حماس في ذكرى تأسيسها.. المقاومة تعلو الحكم
بقلم: إياد القرا
الجماهير الفلسطينية التي خرجت في شوارع غزة نصرة لحماس ومشروعها المقاوم تضع أمام حركة حماس مسؤوليات عظام في المزاوجة بين رغبة الجماهير في نصرة المقاومة، وبين حكمها الذي يمثل عبئاً على كل من يعتلي سدة الحكم.
حركة حماس التي تفاخر الدنيا اليوم بحشدها مئات الآلاف في ساحة الكتيبة بغزة، يظهر بوضوح أن حركة حماس خلال الأشهر الأخيرة استطاعت أن تقلب المعادلة وتسيطر على قلوب الجماهير الفلسطينية، بل أن تحوز على نصرة ملايين العرب والمسلميين بعد تجربة الحكم على مدار 7 سنوات، وهو أمر جلب لحماس الكثير من الانتقادات، وهو أمر متوقع وله مبرراته إذا ما تحدثت عن حكم إسلامي في ظل معارضة وتضييق واضح من فصائل وأحزاب ومؤسسات وهيئات بل دول تتقدمها الولايات المتحدة.
الحرب التي شنت على حكم حماس على مدار سبع سنوات حولها من حركة ناشئة مرتبكة ضعيفة بفعل اغتيال قيادتها ومطارة عناصرها من قبل الاحتلال والسلطة، وحصار مالي واقتصادي، إلى حركة ذات عمق جماهيري فلسطيني ممتد عربيا وإسلامياً، وتمتلك قوة عسكرية لا يستهان بها ثبت صدقيتها في الحرب على غزة، وعززتها في المواجهة الأخيرة، مما أربك الاحتلال، ولفتت انتباه كافة القوى العربية والإسلامية لقدراتها العسكرية والسياسية والقدرة على المزاوجة بين الحكم والاستمرار في المقاومة.
رسالة حماس في ذكرى انطلاقتها الخامسة والعشرين تختلف عن السنوات الماضية بأن صراعها الرئيس مع الاحتلال الإسرائيلي حيث صفعته قبل أيام بشكل مدوٍ نالت بموجبه تقدير واحترام أطراف عربية ودولية، وأجبرته على أن يطلب تهدئة معها تلاشيًا لأي تصعيد حمساوي يتسبب بمزيد من الخسائر.
حماس المنتشية بنصرها ونصر غزة أوصل من خلالها خالد مشعل رسائل حماس بأن خيار المقاومة لا رجعة عنه على الرغم من إشارته أن الدولة بعد التحرر، وهذا يعني أن الحكم يأتي بعد المقاومة.
فإن حركة حماس أرادت أن تحقق من الحكم مبادئها في أن تكون الحكومة مجرد حماية لشرعية المقاومة، وتوفير الحماية الأمنية لها، وهو ما ظهر بارزًا خلال السنوات الأخيرة، إلى جانب الدعم العربي والإسلامي والذي ترجم لدعم عسكري وإن كان غير معلن.
لكن ما ميز المقاومة في السنوات الأخيرة أنها اعتمدت على ذاتها في تطوير قدراتها العسكرية، وعملت حماس على توفير كل ما يمكن أن يساهم في نجاح مشروع المقاومة رغم الإخفاقات التي أصابت بعض جوانب الحكم نتيجة السلوك غير المنضبط من بعض قيادات الحكومة، وهو أمر تلاشى مع نجاحات حماس في المقاومة وتحديدًا بعض المواجهة، حيث قدمت خلال السنوات الماضية خيرة قياداتها في المواجهة مع الاحتلال.
حماس اليوم تعتلي الحكم وهي تلبس رداء العزة والانتصار - قياداتها وأبناؤها- لتعلو مقاومتها على حكمها، وهو أمر ينال إعجاب وتقدير الأمم ويوفر لها دعمًا منقطع النظير.