خليل العلي
تُشكّل مسألة حل قضية اللاجئين الفلسطينيين أحد أعقد المسائل
في المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية منذ انطلاقتها مطلع تسعينات القرن الماضي، حيث
يُطالب الفلسطينيون بعودة اللاجئين إلى الأماكن التي طُردوا منها، في المقابل ترفض
إسرائيل أية عودة للاجئين الفلسطينيين وتعتبر عودتهم نهاية عملية "للطابع اليهودي للدولة”
ومطلباً يهدف إلى تدمير إسرائيل داخليّاً عن طريق قلب المعادلة الديمغرافية لصالح الفلسطينيين،
علماً أن عدد سكان دولة الاحتلال حوالي تسعة ملايين نسمة، منهم حوالي 1.8 مليون عربي،
أي حوالي 20 بالمائة من عدد السكان.
لقد ظهرت مشاريع عدّة لتوطين اللاجئين الفلسطينيين في الدول
المضيفة أو في دول أخرى، لكن كل هذه المشاريع فشلت ولم يتم تنفيذها، إلى أن أعلن دونالد
ترامب بما يعرف بـ "صفقة القرن” التي تحوي بنوداً تلغي حق العودة للاجئين الفلسطينيين
إلى إرضهم.
مشاريع توطين اللاجئين لم تتوقف
مدير عام "الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين” في لبنان
علي هويدي قال لـ "أحوال”: مشاريع توطين اللاجئين الفلسطينيين لم تتوقف ولن تتوقف،
وهذا بدأ منذ نكبة فلسطين في عام 1948 وطرد واقتلاع ما يقارب 935 ألف فلسطيني صار عددهم
الآن ما يقارب 8 ملايين لاجئ منتشرين في بقاع الأرض، وبالتالي هذه المشاريع لم تتغيّر
سواء على مستوى وجود الجمهوريين أو الديمقراطيين في الرئاسة الأميركيّة، وهذا مشروع
صهيوني بامتياز ويتقاطع دائماً مع الرؤية الأميركيّة بهدف شطب قضية اللاجئين وحق العودة.
أضاف، قد لا يكون هناك مشاريع بارزة يتم الحديث عنها حالياً،
لكن حتماً هذه المشاريع موجودة وبانتظار من ينفّذها بطريقة عمليّة، بمعنى آخر عمليّة
التوطين بحاجة إلى رضا الطرفين وهما الدولة المضيفة واللاجئ الفلسطيني، لكن اللاجئ
الفلسطيني نفسه يرفض التوطين وكذلك الدول المضيفة حتى هذه اللحظة ترفض عملية التوطين،
وبالتالي ليس من السهولة فرض عملية التوطين على الدول المضيفة على الرغم من المعلومات
المتداولة أن هناك مغريات ماليّة يمكن أن تقدم لبعض الدول المضيفة مثل لبنان والأردن
لكن لم يكن هناك تفاعل إيجابي مع هذه الطلبات.
وقال: المضامين الواضحة التي تحدّثت عنها "صفقة القرن” وهي
توطين اللاجئين الفلسطينيين في الدول المضيفة وعودة جزء إلى الضفة الغربيّة وقطاع غزة
وفق شروط أمنيّة إسرائيليّة، ويتم استيعاب عدداً من اللاجئين في إحدى دول مجلس التعاون
الإسلامي، ولكن تبقى هذه أمنيات أمام رفض اللاجئين الفلسطينيين هذا الأمر جملة وتفصيلا.
وكالة الأنروا تواجه ضغطاً لإضعافها
بالنسبة لوكالة "الأنروا” يؤكد هويدي أن هناك ضغطاً كبيراً
جداً على الوكالة لإضعافها وخنقها وجعلها وكالة إسميّة ليس لها أية مهام وظيفيّة، وتدرك
الإدارة الأميركية ودولة الاحتلال أنه ليس من السهولة إلغاء وكالة "الأنروا”، واستهداف
الوكالة هو استهداف لقضية اللاجئين والعمل على ضرب شرعيّة اللاجئ والعمل على توطينه
في المستقبل، لكن "الأنروا” ليس هذا دورها، بل دورها هو تقديم الخدمات للاجئين بانتظار
تطبيق القرار الدولي رقم 194 الذي أكّد على حق العودة والتعويض واستعادة الممتلكات
الذي تكرر ثلاث مرات في القرار 302 وهو قرار إنشاء وكالة "الأنروا” وفي الفقرة الخامسة
والفقرة العشرون من القرار نفسه.
يلفت هويدي أن استهداف وكالة "الأنروا” سيستمر حتى لو حصل
استئناف في دفع المساعدات الماليّة لصندوق الوكالة من قبل الإدارة الأميركيّة الجديدة،
ستظهر دول أخرى توقف الدعم عن الوكالة وكأن هناك اتفاق بين عديد من الدول بتقديم دون
الحد الأدنى من الخدمات للاجئين الفلسطينين بهدف إخضاع الوكالة ضمن رؤية سياسيّة تتقاطع
مع الرؤية الأميركيّة والصهيونيّة، والسؤال الجوهري: ماذا نحن فاعلون؟ إن لم نكن نحن
اللاجؤون الفلسطينيون أقوياء بكل ما للكلمة من معنى ونستطيع فرض وجودنا في الأجندة
الدوليّة، ونفرض قضيتنا وحقوقنا حتماً سيتم استضعافنا وتنفيذ تلك المقرّرات التي تستهدف
قضيّة اللاجئين والأنروا وحق العودة.
اللاجئون يرفضون التوطين
وعلى الرغم من الظروف الإنسانيّة والاقتصاديّة الصعبة التي
يعيشها اللاجؤون الفلسطينيون في الشتات وخاصة في مخيمات لبنان، إلا أنهم يرفضون التوطين
أو أي نوع من أنواع التهجير ويتمسكون بحق العودة.
محمد الشولي مخرج فلسطيني من مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين
وهو من قرية دير القاسي في شمال فلسطين قال لـ "أحوال”: منذ النكبة لم نفكر نحن الفلسطينيون
إلا بالعودة إلى مدننا وقرانا في فلسطين، وما زلنا متمسكين بحق العودة ونملك مفاتيح
بيوتنا ونرفض كل مشاريع التوطين ولا نرضى عن الوطن بديل رغم كل الظروف الصعبة التي
نعيشها.
ولفت الشولي إلى أنه منذ فترة أنتج فيلماً قصيراً مدته حوالي
ثلاث دقائق بعنوان "راجعين” دلالته الحنين للوطن والتمسك بالعودة.