القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الجمعة 29 تشرين الثاني 2024

«حماس» حامية البندقية والمقاومة

«حماس» حامية البندقية والمقاومة

بقلم: مصطفى الصواف

لا يختلف عاقلان على أن حركة المقاومة الإسلامية حماس وجدت من أجل الدفاع عن حقوق ومصالح الشعب الفلسطيني، وأنها انتهجت المقاومة سبيلا لذلك، وتاريخ حماس ناصع في هذا السبيل المنتهج الذي ما يزال قائما، وما وجودها في السلطة إلا من أجل حماية المقاومة بعد أن كانت هدفا للتصفية من أطراف عديدة فلسطينية وعربية ودولية، وأدركت «حماس» منذ زمن بعيد أن تصفية المقاومة يعني تصفية للقضية الفلسطينية، فحافظت عليها وطورتها وهي على رأس السلطة، والشواهد كثيرة بل احتضنت «حماس» مقاومة كثير من الفصائل المقاومة ووفرت لها الظروف كي تتطور وتصل إلى ما وصلت إليه، وما كان للمقاومة أن تصل إلى ما وصلت إليه لو لم تكن «حماس» على رأس السلطة في قطاع غزة.

محاولات التشويه التي يمارسها بعض الإعلام والكتّاب لحركة حماس لا تستند على وقائع حقيقية، وإنما على أنصاف الحقائق أو من خلال تعمد التضليل والتشويه من منطلقات حزبية أو فكرية ضيقة، وبعيدا عن الحقيقة وبشكل يتناقض مع الواقع، وهو خير شاهد على أن «حماس» لم تبدل أو تغير في إستراتيجيتها المستندة على المقاومة وإن اختلف التكتيك في تحقيق الإستراتيجية، الأمر الذي اعتبره بعضهم أنه تحول عن الهدف وهو المقاومة والتخلي عن المواجهة مع العدو الصهيوني؛ حرصا على السلطة وشهوتها، ونسي هؤلاء جميعا ما أبلته «حماس» مع قوى المقاومة الأخرى وبإسناد من الشعب الفلسطيني في العدوانين الأخيرين على قطاع غزة، هذا الموقف من «حماس» قطع ألسنة كثيرة تحدثت عما يتحدث عنه بعضهم اليوم عن تخلي «حماس» عن المقاومة.

ولعل بعضهم حاول استغلال حادثة حي الشجاعية الواقعة إلى الشرق من مدينة غزة وأدت إلى وفاة المواطن رائد جندية أحد عناصر سرايا القدس بعد قيامه بإطلاق النار على دورية للشرطة ومحاولة الاعتداء عليها وهي تقوم بدورها المنوط بها في حفظ الأمن الداخلي بعد أن رفض جندية الاستجابة لطلب الشرطة في التحقيق معه لشكوى مقدمة من قبل مواطن فلسطيني يسكن في مخيم الشاطئ يتهم جندية بخطفه والتحقيق معه على خلفية الاشتباه بالعمالة؛ إلا انه رفض الاستجابة لطلب الشرطة وحدث إطلاق نار، رواية الشرطة تقول إنه أصيب بطلق ناري من مسدسه الخاص بعد أن حاول والده وأخوه منعه من إطلاق النار، وهناك لجنة شكلت بهذا الخصوص تشارك فيها حركة الجهاد مع «حماس» والحكومة الفلسطينية وعائلة جندية للوقوف على حقيقة ما جرى، والقبول بالنتائج وقد تم تطويق الحادثة بحكمة عالية من عائلة جندية بعد أن حاولت حركة الجهاد النفخ في النار، الأمر الذي أحدث المشادة بين بعض أفراد عائلة جندية من المحسوبين على كتائب القسام مع محمد الحرازين للعمل على إخماد النار بدلا من النفخ فيها.

«حماس» وهذا تعلمه حركة الجهاد الإسلامي وتشارك فيه بإرادتها وبالتوافق مع حركة حماس وبقية القوى الفلسطينية المقاومة متفقة في إبقاء حالة الهدوء مع العدو الصهيوني حتى تتمكن قوى المقاومة من تطوير ذاتها وقدراتها لإيمان «حماس» وقوى المقاومة أن العدو الصهيوني يعد العدة لعدوان جديد على القطاع يحتاج إلى ترتيب الصفوف واعتماد تكتيكات جديدة لمواجهة العدو، ويحتاج إلى تطوير الأدوات القتالية، وهذا لا يتم إلا في حالة من الهدوء، وهذا متوافق عليه بين الجميع، ونعتقد أن العدوان الأخير الذي وقعت أحداثه في تشرين الثاني من عام 2012 أثبت أن حالة الهدوء التي كانت بعد عدوان 2008- 2009، لم تكن إلا فترة للتطوير والإعداد والتكتيك بعد استخلاص العبر من قبل المقاومة في نهاية العدو الصهيوني على قطاع غزة.

