حماس لن تعود
إلى الحرب مجدّداً في غزّة
عدنان أبو عامر
من المقرّر أن
تشهد القاهرة الثلاثاء في 23/9، استئناف المفاوضات الفلسطينيّة - الإسرائيليّة غير
المباشرة للبحث في وقف دائم لإطلاق النّار بينما الأمل في تحقيق انفراج ضئيل.
الجولة القبلة
قال مسؤول
مصريّ قريب من المفاوضات المرتقبة في اتّصال هاتفيّ مع "المونيتور":
"إنّ المفاوضات ستكون صعبة بين الجانبين، فالوفد الإسرائيليّ سيطالب بتجريد
غزّة من السلاح، فيما تطالب "حماس" بالبدء ببناء ميناء بحريّ وتشغيل
المطار وإطلاق سراح سجناء فلسطينيّين مقابل تسليم جثامين جنود إسرائيليّين.
وبالتّالي، فإنّ الطرفين يقفان عند طرفي نقيض متباعدين، وهو ما يعني أنّ هذه
الجولة لن تكون الأخيرة، لأنّ ليس بالإمكان البتّ في هذه القضايا الكبيرة، وسنكون
في انتظار جولة مقبلة لم تحدّد بعد".
أضاف:
"ليس مطروحاً البتّة العودة من جديد إلى خيار العمليّات العسكريّة بين
الجانبين إذا حصل أيّ تعثّر في المفاوضات المقبلة، لأنّ اتّفاق وقف إطلاق النّار
نصّ في صورة واضحة على وقف كلّ الأعمال العدائيّة بين غزّة وإسرائيل برّاً وبحراً
وجوّاً، وعدم تنفيذ أيّ عمليّات اجتياح برّي لغزّة أو استهداف المدنيّين وإيقاف
إطلاق الصواريخ بمختلف أنواعها والهجمات على الحدود".
وتأتي مناسبة
الحديث عن إمكان تجدّد المواجهة العسكريّة في غزّة مع بدء المفاوضات الفلسطينيّة
الإسرائيليّة في القاهرة، لأنّ الأوضاع في غزّة لم يطرأ عليها أيّ تغيير بعد
انتهاء الحرب، بل إنّها تسير من سيّء إلى أسوأ، وهو ما تطرق إليه
"المونيتور" في مقال سابق.
وقال مسؤول
كبير في "حماس" في حديث لـ"المونيتور": إنّ "غزّة تسابق
الزمن في مسألة الاتّفاق على الآليّات الخاصّة بإعادة الإعمار، فالشتاء على
الأبواب، ومراكز الإيواء التي تضمّ عشرات الآلاف المهدّمة منازلهم لن تقيهم من برد
الشتاء وأمطاره. لذلك، تعوّل الحركة كثيراً على إنجاز الملفّات الخاصّة بفتح
المعابر ورفع الحصار، لكن عدم إنجازها دفعة واحدة بالسرعة التي نريدها لا يعني
بالضرورة أن نعود من جديد إلى خيار المواجهة المسلّحة مع إسرائيل، فالكلفة باهظة
والثمن كبير".
وأشار نائب
رئيس المكتب السياسيّ لـحماس موسى أبو مرزوق في حوار صحافيّ في 19/9، أنّ الحركة
لا تريد حرباً أخرى مع إسرائيل، لكن المزيد من القتال سيصبح أمراً لا مفرّ منه إن
لم يتمّ التوصّل إلى اتّفاق لفتح المعابر، محذراً من أنّ الفشل في مفاوضات القاهرة
ورفع الحصار قد يؤدّي إلى حرب أخرى، رغم أنّنا لا نريد هذا، وأعتقد أنّ
الإسرائيليّين لا يريدون أن يروا هذه الحرب مرّة أخرى.
واعتقل جهاز
الأمن التّابع لـ"حماس" في غزّة في 16/9 مطلقي صاروخ سقط جنوب إسرائيل،
وهما ينتميان إلى السلفيّة الجهاديّة، رغم أنّهما لم يتلقيّا أوامر من قياداتهما،
بل تصرّفا في شكل فرديّ. ولقد أبلغت حماس القيادات السلفيّة في غزّة بضبط عناصرها،
لأنّها لن تتهاون في هذه المسألة، وستكبح جماح من يحاول إطلاق الصواريخ، ولن تسمح
لأحد بالخروج عن التّوافق الفلسطينيّ القاضي بوقف الحرب والتزام التّهدئة.
