حرب غزة بين
المتخاذلين والمتآمرين
بقلم | أحمد
منصور
تعيش الأمة
حالة من الفرز والتمايز والتباين غير مسبوقة، ففي الوقت الذي كان فيه المنافقون
والمتآمرون والمتواطئون يتعايشون بين الناس يتحدثون بحديثهم ويميلون ميلهم بحيث لا
يعرف لهم هوى ولا اتجاه، أدت الفتن التي ظهرت في الأمة بعد انقلاب الثلاثين من
يوليو إلى أن ينحاز كل إلى فئته ثم جاءت حرب الاعتداء الإسرائيلي على غزة فكشفت ما
لم يكشفه انقلاب يوليو.
وقد يصاب
الإنسان بالصدمة حينما يرى بين أظهر المسلمين من يجهر بمناصرة الأعداء بل وحثهم
على قتل المسلمين في غزة وفي نهار رمضان ولكن هذا ما آل إليه الوضع، فالمتآمرون
والمتخاذلون والمنافقون عادة ما يتوارون في المجتمعات ولا يظهرون نفاقهم وتآمرهم
وتخاذلهم وإنما يتخفون به، لكننا نشاهد هؤلاء الآن عيانا بيانا على شاشات التلفزة
وعلى صفحات الصحف يطالبون العدو الصهيوني أن يقضي على شعب فلسطين، وأن يطهر الأرض
من حركة حماس وحركات المقاومة التي تقاوم الغاصب المحتل وتعلي راية العز والمجد في
الأمة، بل ونجد من سخر إمكانات دولته لحماية جيش إسرائيل وحدودها حتى تتفرغ
لمعركتها مع الشعب الفلسطيني المقاوم، أو نجد صمتا مثل صمت القبور من حكومات
وأنظمة وكأن ما يجري لشعب فلسطين يجري في أدغال إفريقيا أو في آخر الدنيا حتى لو
كان ما يجري في أدغال إفريقيا أو في آخر الدنيا فإن الإنسانية تحتم على كل إنسان
أن ينصر المظلوم وأن يواجه الظالم وإلا أصبحت الدنيا غابة كما هي الآن.
قد يكون موقف
الحكومات ليس بجديد لكن الجديد فيه هو قيام بعضها بحماية إسرائيل أو تمويلها كما
جاء في بعض المصادر والجديد أيضا هو الجهر بالولاء لإسرائيل والعداء للشعب
الفلسطيني من شاشات محطات تليفزيونية عربية أو صحف تمول من جيوب الشعوب، والجديد
أيضا أن نرى بعض شيوخ السوء وعلماء السلطان وهم يلومون المقاومة ويحملونها مسؤولية
ما جرى، وقد صدمت حينما رأيت أحد هؤلاء على شاشة إحدى الفضائيات وهو يعيد ويزيد في
قوله تعالى «قل هو من عند أنفسكم» حيث حمل المقاومة المسؤولية الكاملة عن تلك
الحرب وكأن إسرائيل التي قامت على أرض فلسطين وأنقاضها دولة مسالمة لم تقم على
اغتصاب ولا تدنس الأقصى ولا تقتل الأبرياء وتعجبت كيف لهؤلاء المتخاذلين الذين
ينفشون لحاهم وكأنما العلم بطول اللحية وانتفاشها وهم يشيعون الجهل والتخاذل في
الأمة في وقت تقوم فيه ثلة من المؤمنين المجاهدين بالتصدي للعدوان الإسرائيلي الهمجي
على شعب أعزل ليس للمرة الأولى وإنما اعتداءات متواصلة منذ ما يقرب من سبعين عاما،
ثم يأتي صاحب اللحية المنفوشة ليقول لأهل فلسطين الصامدين الصابرين «قل هو من عند
أنفسكم» ثم يزيد على التخاذل والخذلان والتجهيل والجهالة السخرية من صورايخ المقاومة
التي جعلت شعب إسرائيل يعيش في رعب كامل داخل الملاجئ فيقول «صواريخ حماس هذه لا
تخرم حائطا» إن الأمة لم تهزم إلا بأمثال هؤلاء الذين يضللون الناس ويخذلونهم في
أوقات المواجهة، إن إسرائيل تعيش أسوأ ايامها وإن عدد الذين فروا من إسرائيل من
المقتدرين من أهلها للخارج خوفا من الصواريخ التي قال عنها الشيخ صاحب اللحية
المنفوشة إنها لا تخرم حائطا لا يعد ولا يحصى أما أميركا وحلفاء إسرائيل فإنهم
جميعا يرجون حركات المقاومة أن تعود للتهدئة، وأن تقبل الهدنة وهذا يؤكد نجاح
المقاومة في تأديب إسرائيل وصد عدوانها، إنها لحظات المفاصلة في الأمة التي يميز
الله فيها الخبيث من الطيب ولعلها تكون البداية حتى تستعيد هذه الأمة مجدها وعزها
«ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله..».
المصدر: صحيفة
الوطن القطرية