القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الإثنين 25 تشرين الثاني 2024

حق العودة إيمان راسخ وواقع مؤلم..!!

حق العودة إيمان راسخ وواقع مؤلم..!!

بقلم: عودة عريقات

منذ النكبة سنوات عديدة مضت والانتظار سيد الموقف ومع بداية كل عام جديد يتجدد الأمل المدعوم بالإيمان في القلوب بالوعد الرباني الأتي بتحرير البلاد المقدسة من الغزاة والمحتلين الذين ارتكبوا أفظع الجرائم ضد البشر والشجر والحجر وتخليص أولى القبلتين وثالث الحرمين وأرض المحشر والمنشر ومسرى ومعراج رسول الله من الاحتلال البغيض.

حيث بات حق العودة قناعة مقدسة وإيمان كبير في ضمير وقلب ووجدان الشعب الفلسطيني ولا يستطيع أحد مهما على شأنه في السياسة والقيادة سواء كان عربي أو غربي إلغاء هذا الحق أو إنقاصه فهو يتعلق بمصير ومستقبل عدة ملايين من الفلسطينيين المشتتين في بقاع الأرض والذين تم تهجيرهم وتهجير آبائهم وأجدادهم من ديارهم فلسطين في نكبة عام 1948م وهو أهم وأصعب عناوين الثوابت الفلسطينية لأن العودة تعني انتهاء الاغتصاب والاحتلال وتعني أيضا الحرية،

ويعطل تنفيذ هذا الحق واقع مرير ومؤلم للقضية العربية المركزية منذ القرن الماضي حيث الظروف العربية السيئة وأيضا الظروف الدولية السائدة وخاصة بعد التوجه الفلسطيني للأمم المتحدة للتصويت في مجلس الأمن الدولي لقبول دولة فلسطين عضو فيه بحدود عام 1967 وانكشاف اللثام الأمريكي بصورة جلية عن الحقيقة وذلك بإعلان المعارضة الأمريكية الصريحة لهذا القبول بالإضافة إلى الرؤيا التي أوضحها الرئيس الأمريكي ووزيرة خارجيته من خلال خطاباتهم وتصريحاتهم السابقة وخططهم المعادية للشعب الفلسطيني والمناصرة للاحتلال الإسرائيلي.

واختصرت الرؤية الأمريكية في عدة نقاط وهي قيام الدولة على حدود 1967، والقدس عاصمة لدولتين، وإلغاء حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وتقبل الوقائع الإحتلالية على الأراضي الفلسطينية ومراعاة الاحتياجات الأمنية الإسرائيلية بالإضافة لفكرة تبادل الأراضي وحتى هذه الرؤيا الأمريكية للحل والمحددة والضيقة لن تبقى في ظل استمرار المماطلة الإسرائيلية وتهويد الأماكن الفلسطينية الذي ما زال جار على قدم وساق.

وقيام الدولة على حدود عام 1967 والقدس عاصمة لدولتين فهي عناوين للترغيب والقبول الفلسطيني ولكنها وفقا للنقاط اللاحقة فهي فارغة من المضمون ولا تحقق الرؤيا الفلسطينية لقيام الدولة الفلسطينية.

وبخصوص الاحتياجات الأمنية فهي مطاطة لا سقف محدد لها، وهناك شروط إسرائيلية متعددة توضع لهذا الغرض ووفقا لهذه الاحتياجات فإن لإسرائيل الحرية في إنشاء مناطق متعددة عازلة ومنزوعة السلاح وأيضا الوصول لأي بقعة في العالم للقصف الجوي والاغتيال والاختطاف بدعوى حماية أمنها.

أما تقبل الوقائع التي خلفها الاحتلال على الأراضي الفلسطينية المحتلة فهي مخيفة فهي إجراءات تهويد عملية للهوية الفلسطينية والعربية والإسلامية في القدس والتراث الفلسطيني والاستيلاء على نسبة كبيرة من أراضي الضفة الفلسطينية المحتلة وبناء المستعمرات الاستيطانية عليها وبقاء جيش الاحتلال على الحدود بين فلسطين والأردن.

