حقوق الفلسطينيين: لا آليات تطبيقية لما أقرّ في مجلس النواب حتى الآن!
خلال السنوات الفائتة، كان نضال المجتمع المدني الفلسطيني، على اختلاف أساليبه، يؤول إلى مضمون واحد: المطالبة بإقرار الحقوق المدنية والإنسانية للاجئين الفلسطينيين.
اليوم، يعمد هذا المجتمع، عن قصد أو عن غير قصد، إلى تنويع المضامين التي تخدم الهدف نفسه، فتنظم ورش العمل التعريفية بواقع الفلسطينيين، وتعرض مشاريع قوانين بديلة ومختلفة عن تلك التي أقرّت في المجلس النيابي، ولم تحظ بعد بمراسيم تطبيقية، كما تطلق دراسات ترسم الواقع الحقيقي للفلسطينيين في لبنان.
أمس، عرض «مركز التنمية الإنسانية» مسودة دراسة قانونية بعنوان «الفلسطينيون وتعديلات قانون العمل والضمان الاجتماعي»، أعدّها المدير العام للمركز سهيل الناطور، بتمويل من «مركز البحوث للتنمية الدولية» (كندا).
وهدفت الدراسة إلى برهنة أن تلك التعديلات لم تقدّم أي تحديد واضح لمجالات عمل الفلسطينيين، ولا سمحت بدخولهم إلى المهن النقابية، فيما لا يزال الالتباس والغموض يلفان موضوع الضمان الاجتماعي ورسومه.
وقد أصرّ المعنيون على عرض المسودة قبل إعداد الدراسة الأخيرة لإشراك أطراف من المجتمع المدني في صياغتها النهائية.
تتألف الدراسة من ثلاثة فصول، عاد الناطور في فصلها الأول إلى التعديلات القانونية السابقة التي طالت الفلسطينيين، منذ أن منع وزير العمل والشؤون الاجتماعية في العام 1963 الفلسطينيين من العمل في لبنان.وقد قدرت نسبتهم بستة في المئة من العمال اللبنانيين، على اعتبار أنهم «يشكلون منافسة شديدة للبنانيين»! ثم عادت الحكومة اللبنانية عن القرار في العام 1964، بإصدارها مرسوماً ينظّم عمل الأجانب، واعتبر الفلسطينيون من ضمنهم.وقد لفت الناطور إلى أن الوزراء كانوا يعمدون سنة بعد سنة إلى زيادة أنواع المهن على لائحة المحظورات، حتى أضحى عددها 73 مهنة.
وأفرد الباحث الفصل الثاني للحديث عن «مسيرة التعديلات القانونية في العمل والضمان الاجتماعي»، فاعتبر أن تقدّم «الحزب التقدمي الاشتراكي» بأربعة مشاريع قوانين أمام المجلس النيابي، «خطوة إيجابية لا سيما أنها آتية من الداخل اللبناني. وفعلياً، لم يصر إلى الحديث عن اللاجئين الفلسطينيين ولو لمرة واحدة، على اعتبار وضعهم الخاص، الا حين عدّل قانون التملك ومنعوا من امتلاك أي عينية عقارية في لبنان».لكنه لفت إلى أن لجنة الإدارة والعدل التي درست مشاريع القوانين، اعتمدت المقدم إليها بحسب التسلسل الزمني، بدلاً من أن تدرس كل المشاريع المقدمة إليها، لا سيما من قبل «الحزب السوري القومي الاجتماعي» و»تيار المستقبل» بالتضامن مع «حزب القوات اللبنانية».
وفي الفصل الثالث، تناول الناطور فهم المعطيات وتحليلها، فاعتبر أن المعضلة الأولى تكمن في فهم الأرقام تحديداً، لا سيما لجهة عدد الفلسطينيين، ونسبة العاملين من بينهم.ولفت إلى أنه كان من الأجدى حلّ معضلة الفلسطينيين غير المسجلين.
وبالأرقام، أشار الباحث إلى أن وجود ستين محاميا مسجلا في «الاتحاد العام للحقوقيين الفلسطينيين»، لكن «أكثر من نصفهم في الخارج».كما يعمل 250 طبيباً في مستوصفات «الأونروا» ومع «الهلال الأحمر الفلسطيني»، بينما يتعاون آخرون لإنشاء عيادات مشتركة.ولا صيادلة بين الفلسطينيين، بينما يصل عدد أطباء الأسنان إلى 150، وعدد المهندسين إلى 400، معظمهم لا يعملون.ويبلغ عدد الممرضات والممرضين الألف، وهو عدد السكريتيرات وعاملات الطباعة.
إلى ذلك، أشار الناطور إلى أن عدد إجازات العمل الخاصة بالفلسطينيين في العام 2007 بلغت 107 إجازات، منها 102 مجددة وثلاث جديدة.وتراجعت الرقم إلى 79 إجازة في العام 2008، منها 78 مجددة وواحدة جديدة، ليبلغ عدد الإجازات في العام 2009، 66 إجازة جميعها مجدّد.
في الخلاصة التي ختم فيها الناطور دراسته، اعتبر أن اللبناني، حين صاغ مشاريع القوانين، لم يتواصل مع الجهات الفلسطينية للوقوف على مطالبهم الحقيقية لجهة العمل والتملك وغيرها.. .«ولو أن ما أقر خطوة في المسار الصحيح».ولحظ أن تحديد المهن ما زال غائباً كما آلية تسيير الحساب الخاص بالفلسطينيين في الصندوق الوطني للضمان، لا سيما أن الفلسطيني حرم من الضمان الاجتماعي واكتفى المشرع اللبناني بإعطائه الحق بتعويض نهاية الخدمة.وأكثر من ذلك، إذ لم يصر بعد إلى وضع المراسيم أو الآليات التطبيقية لما أقرّه المجلس النيابي منذ أشهر!
يذكر أن الدراسة أطلقت برعاية وزير الإعلام طارق متري الذي أشار في مستهل اللقاء الى أنه «علينا أن نعمل على تغيير مقاربة الموضوع الفلسطيني من منظار الخوف من التوطين، وذلك على الصعيد السياسي.اما على الصعيد الإعلامي فيجب الاستمرار بتنقية الذاكرة مما أصابها من تشوهات وجراح».واعتبر أنه على المعنيين البرهان ان تقديم فرص عمل للفلسطينيين لا يؤثر على عمل اللبنانيين.
وقد سأل ممثل «منظمة التحرير الفلسطينية» السفير عبد الله عبد الله: «كيف يمكن لأقل من مئة محام مسجلين في «اتحاد الحقوقيين الفلسطينيين» أن يؤثروا في عمل أو نقابة المحامين اللبنانيين وهي تضم حوالى ثلاثين ألفاً؟».واستند إلى دراسة «الأونروا» حول الأوضاع المعيشية للفلسطينيين ليشير إلى أن نسبة 66،4 في المئة تعيش تحت خط الفقر، ونسبة 95 في المئة لا تتمتع بضمان صحي، وهي مسائل مرتبطة بالعامل الاقتصادي المرتبط بدوره بحق العمل.
وقد اعتبرت رولا الرفاعي من «مركز البحوث للتنمية الدولية»، أن دراسة الناطور تتكامل ودراسات أخرى، «وهي لا بدّ أن تقدّم صورة صحيحة وواقعية عن اللاجئين الفلسطينيين إلى لبنان.
مادونا سمعان، السفير