وأعادت
"حماس" بعد انتهاء الحرب مباشرة في أواخر أغسطس الماضي، نشر وحدة خاصّة
على حدود غزّة، هدفها منع إطلاق الصواريخ على إسرائيل، يصل قوامها 600 عنصر وتعمل
على مدار 24 ساعة.
ملاحقة
الصواريخ
وقال مسؤول
أمنيّ في "حماس" لـ"المونيتور": "لا يعقل أن تكون حدود
غزّة مستباحة لأيّ مجموعة تطلق الصواريخ على إسرائيل، فيما هناك اتّفاق عليه إجماع
وطنيّ بوقف إطلاق النّار، فالأجهزة الأمنيّة في غزّة مكلّفة بحفظ أمن الناس هنا،
وعدم منح إسرائيل ذرائع للتنّصل من المفاوضات المقبلة، أو تصعيد الوضع الميدانيّ.
وإفساح المجال للقيادة السياسيّة لتطبيق اتّفاق وقف إطلاق النار، هذا قرارنا، ولن
يكون مسموح العبث بالأمن الداخليّ لغزّة تحت أيّ مسمّى كان".
وإنّ عدم رغبة
"حماس" بتجدّد المواجهة المسلّحة مع إسرائيل، تزامن مع إجراءات لاحظها
"المونيتور" في غزّة ببدء الحركة خطوات فعليّة لترميم الأضرار الناجمة
عن الحرب الأخيرة، من خلال تسهيل عمل بعض المؤسّسات المحليّة والدوليّة لجمع
البيانات الإحصائيّة عن الأضرار من جهة، وتوزيع أموال على المتضرّرين لتدبير
شؤونهم، سواء أكان من حيث البحث عن شقق سكنيّة للمهدمة منازلهم كليّاً، أم البدء
بترميم المنازل المتضرّرة جزئيّاً. ولقد بلغت في مجملها 32 مليون دولار، كما صرّح
بذلك مسؤول ماليّ في "حماس" لـ"المونيتور".
وأعلن نائب
زعيم "حماس" موسى أبو مرزوق في لقاء مع أكاديميّين في غزّة حضره
"المونيتور" في 15/9، أنّ السلطة الفلسطينيّة يمكن أن تبدأ عمليّة إعادة
إعمار قطاع غزّة منذ الآن، من خلال الأموال التي وصلتها بقيمة 100 مليون دولار، من
دون انتظار مؤتمر المانحين الشهر المقبل.
وهذا ما دفع
بمسؤول في حكومة التّوافق الوطنيّ إلى أن ينفي تلقّيها أموالاً تمكّنها من البدء
بإعادة إعمار غزّة، ولم يصلها سوى مبالغ إغاثيّة طارئة، لتلبية حاجات السكّان
العاجلة، من مسكن وغذاء ودواء، خصوصاً للنّازحين في قطاع غزّة الذين يتجاوز عددهم
الـ 100 ألف. وعلم "المونيتور" من مسؤولين في "حماس" بالخارج
أنّ الحركة "نظمت في الأسابيع الأخيرة عدداً من المهرجانات في عدد من العواصم
العربيّة والإسلاميّة، احتفالاً بانتصار غزّة، وخصوصاً في أنقرة والجزائر والدوحة
وبيروت وعمان وماليزيا. وخلال هذه الفعاليّات، تمّ جمع تبرّعات لصالح إغاثة
المتضرّرين من حرب غزّة، من خلال رجال الأعمال والجمعيّات الخيريّة والشركات
والمواطنين، من دون توضيح حجم الأموال المجموعة، لكن الحديث يدور عن ملايين
الدولارات، وبدأ العمل بإيصالها لمستحقّيها في قطاع غزّة".
وهو ما دفع
بالنّاطق باسم "فتح" أحمد عسّاف إلى القول: إنّ قيادة "حماس"
في غزّة تلقّت في الأسابيع الأخيرة 700 مليون دولار لمساعدة سكّان قطاع غزّة، لكن
هذه الأموال لم تصل إلى وجهتها، رغم أنّ حماس جنّدت هذه الأموال من الدول العربيّة
للبدء في إعادة إعمار القطاع الذي دمّرته إسرائيل.
المونيتور