أما بخصوص فكرة تبادل الأراضي أو ربما تبادل السكان أيضا ورغم التكهنات وبعض التفسيرات فهي تبقى غامضة وملغومة ولا تفاصيل دقيقة معروفة لعامة الشعب الفلسطيني حولها والفكرة بحد ذاتها خطيرة وفكرة التبادل تم صدور فتوى دينية من فلسطين بتحريمها.

ويثبت خطورتها ما ورد في الصحافة أن وزير الخارجية الإسرائيلي ليبرمان كرر موقفه بأن حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ليس ممكنا في السنوات المقبلة وأنه يجب تكريس هذه السنوات لإدارة الصراع وليس حله وكرر رؤية حزبه القائلة بأن الحل النهائي للصراع يجب أن يشمل تبادل سكان مع الدولة الفلسطينية.

وقال أيضا أن الحكومة الإسرائيلية ملزمة الآن حسم قضية العرب داخل إسرائيل وأي اتفاق في القضية الفلسطينية لا يتضمن العرب في إسرائيل سيكون انتحارا جماعيا لنا.

أما حق العودة فهو موضوع شائك وحساس ومن يخوض بالحديث فيه كالذي يسير بين الأشواك لا يسلم من لسعتها ولكن الضرورة تبيح المحظورة أحيانا لقول الحقيقة المعاشة التي لا يستطيع أن ينكرها أحد وبسبب ما يسمعه ويشاهده المواطن العربي من تناقضات في الأقوال والمواقف وما ينتج عنها من هرج ومرج وخلط الحابل بالنابل وإضفاء جو من البلبلة على الفكر العام واختلاف العقل والقلب في تأييد المواقف وفقا للاستعداد الذهني للشخص ومواقفه المسبقة المهيأ لها ولذلك لا مفر من التطرق لحق العودة المحفوظ في الضمير والوجدان فهو يشكل ركيزة أساسية من مجموعة الثوابت الوطنية الفلسطينية والتي تشكل عنوان القضية.

ولا يعقل أن من عانوا من عذاب اللجوء ومن عانوا من ظلم وقهر الاحتلال وأيضا كل المؤمنون بحق العودة وعدالة القضية الفلسطينية أن يكون لديهم شك في تحقيق هذا الأمر يوما ما بأيدي الأجيال القادمة ولكن يبقى الإيمان المتأصل والراسخ والأمل في تحقيق الوعد الرباني مزروعا في العقول والقلوب وما بين التمني والحلم والإيمان بتحقيق العدالة على الأرض وبين الواقع السياسي المر والمؤلم والإمكانية العاجزة التي تنتاب الأمة اليوم مسافة شاسعة وكبيرة.

ولذلك أرى من السذاجة أن يعول أحد ما على كرم المحتلين لبلادنا لكي يرأفوا بحالنا ويقبلوا بعودة لاجيء فلسطيني واحد أو أكثر إلى بلدته ومدينته وزرعه وبيته التي هجروه منها بالقوة والبطش والمجازر من قبل فرقهم الصهيونية فرق عصابات القتل العسكرية المدعومة من قبل قوات الاستعمار البريطاني وما رافق ذلك من تخاذل قسم من الأمة الكبيرة في عام النكبة 1948م.

وسواء كان ذلك من خلال تفاهمات أو مفاوضات أو صفقات أو اتفاقات لتحقيق السلام العادل والذي لن يتحقق في ظروفنا الحالية هذه وخاصة في ظل ظروف الأمة الصعبة والتي تمر بها اليوم دول عربية متعددة وأيضا لعدم رغبة المحتلين لفلسطين تحقيق السلام العادل المطلوب.

