القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الخميس 28 تشرين الثاني 2024

«حماس» تتنكّب مهمة شاقة ومعقدة... فهل تنجح؟

«حماس» تتنكّب مهمة شاقة ومعقدة... فهل تنجح؟

تصويب النظرة إلى المخيمات وتطمين الخائفين منها

بقلم: ابراهيم بيرم

... أخيراً ولو بشكل متأخر بعض الشيء تصدّت حركة "حماس" في لبنان لمهمة كبرى وصعبة، هي مهمة إبعاد العامل الفلسطيني عن الواجهة كعنصر تخويف، و"قنبلة" جاهزة للانفجار، ومادة من مواد فتنة مذهبية يعدّ لها البعض الميدان لتبدأ.

انها باختصار مهمة اعادة تصويب الدور والنظرة الى قاطني المخيمات على امتداد لبنان، خصوصاً بعدما حوّل الاعلام اللبناني وغير اللبناني المخيمات المكتظة بؤراً لخلايا نائمة لـ"جبهة النصرة" وسواها من تمظهرات تنظيم "القاعدة" جاهزة للاستيقاظ والفعل لحظة يدق نفير الحاجة، لا سيما بعد احداث الساحة السورية وتوافد الآلاف من فلسطينيي سوريا الى الداخل اللبناني.

انه إذاً وضع يدعو الى الخوف والريبة، ذلك أن كل القوى اللبنانية، وفق ما يقول احد قياديي الحركة في لبنان رأفت مرة، ساهمت في رفع منسوب التوتر والقلق بعدما أدخلت في خطابها السياسي الفلسطيني في لبنان والمخيمات مادة استغلال وتحريض سياسي ضد الآخر او تخويف الآخر او التهويل عليه.

تعتبر الحركة ان لديها "مزية" تبيح لها التحرك بحرية والاضطلاع بدور افعل، لتبديد الاحتقان، وهي تتأتى من ان لها "دالة" على القوى والمنظمات والشخصيات الاسلامية الفلسطينية في المخيمات، ولها ايضاً علاقة تاريخية وثقى لا تنكرها مع "حزب الله"، فضلا عن انها رقم صعب في المعادلة الفلسطينية، اضافة الى صلتها بقوى وتنظيمات اسلامية لبنانية وازنة في الساحة. وعليه ومن موقع "جسر التقاطع والتلاقي" هذا، قررت قيادة الحركة في لبنان ان تشرع بمهمتها وهي تضع نصب عينيها ضرورة النجاح مهما كلف الامر، لأن ترك حبل الامور على غاربه يعني ازمة ومأزقاً للجميع وفي المقدمة قضية المقاومة. هذا الحراك المستجد اتى بعد تلمّس قيادة الحركة خطورة ما يجري. ويعد له:

- فثمة تصاعد للخطاب المذهبي.

- وثمة توتر داخلي على وقع الازمة في سوريا، فضلاً عن ان هناك مخاوف ومخاطر على مشروع المقاومة في المنطقة وعلى مفردات هذا المشروع واركانه، لا سيما ان ثمة من ينفخ في نار الفتنة المذهبية على نحو غير مسبوق.

وبناء على كل هذه الاعتبارات بادرت قيادة "حماس" الى التحرك ووضعت نصب عينيها بلوغ الآتي:

- تأكيد على استقرار العلاقة الفلسطينية - اللبنانية على كل الصعد.

- رفض جر المخيمات الفلسطينية الى الانقسام اللبناني.

- الاصرار على بقاء الفلسطيني في موقع الحياد الايجابي.

- وأولاً وأخيراً الحرص على مسيرة السلم الاهلي في لبنان، وسد المنافذ لدخول الفلسطيني عاملاً او عنصراً في اي فتنة مذهبية.

- وقبل ذلك كله رفض استقواء اي جهة لبنانية بأي جهة فلسطينية.

- وفي خاتمة المطاف السعي مع الساعين بدأب لمنع حصول فتنة مذهبية.

