القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الخميس 28 تشرين الثاني 2024

«حماس» تعيد رسم خارطة تحالفاتها بعد حرب اليمن

«حماس» تعيد رسم خارطة تحالفاتها بعد حرب اليمن


بقلم:عدنان أبو عامر

مع استمرار عمليّة "عاصفة الحزم"، الّتي تنفّذها قوّات التّحالف بقيادة السعوديّة ضدّ الحوثيّين في اليمن منذ 26 مارس/آذار، تخرج المزيد من المواقف المؤيّدة والمعارضة لها، لتعيد رسم خارطة التّحالفات في المنطقة.

وقد أعلنت "حماس" موقفها من حرب اليمن في 30 مارس/آذار في بيان موجز بمساندتها للشرعيّة السياسيّة في اليمن وخيار الشعب اليمنيّ الّذي توافق عليه ديموقراطيّاً، وأنّها تقف مع وحدة اليمن وأمنه، وتريد الحوار والتّوافق بين أبنائه، وهي مع أمن المنطقة العربيّة واستقرارها دولاً وشعوباً، وترفض كلّ ما يمسّ بأمنها واستقرارها.

غضب إيران

يبدو أنّ صياغة البيان الوحيد، الّذي أصدرته "حماس" عن اليمن تمّت بصورة حذرة ودقيقة، وهو لا يظهر أنّها تتبنّى موقفاً محدّداً مؤيّداً للحرب على الحوثيّين أو ضدّها، خشية من دفع أثمان سياسيّة كبيرة، سواء أكان للسعوديّة الّتي تقود الحرب، أم لإيران الّتي تقف بجانب الحوثيّين.

ورأت "حماس" أنّ الحساسيّة الّتي رافقت إصدار موقفها من اليمن شبيهة، بما أعلنته عقب اندلاع الثورة السوريّة، من خلال بيان رسميّ صدر في 2 أبريل/نيسان من عام 2011.

وقد اعتبرت سوريا وإيران في حينه أنّ بيان "حماس" يقف بجانب الثوّار ضدّ النّظام، مما عمل على إيجاد شرخ تاريخيّ في العلاقة بين "حماس" وما سمّي حينها "محور المقاومة والممانعة" حتّى يومنا هذا. ولذلك، واصلت "حماس" مشاوراتها الداخليّة أيّاماً عدّة حتّى خرج موقفها من حرب اليمن من خلال عبارات قابلة للتّأويل وفق المتغيّرات المحتملة، وقد ترضي معظم أطراف الأزمة اليمنيّة.

والغريب أن "حماس" و"فتح" اتّفقتا بصورة نادرة على حرب اليمن، إذ أكّد رئيس حركة "فتح" محمود عبّاس في 5 أبريل/نيسان أنّ الحرب حظيت بإجماع عربيّ، والفلسطينيّون ليسوا خارج الإجماع، فيما اختلفت "حماس" مع حلفائها على حرب اليمن، إذ أعلنت حركة "الجهاد الإسلاميّ" في 29 مارس/آذار أنّ حرب اليمن لا تخدم القضيّة الفلسطينيّة، والمستفيد الأكبر منها إسرائيل والولايات المتّحدة الأميركيّة.

ودانت الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين في 29 مارس/آذار ما اعتبرته العدوان المدعوم أميركيّاً على اليمن، ورفضت التدخّل في شؤونه الداخليّة.

إنّ بيان "حماس" الرسميّ حول اليمن، لم يتّخذ موقفاً واضحاً إزاء الجانبين المتصارعين في اليمن، لكن من يقرأ بين السطور يشعر بأنّ "حماس" تحمل تأييداً ضمنيّاً للرّئيس المنتخب ديموقراطيّاً، والمعترف به عالميّاً وإقليميّاً، وهو الرّئيس هادي.

وكان نائب رئيس المكتب السياسيّ في "حماس" إسماعيل هنيّة قد أكّد في 30 مارس/آذار خلال مؤتمر سياسيّ عقد في غزّة، حضره "المونيتور" أنّ "العرب يعيشون اليوم مرحلة حسّاسة في تاريخ المنطقة، وهناك تهديدات وصراعات واستقطابات، ومن حقهم تأمين بلادهم".

هذا الحديث من هنيّة يحمل موافقة ضمنيّة على العمليّة العسكريّة الجارية ضدّ الحوثيّين في اليمن، لأنّه يوافق على حقّ الدول العربيّة في تأمين بلادها، وهو ما يتطابق مع اتّهام السعوديّة للحوثيّين بأنّهم يعبثون بأمن اليمن، ويهدّدون حدود دول الخليج المجاورة.

وهو ما أوضحه المستشار السّابق لهنيّة أحمد يوسف بالقول لـ"المونيتور": "إنّ السعوديّة تعمل على استيعاب حماس، وإنّ منطقة الخليج ترتعد من المدّ الشيعيّ في المنطقة العربيّة، ممّا دفع بالملك سلمان إلى توحيد السنّة ضدّ الشيعة، وإنّ دول الخليج من حقّها الدفاع عن مصالحها في باب المندب والبحر الأحمر".

