول المأساة التي يحياها أبناء المخيم من اللاجئين الفلسطينيين. تلك السيدة
التي تلتقط بقايا الطعام من القمامة المنتشرة في أحد زقاق المخيم، وذاك الطفل الذي
يبكي بحرقة أمام الكاميرا لأنه جائع، وصور أخرى لأطفال وشباب تقلصت أجسادهم وضعفت عظامهم
وتقوست من شدة الجوع والبرد والمرض، وصور الضحايا الذين تمكن منهم الحصار.
لا أدري ما الذي ينتظره المستوى الرسمي الفلسطيني
والمجتمع الدولي بأكمله لتخليص المخيم من جحيم الحصار. 20 الف فلسطيني سيكونون مشروع
موت كالذين قضوا وهم يبحثون عن كسرة خبز تفصلهم عن الموت في المخيم الذي كان حتى وقت
قريب يعد أكبر مخيمات اللجوء في سوريا قبل أن ينزح منه عشرات الآلاف هربا من الموت…
فهل ننتظر تشييعا موحدا لأبناء المخيم كي يتحرك الضمير الإنساني.
بداية مأساة المخيم في ديسمبر 2012، بعد أن دخلته
كتائب مسلحة معارضة للنظام السوري، حينها لجأت الجبهة الشعبية القيادة العامة العامة
بزعامة أحمد جبريل الى الاستعانة بالنظام لتطهير المخيم من المسلحين، وهكذا تحول المخيم
بزقاقه وأهله ساحة من ساحات الحرب الدائرة في سوريا منذ 3 سنوات.
لا يهم من المسؤول عن حصار المخيم فجميعنا مشاركون.
الجماعات المسلحة والنظام السوري والجبهة الشعبية القيادة العامة التي استنجدت بالنظام السوري لتخليص المخيم من المسلحين
فقصفته قوات النظام بالطيران الحربي، والفصائل الفلسطينية الأخرى التي بدلا من أن تحل
المشكلة زادت الوضع سوءا بشروطها إزاء الوضع القاتم هناك، ومنظمة التحرير الفلسطينية
التي تقف حتى الآن عاجزة عن إدخال الطعام والدواء للمخيم وكذلك الأنروا والصليب الأحمر
الدولي والمنظمات الدولية، والشعب الفلسطيني الساكت عن الجريمة التي ترتكب بحق أبناء
جلدته.
مؤخراً نشطت بعض المجموعات الشبابية على مواقع التواصل
الاجتماعي لنصرة مخيم اليرموك تحت شعار أنقذوا اليرموك ونحن معكم، وفي رام الله وغزة
ومخيم عين الحلوة في لبنان نُظمت وقفات لأجل المخيم كانت أشبه بوقفات تضامنية مع شعب
آخر من هوية أخرى.
اليرموك ليس بحاجة لثورات فيسبوكية أو شعارات رنانة
فأي منها لن تخمد نار الجوع في أمعاء المحاصرين، اليرموك بحاجة لثورة إنسانية عاجلة لإنقاذ المخيم من شبح الموت
الذي يهدد بمداهمة المخيم بيتا بيتا. على السلطة الفلسطينية المنشغلة الآن بخطة أميركية
لتصفية القضية ومنها قضية اللاجئين الفلسطينيين أن تطالب النظام السوري والمجتمع الدولي
بوقف الكارثة التاريخية في المخيم وكذلك الأمر ينطبق على الفصائل الفلسطينية كافة.
لا تتخلوا عن مخيم اليرموك الذي لم يتخل يوما عن
أوجاع الفلسطينيين في الداخل والشتات، فكان أهله دائما في صدارة المظاهرات ضد أي عدوان
اسرائيلي على الفلسطينيين في الداخل وضد أي مشروع لتصفية قضية اللاجئين. لا توقفوا
صوت المخيم وسارعوا لإنقاذه!.