ويقول مرة: "خلال ايام قليلة قمنا بجولة لقاءات مكثفة ومثمرة شملت حركة "امل" والنائب علي عمار والجماعة الاسلامية والمدير العام لقوى الامن الداخلي اشرف ريفي ورئيس فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي العقيد عماد عثمان والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابرهيم والامين العام لتيار "المستقبل" احمد الحريري والنائبة بهية الحريري ومفتي صيدا الشيخ سليم سوسان. وعلى جدول اللقاءات لقاء قيادة "حزب الله" وقيادة الجيش لكي نستكمل دورة الاتصالات".

ويضيف: "وفي السياق ذاته كان لنا لقاء لافت مع الجماعات والحركات الاسلامية على اختلاف مسمياتها في عين الحلوة، حيث كان حوار معمّق حول اهمية عدم جر المخيمات الى اي فتن وصراعات لبنانية وضرورة الانضباط والحرص على مسيرة السلم والاستقرار في الساحة اللبنانية".

ويؤكد أن هذا التحرك "لقي تجاوباً وترحيباً من كل الاطراف السياسيين اللبنانيين، وقد ابلغنا المعنيين ان تحركنا يندرج في اطار اظهار موقف فلسطيني موحد لا سيما ان ثمة تنسيقاً مع كل الفصائل الفلسطينية وهي توافق عليه وتباركه ومستعدة للالتزام بنتائجه ومترتباته".

وأوضح مرة ان ما تقوم به حركته "ليس الا تحرك سياسي بهدف تثبيت مبادئ وفي ضوئه سنقرر ما هي الخطوات المقبلة بغية رأب الصدع".

ويشدد على "ضرورة ان يبادر الأطراف اللبنانيون الى المساعدة عبر خطوات معينة، اولها التوقف عن الاستعانة بالعناصر الفلسطينية في اعمال سياسية وفي نشاطات معينة حتى لا يكون ذلك مادة استغلال سياسي".

وعما يقال عن تحول بعض المخيمات ومنها مخيم برج البراجنة، اضافة الى مخيم عين الحلوة، مقراً لخلايا نائمة تابعة لـ"جبهة النصرة" يجيب مرة ان "هناك حملة تضخيم و"فبركة" اعلامية ضد المخيمات، وللأسف يساهم فيها معظم الافرقاء اذ يتم ضخ كمية كبيرة من الشائعات من بينها وجود مجموعات وخلايا لـ"جبهة النصرة" في مخيم برج البراجنة الذي له خصوصية ورمزية كونه على تماس وتداخل مع الضاحية الجنوبية. ونحن نؤكد مجدداً ان هذه الأخبار كاذبة ولا وجود اطلاقاً لـ"جبهة النصرة" في هذا المخيم وسواه من المخيمات، وكل كلام من هذا القبيل هو مادة للاستخدام في السجالات والمواجهات السياسية الحاصلة في الساحة اللبنانية. وللتأكيد على خلو مخيم برج البراجنة من اي وجود لـ"النصرة" او لسواها سنقيم عند الثالثة والنصف بعد ظهر اليوم الاربعاء لقاء فلسطينيا موسعاً في المخيم سندعو اليه كل القوى والفصائل والفاعليات الفلسطينية لإصدار موقف موحد يشدد على الحيلولة دون ان يكون المخيم في اي يوم من الايام بؤرة نشاط لمن يريد ان يستهدف محيط المخيم، ويؤكد أهمية الحرص على العلاقة الجيدة التي تربط المخيم بالضاحية الجنوبية وحرص سكانه على الاستقرار".

في أي حال يبدو جلياً ان حركة "حماس" بادرت الى خطوة مهمة في سبيل اعادة تصويب النظرة حيال الوجود الفلسطيني في لبنان ولمنع تكرار تجارب قاتلة على غرار تجربة عام 1975 وما تلاها. والسؤال المطروح: هل تكون قادرة على بلوغ هذا الهدف، وتالياً مواجهة رياح التأثيرات الداخلية والخارجية؟

المصدر: جريدة النهار