«حماس» في علاقاتها مع الجميع تهدف في الأساس الى العمل على تحشيد كل الطاقات خدمة لمشروع التحرير والدعم للشعب الفلسطيني وقضاياه العادلة، وهي تبني علاقاتها مع القوى العربية والإسلامية المختلفة على قاعدة أن دعم الشعب الفلسطيني واجب على الأمتين العربية والإسلامية وليس منة من أحد، وأن يدها ممدودة للجميع طالما أن النية هي دعم مقاومة الشعب الفلسطيني وتصميده في مواجهة العدو الصهيوني، وإبقاء جذوة المقاومة والمواجهة قائمة دون أن يكون مقابل ذلك أثمان سياسية أو تحالفات في هذا الجانب أو ذاك، وهذه السياسية هي التي كانت وما زالت متبعة من قبل «حماس» سواء من إيران أو سوريا قبل التغول على دماء الشعب السوري من قبل نظام الأسد، أو مع حزب الله، وكذلك مع قطر ومصر وتركيا، لأن «حماس» تدرك أن البعدين العربي والإسلامي هما البعدان الاستراتيجيان للقضية الفلسطينية؛ لذلك حافظت على علاقة متوازنة مع الجميع دون التدخل في شؤون الغير، ودون أن تكون في نفس الوقت ورقة في جيب أحد.

بعض الكتاب يتوقف أمام حوادث بعينها؛ لكي يشيطن حركة حماس ويصفها بالسلطة القمعية المانعة لحرية الرأي والتعبير، نؤكد كشاهد عيان أن حركة حماس تؤمن أن الحرية المطلقة مفسدة مطلقة، وأن حرية الإنسان مكفولة ولكن شرط ألا يكون فيها تعدٍ على حريات الآخرين، وضرورة الالتزام بالقانون وسيادته، وعندما تطلب أي جهة أمنية لمقابلة أي مواطن من المفترض الاستجابة لطلب الجهات الأمنية لا التمرد عليها ورفض الاستجابة لها، وهذا ما حدث مع الدكتور أبراش للتأكيد له أن الجميع أمام القانون سواء وأنه لا يجوز التمرد والرفض والعصيان، ولو كانت «حماس» تريد اعتقال أبراش وغيره من الكتاب لوجدت في سجونها عددا من أصحاب الرأي؛ ولكنها خالية من أي معتقل على خلفية التعبير عن الرأي.

يحاول بعضهم مع الأسف دق الأسافين بين «حماس» والحكومة وكتائب القسام، والعمل على التفريق بين هذه العناصر الثلاثة، سب وطعن وشيطنة لـ»حماس» والحكومة وتمجيد بالقسام وخلق الأكاذيب عن خلافات وانشقاقات وتحالفات في قياداتها، وهم يحاولون النفخ في الرماد علهم يجدوا نارا ليشعلوها ولا يصيبهم منها إلا الرماد، وتبقى «حماس» بكل أجهزتها وحدة واحدة ويحكمها تنظيم متين قائم على الشورى وتحكمه مؤسسات يشهد لها المراقبون أنها مؤسسات قوية قائمة على أسس متينة وقواعد تؤكد وحدة الصف من أجل تحقيق الهدف المنشود، وكل الأكاذيب التي يروج لها بعضهم باءت بالفشل بدليل وحدة الحركة ومتانة صفها والتزام كل أجهزتها بما تقرره القيادة.

الحديث طويل والرد على أحقاد الحاقدين يحتاج إلى مساحات كبيرة، وهذا جزء بسيط فيه تبيان وتوضيح في ظل محاولات بعضهم تشويه «حماس» ومواقفها ومقاومتها، وهنا نؤكد أن «حماس» ما زالت تؤمن أن المقاومة هي الإستراتيجية التي تحقق حقوق الشعب الفلسطيني، وأنها الطريق نحو التحرير، وأنها مع كل مقاوم وان بندقية «حماس» ما زالت موجهة نحو العدو الصهيوني، وان «حماس» لم تنحرف بوصلتها وهي تشكل العمود الفقري للمقاومة، وان مقاومتها مدروسة ومتوافق عليها مع كل القوى، وأن محاولة بعضهم في توظيف المقاومة من أجل مشكلة هنا أو خلاف هناك هي نوع من الرعونة وليس توظيفا سليما للمقاومة في الاتجاه الصحيح.

«حماس» ماضية في طريق المقاومة ولم ولن تتراجع عنها؛ وإلا ما كانت هدفا للعدو الصهيوني وما تم اغتيال قادتها وعناصرها، وهذا حالها وحال كل قوى المقاومة المستهدفة بشكل مباشر كونها تنتهج المقاومة، و»حماس» تعمل على تطوير قدراتها العسكرية والبشرية وتحارب على كل الجبهات وعلى رأسها الجبهة الداخلية ومحاولة اختراقها من قبل المخابرات الصهيونية وحققت نجاحات في مواجهة محاولات العدو إسقاط بعض الفلسطينيين في وحل العمالة. -ونعتقد- وهذا يشهد به الجميع أن «حماس» وجهازها الأمني نجحوا في تحجيم العدو وألقوا القبض على العديد من الشبكات، ونفذوا أحكام الإعدام بعدد منهم، الأمر الذي أربك حسابات العدو الصهيوني وحقق الأمن الداخلي وأمن المقاومة.

نختم ونقول إن «حماس» وكل قوى المقاومة وعلى رأسها سرايا القدس ليسوا بحاجة إلى من يدق الأسافين بينهم، بل هم بحاجة إلى من يسعى نحو توحيد صفهم ودعمهم وجسر الهوة بينهم عندما تقع حادثة هنا أو هناك، وسيبقى سلاح «حماس» وسلاح المقاومة الحقة موجها نحو العدو الصهيوني، ولن يكون سلاحا سائبا كما يحاول بعضهم أن يكون، وان العلاقة بين قوى المقاومة والتنسيق لن يتأثر بمثل هذه الحوادث وعلى النافخين في الرماد أن يكفوا؛ لأنهم لن يجدوا نارا للفتنة وزرع الشقاق والخلاف.

المصدر: السبيل