ثوابتنا
بقلم: عصام عدوان
لم يكن معهودا في حركات التحرر عبر العالم الحديث عن ثوابتها، فلماذا يتحدث
الفلسطينيون وحدهم عن الثوابت؟ هنا مربط الفرس.
فالاحتلال اليهودي ليس استعمارا كسائر الدول الاستعمارية؛ ذلك أنه قام
ويقوم على سلب الأرض من سكانها، وطردهم منها، وادعاء تاريخهم فيها. لو تصورنا أن الاحتلال
اليهودي لفلسطين لم يطرد سكانها ولم يزاحمهم في تاريخهم فيدعيه لنفسه، وأراد مشاركتهم
في الأرض أو استغلالها واستغلالهم كسائر أشكال الاستعمار، لما احتجنا لتأكيد ثوابت
ولا لتحديد ثوابت. ومن هنا وجدنا حالة إجماع أو شبه إجماع فلسطيني على حق العودة كأهم
ثابت من الثوابت الفلسطينية لأنه مفتاح معالجة القضية الفلسطينية برمتها.
من المفاجئ أو قل: المحزن أنه لا يوجد تحديد مُجمَعٌ عليه أو متفق عليه
بين قيادات وفصائل ومفكري الشعب الفلسطيني حول ماهية الثوابت الفلسطينية، ففي مؤتمر
الحفاظ على الثوابت الفلسطينية تحدث قياديون كثر ووجهاء ومثقفون وأكاديميون. الشيء
الوحيد الذي تكرر لدى الجميع هو حق العودة، بينما اختلف الجميع على تحديد بقية ثوابتنا،
فمن قائل: حق تقرير المصير. ومن قائل: إقامة الدولة الفلسطينية. ومن قائل: دولة فلسطينية
على حدود عام 1967. ومن قائل: دولة ديمقراطية واحدة دون تمييز في الدين واللغة والقومية
(وهم يقصدون التعايش مع العدو تحت مظلة فلسطين ديمقراطية). ومن قائل: القدس ومقدسات
فلسطين. ومن قائل: المقاومة بكافة أشكالها ومن قائل: كامل الأرض الفلسطينية. ومن قائل:
الأسرى. ومن قائل: العقيدة لكل ذي عقيدة.
الشيء المستفاد من هذا الاختلاف: أننا كفلسطينيين لم نتفق بعد على تحديد
ثوابتنا التي تعني غاياتنا الوطنية التي لا حيد عنها مهما طال الزمن وما بقي هذا الاحتلال
في أرضنا. وهذا يستوجب العمل الدؤوب على ابتكار آليات لتحديد الثوابت وتعميمها وتربية
الأجيال الفلسطينية عليها. ذلك هو دور المجلس الوطني الفلسطيني. لكنّ هذا المجلس قد
اختطفته ثلة تنكرت لكل الثوابت وألغت موادَّ ميثاقه الوطني. فهل نقف مكتوفي الأيدي،
أم ننتزع الراية، ونبتكر آليات عمل جديدة لا تستثني أحدا؟!.
المصدر: فلسطين أون لاين