"حماس" المنكفئة
تتلقّى الضربات تباعاً: عالجنا ملفّاتنا مع لبنان "بالتي هي أحسن"
بقلم: إبراهيم بيرم
تبدو حركة
"حماس" في الآونة الأخيرة، في وضع المنكفئ والذي "يداري" ضربات
عدة يتلقاها من أكثر من جهة، اذ ليس بالقليل ذاك "الاختبار" القاسي الذي
تمر به هذه الحركة الجهادية منذ ظهور ما صار يعرف بـ"الربيع العربي" واندلاع
الاحداث على الساحة السورية وتطورات الوضع في الساحة المصرية بعد السقوط المدوي لتجربة
الاسلام السياسي الذي تنتمي اليه، وخروج "الاخوان المسلمين" من السلطة بعد
أقل من عام على بلوغهم سدتها في عاصمة أكبر دولة عربية.
"رحلة"
رهانات وحسابات طويلة أخذت هذه الحركة التي نجحت ذات يوم في منافسة أعرق الحركات والفصائل
الفلسطينية في فلسطين، وقد دخلت في الأشهر القليلة الماضية طور إعادة البحث الجدي عن
مخارج تعيدها الى موقع مختلف يؤمن لها قدراً من التوازن.
في الساحة اللبنانية،
تبدو الحركة في وضع المطمئن الى أمرين معاً: الأول، العلاقة الجيدة مع كل الاطراف والقوى
على ضفتي الاصطفاف السياسي. والثاني، أن ثمة عودة الى مرحلة "تطبيع" العلاقة
بين الفلسطينيين والسلطة، في اعقاب موجة الضجيج الأمني والاعلامي والسياسي التي أثيرت
مع قضية دخول شادي المولوي الى مخيم عين الحلوة، وإصرار السلطات المعنية على القبض
عليه بعد الاشتباه في ضلوعه بقيادة عمليات ارهابية من المخيم.
ويقول القيادي
في "حماس" رأفت مُرّة ان "لا مصلحة لنا كفلسطينيين في أي توتير لعلاقتنا
مع لبنان دولة وقوى ومحيطاً. ونحن حرصاء على هذا الأمر وبذلنا وما زلنا جهوداً في سبيل
هذه الغاية".
ويضيف: "نعتقد
ان قضية المولوي تراجع الحديث عنها لاعتبارات عدة أبرزها:
- اننا تعاونا
مع السلطات اللبنانية الى أقصى الحدود.
- أن العديد من
المسؤولين اللبنانيين تراجعوا عن كثير من النقاط التي اثاروها حول هذه القضية بعدما
بلغتهم وقائع تؤكد انهم كانوا مشتبهين.
- نحن والجانب
اللبناني اقتنعنا بضرورة ابقاء التخاطب والمعالجة بعيدة من الاعلام وفي اطار المعالجة
الهادئة.
- وفي الخلاصة،
لا نحن ولا الجانب اللبناني في وارد التصعيد وأخذ الأمور الى مرحلة التشنج، فالجانب
اللبناني لديه ما يكفيه من المشاكل والقضايا الملحة، ومنها على سبيل المثال مواجهة
الارهاب، والحرص على ابقاء لبنان آمناً في محيط متوتر، ونحن كذلك اتخذنا قراراً بعدم
العودة الى أي نهج سابق يثير قلق اللبنانيين وهواجسهم ويجعل وجودنا عبئاً ومشكلة، واتخذنا
أيضاً قراراً بالتركيز على قضايانا ومنها مسألة العودة والحقوق المدنية، أي أننا اقنعنا
الجميع بأن لا مشروع سياسياً أو أمنياً خاصاً بنا ولسنا منحازين الى أي طرف في لبنان.
وبناء على كل هذه
المعطيات والوقائع أزيحت قضية المولوي عن الواجهة، وبدأنا العمل على خطين: الأول الالتقاء
مع المسؤولين والبحث في الملفات وتعزيز ثقة المحيط بنا.
والى جانب لقاءاتنا
المستمرة مع المسؤول عن مخابرات الجيش العميد علي شحرور كانت لنا لقاءات مع رئيس لجنة
العلاقات الفلسطينية – اللبنانية الوزير السابق حسن منيمنة وبحثنا معه الشروع في خطوات
اجرائية منها معالجة مذكرات القبض على فلسطينيين بتهم عادية مثل اطلاق النار، وبحثنا
أيضاً مسألة تعزيز قضايا الصحة والاستشفاء والتعليم والخدمات في المخيم.
وعلى الخط الثاني
طلبنا من شبابنا في مخيم عين الحلوة التواصل مع المحيط ودعوة مجموعات وافراد لزيارة
المخيم بهدف تبديد الصورة المكونة عنه وكأنه حالة مرعبة وخارجة عن القانون وانه مأوى
للمطلوبين".
وفي جانب آخر يقر
مُرّة بأن "الاوضاع في الاقليم تضغط على حركة "حماس" وتضيّق عليها،
وخصوصاً ان كل المعطيات المتوافرة تشير الى أن الأوضاع المأسوية والمتفجرة ودورة العنف
المتصاعد ممتدة الى أجل غير محدد، ومع ذلك فنحن في الحركة نرى ان ثمة حراكاً غير عادي
بحثاً عن مخارج او ما من شأنه ان يحدث تحولات في واقع الحال المرير".
ولا يفوت مُرّة
ان يتحدث عن حكم القضاء المصري الأخير بوضع الحركة على لائحة المنظمات الارهابية وذلك
بعد وضع الجناح العسكري للحركة (كتائب القسام) على اللائحة نفسها، ويقول: "الحركة
لم تتبلغ رسمياً بعد، ونحن سمعنا به عبر وسائل الاعلام، ولكننا نأسف لهذا التصرف ونرى
فيه اساءة لكل الشعب الفلسطيني ولمقاومة هذا الشعب وكل رحلة نضاله الطويلة. وبالاجمال
نعتبر ان هذا التوجه يعكس بشكل من الاشكال المأزق الذي يتخبط به النظام في القاهرة،
بل هو احدى المحاولات للهروب من هذا المازق والتغطية عليه، خصوصاً في الآونة الأخيرة،
ولا سيما بعد دخول هذا النظام طرفاً في الأزمة اللبنانية، فضلاً عن ان القرار بحق حماس
هو أحدى الفواتير التي يقدمها نظام السيسي لارضاء اسرائيل من جهة وبهدف الحصول على
دعم من الخارج من جهة أخرى".
وعن تطور العلاقات
مع ايران قال: "حصلت في الآونة الأخيرة لقاءات عدة على غير مستوى، ونوقشت المواضيع
في العمق، ولكن الأمور لم تصل بعد الى خواتيمها المأمولة. أما بالنسبة لزيارة رئيس
المكتب السياسي للحركة خالد مشعل الى طهران فالأمر مطروح ولكن لم يتم تحديد موعد بعد".
واذ يرفض مُرّة
التعليق على الكلام الذي سرى أخيراً عن توجه مضمر للحركة للعودة الى "محور المقاومة"
قال: "عموماً نحن حرصاء على مسألة فصل الملفات بعضها عن بعض، واذا اختلفنا على
ملف فليس بالضرورة ان يؤثر ذلك أو ينعكس على ملفات أخرى قد نتفق عليها، وليس بالضرورة
ان تهتز كل العلاقة". ونفى ان يكون هناك جديد في العلاقة مع دمشق، لكنه لفت الى
"ارتفاع مستوى المعاناة" في مخيم اليرموك بالقرب من العاصمة السورية.
المصدر: النهار