وما جرى من حوارات ولقاءات حتى الآن كان للأسف لجس النبض والمناورة وتضييع الوقت من قبل الإسرائيليين ولقد أثبت الفلسطينيون للعالم أن هناك شريك فلسطيني لعملية السلام يقبل بقرارات الشرعة الدولية ويتوق لتحقيق السلام العادل.

وما ورد في الرؤية الأمريكية لقيام الدولة الفلسطينية المذكورة آنفا والمزمع تسويقها على العالم بعد بلورتها ودراستها ومشاورة الأطراف المعنية والدولية وإقناع الفلسطينيين بالرجوع للمفاوضات الثنائية يؤكد القناعة المسبقة للإسرائيليين والأمريكان بإلغاء حق العودة ومنع تحقيقه وهذا الأمر يظهر جليا دون أي لبس لحقيقة الموقف الأمريكي والإسرائيلي من حق العودة وما جرى من مفاوضات ومباحثات حتى الآن هو من باب خداع الفلسطينيين ولذر الرماد في العيون.

ومر على النكبة سنوات متلاحقة طويلة والطفل الذي ولد خلال أحداثها أو حتى بعدها دخل سن الشيخوخة منذ زمن وأصبح جدا يجتر الذكريات واللاجئون ينتظرون الخلاص والتحرير والعودة لأن حق العودة ورمزه المفتاح مفتاح المنزل الذي هجره اللاجئ الفلسطيني مرغما لن يتحقق بسهولة أبدا فكل فلسطيني يعيش بالشتات اليوم يقابله يهودي صهيوني يعيش على أرض فلسطين التاريخية ولو قلنا أن هناك أكثر من ستة ملايين فلسطيني ينتظرون العودة فإن هناك أكثر من ستة ملايين يهودي يقيمون في فلسطين.

ولهذا فإن اليهود ينظرون لحق العودة كخطر كبير يهدد وجودهم لأنه وفقا لرؤيتهم يتناقض مع وجودهم ولهذا فإنهم ينظرون لأمر العودة بصورة جدية على أنه صراع بقاء وحتى النازحين الذين نزحوا في حرب عام 1967 حيث يرى اليهود خطرا في عودتهم إلى الضفة الغربية وهذا الخطر هو من جملة أسباب الهجمة الاستعمارية الاستيطانية الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس لكي لا يبقى أرضا تفي بمتطلبات العودة للاجئين والنازحين ولا تفي بالزيادة السكانية الناتجة عن التكاثر الطبيعي للمواطنين الفلسطينيين.

وعلى سبيل المثال جدلا فإن عودة مليون لاجئ فلسطيني إلى بلداتهم وقراهم ومدنهم في حدود عام 1948 تعني لليهود وجوب خروج مليون يهودي من فلسطين المحتلة لإخلاء المكان لأصحاب الأرض والقضية وخاصة في ظل الهجرة اليهودية المستمرة إلى فلسطين وتزايد عدد السكان المستمر وهذا أمر صعب المنال في ظروف العرب والفلسطينيين الحالية والتي تتصف بالضعف العام فهم لا يملكون القوة اللازمة والاستعداد التنظيمي والقرار المستند للقوة لآلية تنفيذ حق العودة بالقوة أو بالسلام المستند لتوازن القوى وخاصة في ظل وجود قطب دولي وحيد يدعم التوجهات والرغبات الإسرائيلية وغالبية من العرب يستظلون بجناحه.

ومن جهة أخرى لو افترضنا على سبيل المثال أن المحتلين سمحوا من خلال إطار التفاهمات والمفاوضات للسلام الموعود بالعودة للاجئين بغض النظر عن العدد المسموح له بالعودة فهل سيقبل العائدون العودة إلى الضفة الغربية وغزة وإذا سمح لهم بالعودة إلى داخل الخط الأخضر (حدود عام 1948) فهل سيقبلون الجنسية الإسرائيلية والسكن في مناطق أخرى غير بلداتهم التي تم تهجيرهم منها لأن كثيرا من البلدات الفلسطينية والبيوت أزيلت عن الخارطة واستبدلت بمواقع إسرائيلية وتم شق الطرق الكبيرة في أراضي وتجمعات البيوت الفلسطينية وتم تغيير معالم البلاد والسكان بصورة جذرية.

