حصار غزة.. وتهديدات الاحتلال!
بقلم: لمى خاطر
إن صحّت التسريبات الإعلامية
الإسرائيلية حول قيام الفريق السيسي بإعلام حكومة الاحتلال بخطوة الاتقلاب قبل
ثلاثة أيام من الإقدام عليها، فالأمر ينطوي على ما هو أكبر من مجرّد انقلاب داخلي
تتعدد دوافعه بتنوع الجهات المساهمة فيه داخلية كانت أم خارجية. كما أنّ الأمر
يتجاوز حالة الردّة عن ثورة يناير إلى ما هو أبعد من ذلك، وبما يتعلّق بترسيخ
دعائم العمالة والتبعية لكيان الاحتلال، وتقديم خدمات جليلة له في محاربة المقاومة
وتضييق الخناق عليها، بصورة أسوأ من تلك التي كانت منتهجة أيام نظام مبارك.
ولعل إجراءات تشديد الحصارعلى
غزة التي رافقت خطوات الانقلاب، وما زالت تتصاعد حتى الآن تحمل دلالات خطيرة حول
مستقبل غزة وطبيعة التعامل معها من قبل نظام الانقلاب، حيث يشير تطوّر الأحداث إلى
أن التعامل مع غزة باعتبارها مصدر قلق أمني وسياسي سيعود من جديد، دونما اعتبار
للضرر البالغ المترتب على أهل القطاع جرّاء السياسة الجديدة في إحكام الحصار عليه،
والتضييق على حركة أبنائه في السفر، ومنع وصول الوقود إليه.
في صيف 2008، وحين بلغت حالة
الضغط والحصار على قطاع غزة ذروتها اقتحمت جموع غاضبة من أهل غزة معبر رفح، ثم
تدفق الآلاف من أهل غزة إلى منطقة العريش لشراء حاجياتهم، وبعدها خرج وزير خارجية
مبارك أحمد أبو الغيط مهدداً بتكسير قدمي كل فلسطيني يتجاوز الحدود، وفي أواخر
العام ذاته شنّ جيش الاحتلال هجوماً واسعاً على القطاع، وكان من أبرز أهدافه إسقاط
حكومة حماس في غزة، لكن غزة صمدت وواجهت العدوان وهي تحت حصار خانق.
واليوم يتكرر تشديد الحصار، ومعه
قبضة الأمن المصري، وتعود موجة التحريض على غزة والفلسطينيين لتحتل مكاناً بارزاً
في الإعلام المصري، وبصورة يومية، خصوصاً مع تزايد الأحداث المشبوهة في سيناء. أما
إسرائيل فتواصل من جهتها تسخين الأجواء من خلال ما يبدو أنه تهيئة للرأي العام
لعدوان آخر على غزة، لكنه هذه المرة إن حصل سيكون امتداداً للانقلاب العسكري
الدموي في مصر، في ظلّ اطمئنانها إلى أن النظام الحالي في مصر لن ينحاز لغزة ولا
للمقاومة، وفي ظلّ انتكاسة غير متوقعة للربيع العربي الذي كان الفلسطينيون ينتظرون
جني ثماره سريعاً وانعكاساته بالإيجاب على القضية الفلسطينية!
في عدوان 2008، قلنا إن وضعاً
يكون فيه ظهر غزة للجدار يعني أن تستبسل مقاومتها أكثر وحتى آخر نفس إذا ما فُرضت
عليها أية معركة مصيرية، واليوم نكرر الأمر ذاته، مع إضافة أن الزّمن تغيّر، وأن
شوكة المقاومة باتت أكثر متانة وتجذّرا، وأن آليات تحدّي الحصار باتت أكثر تنوّعا.
أما أولئك الذين يراهن عليهم الاحتلال لإعانته على قهر المقاومة وسواء تواجدوا في المعسكر
المصري أم الفلسطيني فإن الأمر لم يستتب لهم بعد، ولم تلن لهم جبهة الثائرين،
فمعركة الإرادات ما زالت في بدايتها!