تقرير رقم (4)
تقييم اليومين السابع والثامن من عملية
"العصف المأكول":
حماس تفاجئ الاحتلال بالطائرات والاحتلال يتخبّط
رأفت مرة *
تواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وشهد اليومان السابع
والثامن ارتفاعاً في مستوى التصعيد الصهيوني ضدّ المدنيين، بينما سجّلت حماس أكثر
من مفاجأة.
فقد ارتفعت وتيرة الاعتداءات الصهيونية على المدنيين، وظهر أن
الاحتلال يمارس عملية العقاب ضدّ الأبرياء، إذ واصل قصف المنازل والمساجد، ورفع
مستوى إرهابه حين طلب من سكان شمالي قطاع غزة إخلاء منازلهم لأنه يريد تدمير
المنطقة.
وصار من الواضح أنه وأمام عجزه السياسي والعسكري والأمني يوجّه
الاحتلال قوته النارية إلى أهداف مدنية التي وصلت إلى مضارب البدو في جنوب القطاع،
ووسّع دائرة انتقامه لتصل إلى الضفة الغربية، التي شنّ فيها حملة اعتقال طالت
عدداً من النواب الفلسطينيين وشخصيات أكاديمية مثل البروفسور عبد الستار قاسم.
وفي مؤشر على وحشية الاحتلال، قال تقرير صادر عن الأمم المتحدة يوم
الأحد 13 تموز/يوليو الماضي إن 70% من الشهداء في قطاع غزة هم من المدنيين العزّل،
وإن 30% من الشهداء هم من الأطفال. وجاء في التقرير أن أكثر من 750 منزلاً تمّ
تدميرها بالعدوان، وأن 4500 من السكان خسروا منازلهم.
في المشهد الإسرائيلي نلخص أهم خصائصه بالنقاط الآتية: التردّد،
والاتهامات لحماس، والتخبّط.
فقد أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية في اجتماع حكومته الأسبوعي يوم
الأحد 13 تموز/يوليو الماضي أن حماس "مستمرة باستخدام المدنيين دروعاً
بشرية"، وهي رسالة كافية ليبرّر عجزه في مواجهة حماس، وليؤكد أن لا قرار
إسرائيلياً نهائياً بتنفيذ عملية برية. وذلك وسط تصريحات إسرائيلية مؤيدة ومعارضة
لتنفيذ مثل تلك العملية. لكن نتنياهو كان أكثر صراحة حين قال "إنني لا أعرف
متى تنتهي العملية".
في المقابل، حقّقت حركة حماس تقدّماً نوعياً على الاحتلال، إذ قامت
باختراق بثّ القناة الثانية والقناة العاشرة وشبكة الإنترنت ورسائل "إس إم إس"
ووجهت من خلالهم رسائل للمجتمع الصهيوني، ودمّرت آليات عسكرية على الحدود مع قطاع
غزة، لتوجه راسلة للاحتلال بصعوبة العدوان البري، وواصلت قصف أهم المدن الصهيونية،
ومنها تل أبيب التي اعترف محللون صهاينة بان "تحذيرات حماس بالقصف فعلت
فعلها، فتوقفت الحياة في المدينة".
غير أن أهم إنجاز لحماس في اليوم الثامن كان إطلاق طائرات موجهة،
وكشفت الحركة عن ثلاثة أنواع من الطائرات؛ للمراقبة وللهجوم وللمهمات القتالية،
وأوضحت أن إحداها حلّقت فوق مبنى وزارة الدفاع الصهيونية. واعترف الاحتلال بإسقاط
طائرة في أسدود، غير أن إطلاق حماس للطائرات مثّل فشلاً استخباراتياً للاحتلال،
وأظهر عجز الجيش الصهيوني، وكشف عن امتلاك حماس عناصر القوة والمبادرة ومفاجأة
العدو.
وجاء ظهور نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية
موجهاً كلمة للفلسطينيين والعالم، ليؤكد على قوة حركة حماس وثقفتها بنفسها، حيث
شدّد هنية على مسائل وحدة الشعب الفلسطيني، وقوة المقاومة، وفكّ الحاصر بشكل
نهائي.
في ضوء ذلك، لم تصدر أي إشارات قوية على إحراز تقدّم في الوساطات
الدولية، التي برز فيها تحرّك أمريكي قام به وزير الخارجية جون كيري.
وبدا واضحاً أن أي تقدّم في المسار السياسي يحتاج إلى عدة أيام،
وذلك بسبب أن مأزق نتنياهو والخسائر التي لحقت بالاحتلال من جهة، وارتياح حماس
وإحرازها مكاسب سياسية وعسكرية من جهة أخرى، يؤخر التقدّم السياسي.
فحماس متمسكة بعدة شروط، ووضع نتنياهو صعب أمام حلفائه وقادة
المستوطنين، وهو غير قادر على إحراز تقدّم سياسي أو عسكري، وبالتالي فإن أي قرار
سيتخذه سيضرّه هو وسيلحق خسائر بحزبه.
لذلك، فإن الرهان هو على إصرار أمريكي على سيناريو ما يشكّل رافعة
لنتنياهو تنقذه حتى لا يفكّر في المغامرة بخمسة ألوية مشاة ومدرعة على حدود غزة.
* كاتب فلسطيني