وإن حصل ذلك فهذا يخالف ما رسمه اللاجئ الفلسطيني في ذهنه من صور بهيجة لحق العودة فهو إن قبل فإنه سيكون إسرائيليا وفقا لقانون الجنسية الإسرائيلي ولن يعود لأرضه ومنزله التي خرج منها هو أو خرج منها آباؤه، ومنذ عام النكبة 1948 تم ربط حق العودة ورمزه المفتاح في عقول وقلوب اللاجئين وكافة الفلسطينيين بتحرير الأرض والعودة إلى بيت وحقل وبستان الآباء والأجداد مع رايات النصر ورفع العلم الوطني والعقائدي وتجديد جواز السفر الفلسطيني الذي توقف إصداره في عام النكبة والعودة لتداول الجنيه الفلسطيني كعملة وطنية متداولة.

واستمر هذا الشعور حتى الآن رغم الخيار العربي للسلام كخيار استراتيجي وحيد وبالتالي فإن العودة المجتزئة إن تحققت فرضا عن طريق المفاوضات والسلام فهي لن تعبر عن الحلم الموجود في خلجات ووجدان اللاجيء الفلسطيني الذي حلم طويلا بحقه في العودة إلى بيته وأرضه وبلده في ظل راية دولته المستقلة.

ورغم ذلك فالخيار يبقى للاجئين لكي يختاروا الوضع الذي يناسبهم وفقا للظروف والوقائع المفروضة ولا يستطيع أحد التدخل في رغبتهم وإرادتهم أو الإملاء عليهم ما يفعلوه ويختاروه.

ومنذ عام 1967 وفلسطين محتلة من النهر إلى البحر ومحاصرة وسلطان المحتل الغاصب يسري على طولها وعرضها وفي كل يوم تشرق فيه الشمس على فلسطين المحتلة هناك شهيد وجريح ومعتقل فلسطيني يؤخذ عنوة من بيته ومن بين أطفاله وذويه وأنين بشر وشجر وحجر وما يجري من أحداث يعيشها الشعب الفلسطيني كل يوم تتمثل بإجراءات الاحتلال البغيضة وما يرافقها من قهر وظلم هو حقيقة جاثمة على كاهل الشعب الفلسطيني وليس ضربا من ضروب الخيال.

ولذلك لا يقع لوم على أفراد الشعب الصامد في وطنه وحده والعالق بين مطرقة الاحتلال وسنديان الصمود والحاجة لتذليل الصعوبات والعقبات لتهيئة الظروف المناسبة والتمكين من حق العودة وذلك من خلال ما يطرح من آراء مختلفة على الفضائيات والصحف الورقية والالكترونية والإذاعات لأن ما يتوقون إليه شيء وهو يمثل رغبة إنسانية تمثل حق مشروع للاجئين الفلسطينيين بالعودة وبين الواقع المرير والمؤلم الذي تمر به القضية والشعب الفلسطيني على أرض وطنه وهو مغلف بالضعف وغياب الأفق الحقيقي للفرج المنشود.

ومفاوضات السلام الفلسطينية الإسرائيلية السابقة ورغم فشلها وعجزها عن تحقيق أي انجاز ملموس حتى الآن حول المسائل المهمة إلا أن لها من وجهة نظر البعض رمزية تعبر عن قناة حوار تلتقي مع خيار العرب الوحيد للسلام والتي تحول دون خيار أو إجبار الفلسطينيين للهجرة من الوطن بسبب ما يفرضه المحتل يوميا وفقا لمخططات رهيبة وما تمثله من مضايقات وتعسف وترهيب وقتل ومصادرة وقطع أرزاق وممارسات إحتلالية متعددة تنكيلا وتنكيدا على المواطن الفلسطيني تفقد الحليم صبره وأيضا بسبب الزيادة في الحاجة المعيشية والطلب الناتجة عن الزيادة الطبيعية في عدد المواطنين الفلسطينيين.