أمّا عضو المكتب السياسيّ في "حماس" محمود الزهّار، الّذي يقود تيّاراً كبيراً في "حماسّ للتّقارب مع إيران، فكان أكثر وضوحاً بإعلانه في 29 مارس/آذار أنّ "حماس" لم تؤيّد ولم تعارض "عاصفة الحزم"، بل تطالب بوحدة اليمن في إطار الشرعيّة.

ورغم أنّ إيران التزمت الصمت إزاء موقف "حماس" من حرب اليمن، لكن وسائل إعلام مقرّبة من "حزب الله"، انتقدت بيان "حماس"، وزعمت في 30 مارس/آذار أنّ التأييد الضمنيّ لـ"حماس" تجاه السعوديّة يكشف انقسام الجناحين السياسيّ والعسكريّ داخلها حيال "عاصفة الحزم"، من دون أن تقدّم دليلاً على ذلك.

ومن جهته، قال لـ"المونيتور" عضو سابق في مجلس الشورى الإيرانيّ، رفض الكشف عن هويّته:" إنّ "حماس لم تتعلّم الدرس من موقفها السّابق في سوريا، ورغم أنّ بيانها حول اليمن لم يحاول إغضاب إيران، لكن من الواضح أنّ فيه ميلاً نحو السعوديّة، ممّا يعني أنّ حماس تدير ظهرها للمرّة الثانية عمّن دعمها بالمال والسلاح".

تقارب السعوديّة

ونشر الموقع الرسميّ لـ"حماس" في 30 مارس/آذار تحليلاً لبيان الحركة جاء فيه أنّ موقفها متوازن، ويتبنّى منطق السعوديّة، عبر دعم شرعيّة الرّئيس اليمنيّ، ويبدو أنّ "حماس" تسعى إلى دخول النّظام العربيّ الرسميّ، وتقبل بقيادة الملك سلمان في هذه المرحلة العصيبة، وتفضّله على أيّ تحالفات أخرى. وفي الوقت نفسه، فهي حريصة على ألاّ تعادي أطراف الصراع، لأنّ لها علاقات متداخلة مع قوى دوليّة وإقليميّة كروسيا وإيران.

وقد شهدت الساحة الفلسطينيّة في الأيّام الأخيرة نقاشات سياسيّة حادّة على شبكات التّواصل الاجتماعي حول موقف "حماس" من الأزمة اليمنيّة، بين من طالب بالتزام الحركة الصمت، وعدم التّعليق على الحرب الجارية، منعاً لتكرار الأزمة مع سوريا وإيران، وآخر رأى ضرورة إعلان "حماس" موقفها في ضوء الاستقطاب الطائفيّ في المنطقة، وعدم البقاء متفرّجة على التمدّد الإقليميّ لإيران على حساب الدول العربيّة.

وأكّد عضو المكتب السياسيّ في "حماس" محمّد نزال لـ"المونيتور" أنّ "حماس ملتزمة سياسة عدم التدخّل في شؤون الدول الداخليّة، لكنّ هناك أحداثاً جساماً تفرض نفسها على المشهد السياسيّ في المنطقة، ولها تأثيرات كبيرة على القضيّة الفلسطينيّة، فكان لا بدّ من توضيح موقفنا منعاً لأيّ التباس أو لغط".

ولعلّ تأييد الإخوان المسلمين للحرب على اليمن في 2 أبريل/نيسان، كان له دور في موقف "حماس" من هذه الأزمة، لأنّ الحركة تعتبر نفسها جزءاً من جماعة الإخوان المسلمين.

وأخيراً، فإنّ موقف "حماس" من حرب اليمن يعيد رسم خارطة تحالفاتها السياسيّة في المنطقة باتّجاه إعادة التموضع نحو ما يسمّى "المحور السنيّ"، الّذي تترأسه السعوديّة، ويضمّ معظم دول الخليج العربيّ ومصر وتركيا، رغم أنّ بيان "حماس" أبقى الباب مفتوحاً أمام التّقارب مع إيران وعدم قطع الخيوط معها، لأنّ "حماس" لم تذكر عمليّة "عاصفة الحزم" بالاسم في بيانها.

وإنّ الاصطفاف الجديد لـ"حماس" بجانب السعوديّة، قد يكون سببه أنّ خطوات الحركة الإيجابيّة تجاه إيران منذ أشهر عدّة، لم تتمّ ترجمتها إلى تطبيع كامل للعلاقات بينهما، يضمن عودة الدّعمين الماليّ والعسكريّ للحركة، فإيران ما زالت تضع شروطاً تعجيزيّة على "حماس"، ولم تنجح في التقاط رسائل الغزل منها، وهو ما أوضحه "المونيتور" في مقال سابق.

المصدر: المونيتور