حماس تجتهد لتجنيب
مخيمات لبنان حروب المنطقة
بقلم: عدنان
أبو عامر
يعيش عدد من مخيمات اللاجئين
الفلسطينيين في لبنان منذ بداية فبراير 2015 حالة من التوتر الأمني المتصاعد، في ضوء
اتهامات توجهها الدولة اللبنانية بأن المخيمات تأوي مسلحين فلسطينيين وإسلاميين.
وزاد التوتر الأمني في المخيمات
عقب اشتباكات حصلت في الأيام الأخيرة في مخيم عين الحلوة الواقع جنوب لبنان، وانتشار
التنظيمات الإسلامية المسلحة، مثل: عصبة الأنصار، جند الشام، فتح الإسلام، تجمع الشباب
المسلم، الموزعة على مختلف المخيمات الفلسطينية في لبنان، وهو ما أسفر عن تجدد الاشتباكات
المسلحة بين حين وآخر.
وكان ملفتاً أن تنشط حماس
في مخيمات اللاجئين لمنع تحويلها بؤرة توتر داخل لبنان، وهي تعمل في لبنان للحيلولة
دون اندلاع توترات عسكرية واحتكاكات أمنية في المخيمات، عبر إجراء سلسلة اتصالات مع
مسؤولين لبنانيين كبار.
وعقدت حماس اجتماعات متلاحقة
لاحتواء الأزمة التي تعيشها بعض مخيمات لبنان، وتواصلت مع الفصائل الفلسطينية وقيادة
الجيش اللبناني وقيادات سياسية، لتهدئة الأوضاع، ومنع تكرار الاعتداءات على فلسطينيي
المخيمات.
حماس تعي خطورة الوضع في
المنطقة، وتداعياته على لبنان والمخيمات الفلسطينية، مما يتطلب جهداً استثنائياً لتحقيق
هدفين: الأول، تجنيب المخيمات أي تداعيات أمنية، ومنع تحويلها لجزء من أي مشروع في
المنطقة، والثاني ألا تكون سبباً أو منطلقاً لأي توتير أمني يستهدف لبنان، وسلمه الأهلي،
والحركة مقتنعة بأن الأمن في المخيمات الفلسطينية جزء لا يتجزأ من الأمن اللبناني،
وهناك قناعة بأن ثمة مؤامرة مزدوجة لتصفية قضية اللاجئين من جهة، وضرب أمن واستقرار
لبنان من جهة أخرى.
المراجعة الميدانية لتفسير
تزايد التوتر الأمني الأخير في المخيمات الفلسطينية، تعود لنظرة الحكومات اللبنانية
المتعاقبة للمخيمات بأنها عبء بشري وتهديد أمني، فأوكلت منذ انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية
عام 1990 لأجهزة الأمن ضبط المخيمات، مما أفسح المجال لنشوء انجراف قوي نحو التدين
المتشدد، والانتماء للمنظمات الجهادية المسلحة.
تبدو الإشارة مهمة إلى أن
التوتر الأمني في المخيمات الفلسطينية في لبنان، يتزامن مع اشتعال الموقف الميداني
في سوريا، وتورط حزب الله في الحرب السورية الداخلية، مما دفع بالمنظمات الإسلامية
مثل تنظيم الدولة وجبهة النصرة لتصفية حساباتها مع الحزب داخل الأراضي اللبنانية، ومنها
المخيمات الفلسطينية.
حماس اتفقت مع عدد من الفصائل
الفلسطينية في لبنان على تشكيل لجنة سياسية وأمنية مشتركة في مخيمات لبنان، ووجود مباحثات
لتشكيل لجان أمنية أخرى لتشمل باقي المخيمات في لبنان، للحفاظ على أمنها، وتحييدها
عن أي صراع سياسي داخل لبنان.
لكن بعض الأجهزة الأمنية
في لبنان يتسبب بتوتير الموقف الميداني في المخيمات بسبب الطوق الأمني الذي تفرضه على
بعضها منذ عدة سنوات، مطالباً الحكومة اللبنانية برفع الحالة العسكرية المفروضة على
المخيمات، لأن فلسطينيي لبنان ليسوا طرفاً في النزاعات اللبنانية الداخلية، ولذلك فإن
الخطوة الأولى المطلوبة لتخفيف الاحتقان الأمني في المخيمات الفلسطينية في لبنان، أن
يصدر قرار جريء من قيادة الجيش اللبناني بفك الحصار العسكري عنها، لأنه كفيل بعودة
الهدوء إليها.
تعلم حماس تماماً حساسية
الوضع السياسي والطائفي في لبنان، ما بين سنة وشيعة ومسيحيين ودروز، مما يدفعها لأن
تقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف اللبنانية، ولا تتدخل في أي أزمة داخل لبنان،
رغبة منها بتهدئة المخيمات، وعدم نقل أي صراع لبنان داخلي إلى هذه المخيمات، لكنها
لا تمتلك ضمانة أكيدة بعدم حدوث ذلك في ظل وجود العديد من الأطراف الداخلية والخارجية،
ذات المصالح المتضاربة داخل لبنان.
بشكل أكثر تركيزاً تبدي
حماس خشيتها، وإن لم تصرح بذلك رسمياً، من تحول المخيمات الفلسطينية في لبنان إلى ساحة
لتصفية الحسابات خاصة الأعداء الأشداء في هذه المرحلة, التنظيمات الإسلامية في سوريا،
التي بات لها وجود فعلي في لبنان مثل تنظيم الدولة وجبهة النصرة، وبين حزب الله، وبين
السعودية وإيران، والأهم من ذلك (إسرائيل)، التي تبدو معنية بأن ينشغل الفلسطينيون
واللبنانيون في خلافاتهم الداخلية بعيداً عنها.
وما زال شبح الحرب الأهلية
اللبنانية التي شهدتها سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين، ماثلاً أمام حماس، وما رافقها
من اتهامات لبنانية لمنظمة التحرير الفلسطينية بالتورط في الحرب، مما يجعل حماس أكثر
حاجة لتنسيق مواقفها الميدانية لحماية المخيمات مع جميع الأطراف الفاعلة في الدولة
اللبنانية بدءًا بالجيش، ومروراً بحزب الله، وانتهاءً بالفصائل الفلسطينية.
المصدر: فلسطين أون لاين