وفي ظل انعدام الاستعداد والرغبة لدى معظم الدول العربية المحيطة بفلسطين لمحاربة إسرائيل بسبب ظروف متعددة وبسبب معاهدات السلام المعقودة أ والاتفاقيات والتحالف مع الغرب و بسبب عدم تحقيق التوازن الإستراتيجي اللازم للحرب.

وأيضا بسبب غياب الظهير الفاعل للمقاومة الفلسطينية في الأرض المحتلة وبسبب الهيمنة الإسرائيلية الكاملة فإن المفاوضات من وجهة نظر قسم غير قليل من رجال السياسة العرب والفلسطينيين تبقى كخيار سياسي لنفي المزاعم الإسرائيلية بغياب الشريك الفلسطيني للسلام.

وأيضا من وجهة نظر أخرى لاستمرار الدعم السياسي المعنوي والمادي من قبل قسم كبير من الغرب للسلطة الوطنية الفلسطينية لأن الغرب ومعظم العرب خيارهم الوحيد هو السلام بواسطة المفاوضات التي لم تثمر حتى الآن وهي متعثرة وتمثل عملية الحوار الوحيدة المتوفرة مع المحتلين لمتابعة ملف القضية الفلسطينية ومتابعة الحياة اليومية الفلسطينية. لأن غياب المقاومة الجدية الفاعلة وغياب المفاوضات تعني شلل وجمود يعيق ويغيب أفق حل القضية بسبب استمرار المحتل في تنفيذ مخططاته لتهويد بقية الأراضي والأماكن الفلسطينية،

ولذلك التعويل على شعب الأرض المحتلة بمفرده فقط لتحرير البلاد من الاحتلال بالسلام أو المقاومة هو أمر صعب لأن الجندي الإسرائيلي هو المستعمر وهو المستوطن الذي يحارب ويقمع المواطن الفلسطيني وتقيم عائلته على بعد عشرات أو مئات الأمتار من منزل المواطن الفلسطيني فالصراع برأي الإسرائيليين الصهاينة هو صراع بقاء إما الموت والانتهاء أو القتل والبقاء ولذلك يتشددون في ردة فعلهم وقمعهم.

والدولة العبرية تملك القوة العسكرية والاقتصادية والتنظيمية وهي حليفة لأقوى دولة في العالم وسفنها وطائراتها الحربية تجول في البحار المحيطة بالعرب وبالفضاء العربي وما هي القوة الفلسطينية أمامها وخاصة في ظل التشرذم والضعف العربي وتقبل قسم من الأنظمة العربية للرؤيا السياسية المفروضة من قبل أميركا حليف إسرائيل الإستراتيجي.

وأيضا اليوم فلكل قطر عربي شأن يغنيه ويشغله عن القضية الفلسطينية فهناك صراع قائم بين بعض الشعوب وأنظمتها ومكائد ودسائس وتحالف مع الخصوم من قبل أنظمة ضد أنظمة أخرى والتي لم تعد القضية الفلسطينية أولوية لمعظمهم في ظروفهم الصعبة الحالية.

ولهذا فإن تحميل فشل أمة بأكملها في تحرير فلسطين وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين المنتظرين للعودة منذ النصف الأول للقرن الماضي إلى شخص أو مجموعة أشخاص لا حول لهم ولا قوة أو تحميله لسلطة ضعيفة أو جهة معينة واحدة ووفقا لمنظور ضعف الأمة القائم اليوم هو استهتار بالعقل العربي وبعيدا عن الواقع ويعبر عن ضعف في الرؤيا لقائله ومصدره.

