حماس: تحييد المخيمات
بقلم: ثائر غندور
تعيش حركة حماس اليوم في
ظلّ هجوم سياسي متعدد الجوانب. هناك من يتهمها بأنها خانت ثقة النظام السوري ,ودعمه
لها طوال سنين، ويتعامل معها على هذا الأساس. يعتبرها هؤلاء أنها تخلّت عن نهج المقاومة
وارتمت في أحضان اسرائيل. أكثر منذ ذلك، تسريبات كثيرة تتحدّث عن مفاوضات سريّة مع
اسرائيل وعن انشقاقات داخل الحركة نتيجة لهذا الأمر. اتهمت الحركة بأنها تُدرب مقاتلين
سوريين معارضين في الأردن، وهناك من يتهمها أيضاً بأنها تعمل على تدريب كوادر عسكريّة
في لبنان.
المستوى الثاني من الهجوم
الذي تتعرّض له حماس، يأتي نتيجة لانتمائها إلى تنظيم الإخوان المسلمين العالمي. فيتم
تحميل الحركة أخطاء الإخوان في البلدان التي تولوا الحكم فيها. البعض قال أن حماس تُشارك
في قمع المعارضين المصريين.
في الملف السوري، حسمت حماس خياراتها بوضوح، لجهة أنها "لن تنصر أخاها
عندما يكون ظالماً". لكن تداعيات هذا الموقف تنعكس لبنانياً. جرى التصرف على أساس
إمكانيّة إدخال الفلسطينيين في لبنان في قلب الصراع الداخلي اللبناني.
تقول مصادر قياديّة في
حركة حماس، أن "ممثليها في لبنان تولّوا التواصل مع جميع القوى السياسيّة والأمنيّة
والعسكريّة من دون استثناء، بهدف إبلاغهم، بقرار الحركة رفض الدخول في الصراع اللبناني
الداخلي". وأبلغت حماس كل من يعنيهم الأمر، بأنها ليست عامل قوّة يُمكن أن يستخدمه
السنّة في لبنان إذا ما أرادوا الدخول في الصراع السني ـ الشيعي.
كما أن حماس، تولّت التواصل
مع مختلف القوى الفلسطينيّة، إن كانت تلك المنظمة، أو حتى المجموعات الصغيرة والشخصيّات،
وجرى التفاهم على عدم التدخّل في الشأن اللبناني. على سبيل الذكر، لا الحصر، تقول قيادة
حماس أن "هذا الامر تم التوافق عليه مع حركة فتح، وعصبة الأنصار وغيرها من القوى
الفلسطينيّة". واللافت هنا، الاصرار الفلسطيني على إبعاد أي تفكير بإيواء عناصر
مقربة من جبهة النصرة في أي من المخيمات الفلسطينيّة.
تقول قيادة حماس في لبنان،
أن موقفها هذا، ينبع من قناعتها بأن القضيّة الأساس تبقى فلسطين، وأن الجميع سيُدرك
هذا الأمر في النهاية. ولذلك فإن أي تدخل عسكري في الصراعات العربيّة ــ العربيّة،
إلى جانب الأنظمة أو المعارضين لها، سيؤدي، إلى تحويل حماس والشعب الفلسطيني إلى مرتزقة
"بالقطعة". وتعتبر حركة حماس أن هناك من يُصرّ على إدخالها في أتون الصراع
المذهبي الذي يشتعل شيئاً فشيئاً في المنطقة. مثال على ذلك ما يتم نشره إعلامياً عن
تحضير ألف مقاتل من حماس وحركة فتح، استجابة لدعوة الشيخ سالم الرافعي وأحمد الأسير
للدفاع عن الشعب السوري في وجه حزب الله.
ويُشير المسؤولون في حماس، إلى أن الاستجابة الفلسطينيّة في أعلى مستوياتها،
لكنهم يأسفون إلى أن الجانب اللبناني، يذهب مسرعاً صوب هذا الصراع، مع ما يُمكن أن
يحمله هذا الأمر من أثر على الشارع الفلسطيني، "وللصراحة، نحن نتمنى أن يبتعد
لبنان عن الصراع المذهبي، لكننا لا نملك أكثر من تقديم النصح، وهاجسنا حماية الفلسطينيين
في المخيّمات من التورط في أي صراع داخلي".
تحييد المخيمات عن الصراع
اللبناني، لا يبدو بالأمر السهل مع تشابك العلاقات بين الفلسطينيين واللبنانيين، لكن،
يُحسب لحماس حُسن تصرفها في الثورة السورية، بحيث لم تكن شريكة في الدم السوري، من
دون أن تقطع علاقتها نهائياً بمحور الممانعة.
المصدر: جريدة المدن الألكترونيّة،
07-5-2013