القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

حق العودة بين هولاند وعباس

حق العودة بين هولاند وعباس

بقلم: معتصم حمادة

هل يمكن احترام الشرعية الدولية بمعزل عن احترامنا لقراراتها؟

وهل يمكن لنا أن نكون ديمقراطيين دون أن نطالب الآخرين بأن يكونوا هم أيضاً ديمقراطيين، ودون أن نضع مسافة بيننا وبين الأنظمة غير الديمقراطية ودون أن نشجع الآخرين على سلوك المسلك الديمقراطي؟

وهل يمكن لنا أن نكون علمانيين، وأن نؤيد في الوقت نفسه قيام أنظمة خلفيتها دينية، تميز بين مواطنيها على أسس طائفية ومذهبية؟

كل هذه الأسئلة راودتني وأنا أتابع وقائع المؤتمر الصحفي للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في رام الله، مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس؟

هولاند انتقد الاستيطان فقط لأنه يعرقل عملية السلام، ولم تنتقده لأنه غير شرعي، وتقوم على خلفية استعمارية، إحلالية، تقضي بسرقة الأرض من أصحابها، ومنحها للمهاجرين الجدد والذين كل ما يتميزون به أنهم مجرد مهاجرين يهود لا أكثر.

هولاند وفي معرض انتقاده للاستيطان قدم معادلة غريبة عجيبة للرئيس عباس، تقضي بوقف الاستيطان مقابل التنازل عن حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى منازلهم وأملاكهم التي هجروا منها منذ العام 1948.

هولاند دعا إلى حل قضية اللاجئين بطريقة غير ديمقراطية حين طالب بآلية للتعويض عليهم، أي لحرمانهم من حقهم في العودة مقابل تعويضات مالية. ترى أية تعويضات، مهما كانت سخية تساوي الوطن وأرضه، وحق العودة إليه.

هولاند عندما أنهى زيارته إلى المنطقة إلى أين عاد؟ عاد إلى بيته في فرنسا، فكيف يحق له؟ هو المواطن الفرنسي أن يعود إلى بيته في فرنسا، ويريد في الوقت نفسه أن يحرم الفلسطيني المهجر، واللاجئ من حقه في العودة إلى بيته في فلسطين.

ترى ماذا سيفعل هولاند لو أن الغزاة اعتدوا على فرنسا، وعملوا على تهجير سكانها ليحلوا هم محلهم.

ألم تقاتل فرنسا الغزو والاحتلال الألماني النازي في الحرب العالمية الثانية حرصاً على حريتها وحرية شعبها، وحرصاً على بقاء الفرنسي في بيته آمناً ومستقراً يتمتع بحرية العيش تحت العلم الفرنسي.

لماذا يريد هولاند الاشتراكي (والاشتراكية تعني العدالة والديمقراطية أولاً ومثل كل شيء) حلولاً غير عادلة وغير ديمقراطية لقضية اللاجئين ؟

لماذا يريد أن يكافئ اللص الصهيوني على ما سرقه منا، بأن يطلب منه التوقف عن سرقة ما تبقى من الأرض الفلسطينية بالاستيطان، مقابل أن نعترف له بحقه (المزعوم) بالأرض التي سرقها منا واغتصبها بالقوة منذ العام 1948.ه لقضية اللاجئين الفلسطينيين يصب في صالح دعوة هولاند نفسه، ففكرة الحل العادل والمتفق عليه هي بالأساس فكرة أطلقها عام 1993 شمعون بيريس في كتابه الشهير "زمن السلام” والذي تُرجم إلى العربية تحت عنوان "الشرق الأوسط الجديد”.

بيريس يريد أن يستتب السلام على قاعدة تخلي اللاجئين الفلسطينيين عن حقهم في العودة، وبيريس يريد أن يستتب السلام وأن تستتب العدالة على أساس حرمان اللاجئ الفلسطيني من العودة إلى منزله الذي هجر منه.

وبيريس يريد أن يقوم الشرق الأوسط الحرية على قاعدة إلحاق الظلم بالإنسان الفلسطيني.

وهذا ما يريده أيضاً فرانسوا هولاند رئيس الجمهورية الفرنسية.

وعلى قاعدة هذا الحل، صمت الرئيس عباس واكتفى بالاختباء خلف الساتر الكرتوني لمبادرة السلام العربية، ولم يشهر سيف الحق والعدالة، حق العودة إلى المنازل والممتلكات التي هُجر منها الفلسطينيون، لأنه هكذا وهكذا فقط، يستتب السلام والأمن في فلسطين.