وإذا توفرت الرغبة لدى الأمة الكبيرة لإعادة شأنها بين الأمم بالولوج لمصادر القوة والعزة لإعادة الكرامة العربية والإسلامية المسلوبة منذ عام 1948م فلن يعيقها أي علاقات أو اتفاقات أو تفاهمات أو حوارات أو معاهدات دولية.

ووفقا للرؤيا الأيدولوجية الإسرائيلية النافية لحقوق العرب والمسلمين والفلسطينيين في أرض وبلاد فلسطين وانسجاما مع عجز الأمة الظاهر عن فعل اللازم المطلوب منها ومن منطلق الحقيقة المرة المعاشة فإن كل من يرغب بالعودة إلى فلسطين التاريخية من اللاجئين في ظل المعطيات الحالية القائمة فإنه بحاجة لكي يركب صاروخا عابرا ليحط به على البلد الفلسطينية التي يختارها.

ومن تصريحات رئيس وزراء إسرائيل السابقة وكانت ممزوجة باستهزاء أنه وفقا للتوجهات الفلسطينية فإنه سيكون هناك دولتان لفلسطين واحدة في حدود عام 1967 والأخرى في الداخل وفقا لطلب تنفيذ حق العودة وهذا وفقا لرؤيته يتعارض مع المخططات الصهيونية ويسبب خللا في توازن العامل الديموغرافي لصالح الفلسطينيين وأيضا مع استمرار وجود إسرائيل.

بالإضافة لإصرار نتنياهو على الطلب المتواصل من الفلسطينيين الاعتراف بيهودية الدولة رغم الرفض الواضح والقاطع الذي أعلنته السلطة الوطنية الفلسطينية لهذا الطلب لأن هذا الاعتراف يحمل في طياته تبعات خطيرة تؤدي إلى طرد العرب الفلسطينيين من الداخل المحتل عام 1948 أو من خلال إجراء عملية تبادل سكان بينهم وبين المستعمرين في الضفة الغربية الفلسطينية وأيضا تعني إلغاء ضمني لقرار حق العودة رقم (194) إلى داخل المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1948 إن جرى هذا الاعتراف.

ورغم أن الحقيقة مرة تؤلم النفس لكنها تبقى حقيقة ولا مفر من البوح بها وربما لا يرغب قسم من الناس سماعها لكي لا يحبط ولكنها يجب أن تكون محفزة لفض الاختلاف والاشتباك والاستناد على أرض صلبة واضحة المعالم بتحقيق المصالحة والوحدة دون تأخير وبناء القوة اللازمة لرد الكرامة والأرض العربية الإسلامية الفلسطينية المسلوبة.

ولذلك ما لم نترك القول ونتجه للفعل الحقيقي والذي يجب أن نبدأه بفك الخصام والاشتباك بين كل الأطراف المتشابكة والسير بخطوات حثيثة على طريق الوحدة لأن في الاتحاد قوة والبيعة يجب أن تكون لله والوطن وهذا أمر أولى إتباعه ومقدما على الأحزاب والأشخاص والمصالح وإلا فإننا سنبقى مكاننا نرى مأساتنا ومع ذلك نتجادل ونتألم فقط ولهذا يجب الانتقال لمرحلة العمل الجدي المنتج وتغيير وتعديل وتصويب الفكر والنظر إلى الصراع بصورة جدية وتجديد وابتكار الوسائل اللازمة لبلوغ الهدف.

وعلى رأي شاعر الحكمة المتنبي رحمه الله: (إذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الأجسام)

والعودة بحاجة لعمل جدي جماعي عربي وإسلامي موحد ومخلص والرجوع لتعاليم الدستور الإلهي. ويقول المصطفى عليه أفضل الصلاة والتسليم في حديثه الصحيح (لن تقوم الساعة حتى تحاربوا يهود أنتم شرقي النهر وهم غربيه).

المصدر: شبكة الانترنت للإعلام العربي