القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الإثنين 25 تشرين الثاني 2024

حماس وإعلاميّو المقاومة اللبنانية

حماس وإعلاميّو المقاومة اللبنانية

بقلم: أحمد الصباهي

ما أن نشبت أزمة مخيم عين الحلوة في صيدا جنوب لبنان، حتى بدأ الاصطياد والتوظيف السياسي من بعض من يظهر على الشّاشات اللبنانيّة، لتصفية الحسابات مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي هي بنظر بعضهم خصم، وبنظر آخرين خائنة ومنافقة.

بدأت الاتهامات للحركة بعرقلة جهود تصفية المتشدّد بلال بدر الذي أرّق المخيم بأفعاله الشنيعة، وذلك بالضغط السياسي على الفصائل الفلسطينية لمنع الحسم، فإنّ لم تكن كذلك، فهي بنظر بعضهم تدعم بلال بدر بالسلاح، وحتى بالطعام.

هذا يذكّرني باتهام حركة حماس بأحداث مخيم اليرموك في سورية، فبقدر ما أخطأت حركة حماس سياسياً بالانحياز إلى المعارضة السوريّة، إلا أنّها لا تتحمّل وزر ما حدث في مخيم اليرموك، ذلك أنّ العناصر التي دخلت في اشتباكٍ مع الجيش السوري، دخلت بقرار منفرد، إلا أنّ الصّيت الذائع لدى إعلاميي المقاومة المصرّين عليه أنّ قرار حماس لأفرادها في المخيم هو المواجهة.

لست محامي دفاع عن حركة حماس، بل لديّ ملاحظات عديدة لاذعة لبعض أدائها في غزة ومواقفها من سورية، إلا أنّ من المستغرب فعلاً أن يتم وضع اسم حركة حماس في خانة الحركات المتشدّدة والأصوليّة ممن يعتبرون أنفسهم "إعلاميي محور المقاومة" على الشّاشات اللبنانية، فهي بنظرهم لا تريد لبلال بدر، ولا لمن هم على شاكلته، الزوال على يد حركة فتح، لكي لا يكون لها اليد العليا في المخيمات الفلسطينيّة في لبنان، وهي، بالتالي، من مصلحتها أن لا تزول تلك الجماعات!

أسأل: هل أصبحت المخيمات الفلسطينيّة في لبنان غزة حتى تسيطر عليها حماس؟ وهل الفصائل الفلسطينية المتبقية نكرة حتى تدع حماس تسيطر؟ وهل تملك حماس الجيوش الجرّارة لتحكم المخيّمات؟ وهل ضاقت الخيارات بالفلسطيني في لبنان، فليس لديه إلا واحدا من اثنين، إما فتح أو حماس؟

وبعد عدّة أيام من سير المعارك، صدر بيان للفصائل الفلسطينية بالإجماع تتوّعد بدر بالملاحقة وتسليمه للسلطات اللبنانيّة، وبإنهاء الحالات الشاذّة، ونشر القوة الأمنيّة المشتركة في كلّ أنحاء المخيّم، فانهالت مجدّدا الاتهامات على الفصائل الفلسطينية بالتخاذل، وبعدم الجدّية والانقسام في الرأي، وبالتأكيد عاد مسلسل اتهام حماس وقوى إسلامية أخرى بمنع الحسم.

والسؤال: ما هو المطلوب من حماس والفصائل والقوى الإسلامية في المخيم أكثر من إجماعها في مخيم عين الحلوة على إنهاء حالة المتشدّد بلال بدر؟ وكذلك العمل على إنهاء كلّ الحالات الشاذّة في المخيمات الفلسطينية بقوة أمنية مشتركة من الفصائل الفلسطينية.

واضح أنّ الدولة اللبنانيّة والجيش اللبناني يؤيّدان ويباركان الخطوة الفلسطينية، وخيار الجّيش اللبناني حتى الآن هو عدم الدخول في هذه الحرب، وإعادة سيناريو مخيم نهر البارد عام 2007، ولم يسجّل أي تصريح من مسؤول لبناني ينتقد أداء الفصائل، لكن إعلاميّي المقاومة اختاروا الملوكيّة أكثر من المَلك.

على إعلاميّي المقاومة، إن كانوا مع القضيّة الفلسطينيّة وحق العودة، أن يكونوا واقعيّين، فكيف يمكن لفصائل تمارس العمل السّياسي، ولديها تحالفاتها وعلاقاتها أن تتآلف مع جماعات متشدّدة لا تتفق معها فكراً ولا منهجاً ولا أهدافاً؟ وهل الفصائل وحركة فتح ضعيفة لتتغاضى عن تصرفات حماس في ظل هذا الوضع، أم من مصلحة حق العودة تدمير عين الحلوة من أجل إرضاء مزاج هؤلاء الإعلاميّين وأهوائهم؟ فهل باستطاعتهم إيواء مائة ألف فلسطيني؟

اتركو الفصائل تعمل مع الدولة اللبنانية، وكفاكم ملوكيَة..

المصدر: العربي الجديد