جبران باسيل.. فلسطينيو لبنان بحاجة لأنسنة
قضيتهم
بقلم: احمد محمد الدلو
لم يكن جبران باسيل، وزير الخارجية اللبناني،
موفقاً في انتقاء كلماته، في خطابه الأخير في مؤتمر الطاقة الاغترابية في نيويورك،
حين أعلن تأييده لحق المرأة المتزوجة من أجنبي بإعطاء الجنسية اللبنانية لأولادها،
باستثناء السوريين والفلسطينيين، وعن السبب قال: "حفاظا ًعلى أرضنا"، مضيفا
أن "دستورنا وتركيبتنا لا يسمحان بمنح الجنسية إلى ٤٠٠ ألف فلسطيني".. هذه
التصريحات أثارت جدلاً واسعاً في الوسط الفلسطيني في لبنان، حتى إن لبنانيين عدوه نفخاً
في بوق العنصرية، وتأكيداً على طائفية لبنان.
نسي الوزير باسيل أو تناسى أن الفلسطينيين
لجأوا إلى لبنان بموجب قرار أممي بموافقة لبنان، وأن وجودهم مؤقت لحين العودة إلى بلادهم،
وعلق الدكتور محمود حنفي، مدير مؤسسة ثابت، على كلام باسيل قائلاً: "إن مهمة وزير
الخارجية الدفاع عن المواثيق الدولية وقرارات الأمم المتحدة التي ينتمي لبنان إليها،
وهذا التصريح يتعارض مع بديهيات حقوق الإنسان ونص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان".
أبناء فلسطين في لبنان ضد فكرة التوطين
جملة وتفصيلاً، كل ما يحتاجونه أن يسمح لهم بالعمل في أكثر من سبعين مهنة لا ندري إن
كان منعها عنهم يدعم مشروع التوطين، وأيضاً السماح لهم بتملك شقة سكنية، كابدوا سنين
طويلة لشرائها، أسوة بباقي الأجانب الذين يسمح لهم بالاستثمار والشراء في لبنان، والسماح
لهم بالاستفادة من الضمان الاجتماعي والصحي الذي يساهمون في تمويل صندوقه، ولا يستفادون
من تقديماته.
في لبنان، الفلسطيني فقط يمنع من العمل
كمهندس تابع لنقابة، والمحامي يمنع من المرافعة في المحكمة، ويمنع الطبيب من مزاولة
مهنته باسمه، حتى الممرض الذي يعمل في مشافي لبنانية خاصة ويرضى براتب منخفض، يرتدي
الزي المدني وينسلخ عن وظيفته عندما تأتي وزارة الصحة لتكشف على الموظفين، وبعد خدمة
لعشرات السنين يتم صرف الموظف الفلسطيني بلا تعويض نهاية خدمة، حتى لاعب كرة القدم
الفلسطيني يسجل على كشوفات الأندية اللبنانية كفلسطيني، وليس كأجنبي (يحق للنادي إشراك
لاعب فلسطيني واحد واثنين أجانب في المباراة)، كل هذه القوانين سنها لبنان تحت شعار
رفض التوطين والحفاظ على حق عودة الفلسطينيين لديارهم.
حرمان الفلسطينيين من الحقوق في لبنان لم
يقرب اللاجئين شبراً واحداً إلى فلسطين، بل ساهم في إشغال 400 ألف فلسطيني بالبحث والكد
من أجل تحصيل وظيفة لائقة أصبحت في كثير من الأحيان أماني يصعب الوصول إليها (بلمحة
سريعة على المخيمات يمكن أن تلمس ذلك).
وإذا ما قِسنا التجارب الناجحة للاجئين
في بقاع الأرض، سنرى صورة مشرقة من المهاجرين الفلسطينيين في أوروبا، وقيل عنهم إنهم
اندمجوا في مجتمعاتهم الجديدة وانسلخوا عن قضيتهم، لكن ما يقدمونه لهذه القضية أضعاف
ما نقدمه نحن، ونتتوق فرصة للهجرة كي نرتاح من جهاد الحياة، ونتفرغ للعمل على طريق
العودة إلى فلسطين.
حتى الخروج من لبنان للبحث عن فرصة أفضل
للحياة تواجهه تعقيدات كثيرة أمام الفلسطينيين بمنحهم وثيقة سفر خاصة باللاجئين مكتوبة
بخط اليد حتى الآن (وعد الفلسطينيين بجوازات إلكترونية الشهر المقبل)، لا تمكنهم العبور
إلا إلى دويلات قليلة.
كلنا نعي لماذا دائماً يدق ناقوس فكرة توطين
الفلسطيني التي نرفضها أصلاً كبديل عن الفلسطينية، ولكن كيف سمح للأرمن بالحصول على
الجنسية اللبنانية، الجواب يعرفه اللبناني قبل الفلسطيني، ولكن حديث الفلسطينيين بهذا
الملف يعتبر تحريضاً على الطائفية وإثارة للمذهبية التي يحافظ لبنان على تنوعها.
المصدر: وكالات