حماس والسعودية
.. تبدل التحالفات
بقلم: أحمد فودة
تأتي زيارة وفد حركة حماس،
برئاسة رئيس المكتب السياسي خالد مشعل، إلى السعودية في إطار التطورات المتسارعة التي
تشهدها منطقة الشرق الأوسط خلال الأربع سنوات الماضية، من تبدل لمحاور التحالفات التي
كانت قائمة قبل ذلك.
فقبل ثورات الربيع العربي
التي بدأت منذ أربع سنوات، كان هناك محوران يقتسمان المنطقة، محور الممانعة الذي كان
يضم إيران وسوريا وحزب الله اللبناني وحركة حماس، في مواجهة محور الاعتدال الذي كان
يضم مصر والسعودية والإمارات والأردن، وكان يسير في ركب الاستراتيجية الأمريكية في
المنطقة.
لكن بعد اندلاع الثورات،
بدأت ملامح تبدل المحاور في الظهور، خاصة مع وقوف إيران وحزب الله في مواجهة الثورة
السورية التي تريد الإطاحة بنظام الأسد حليف طهران، في مواجهة وقوف السعودية إلى جانب
الثورة. وكذلك إعلان حركة حماس تأييدها للثورات العربية، خاصة الثورة السورية.
ومع اتجاه طهران لتوقيع
اتفاقها النووي مع الولايات المتحدة، الذي سيجعلها حليفا رئيسيا لها في المنطقة، ويسمح
لها بزيادة نفوذها الممتد من العراق وسوريا إلى لبنان واليمن، اكتملت ملامح التبدل
في المحاور ليتحول محور الممانعة إلى محور تحالف مع أعداء الأمس، الولايات المتحدة
وإسرائيل. في مقابل حلف جديد يقف أمام هذه التحولات تقوده السعودية، ويضم كلا من قطر
وتركيا. وتأتي حركة حماس لتعلن انضمامها لهذا التحالف، الذي سيضمن لها مظلة إقليمية
قوية تمدها بالدعم المالي والسياسي في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
في هذا السياق يمكن فهم
بعض من أبعاد زيارة وفد حماس إلى السعودية التي تسعى قدر استطاعتها إلى رص الصفوف في
مواجهة تمدد النفوذ الإيراني المتسارع بفعل أذرع عسكرية تملكها في الدول آنفة الذكر،
وكذلك بفعل مضامين الاتفاق النووي الذي وقعته مؤخرا مع واشنطن وحلفائها.
وتأتي محاولة الرياض استقطاب
حماس إليها من أجل قطع الطريق على طهران التي تسعى لفتح أبوابها للحركة مجدداً، خاصة
وأن الحركة تسعى من جانبها لتفكيك تحالفها مع طهران في ظل التباعد الكبير في المواقف
بينهما وكذلك بسبب شروطها القاسية على الحركة لإعادة المياه لمجاريها في علاقتهما،
والمتمثلة في الطلب من حماس الاعتذار عن موقفها المساند للثورة السورية، وإعلان تأييدها
للنظام السوري.
يجب الإشارة إلى أن التحركات
السعودية، خاصة ما يتعلق منها بالتقارب مع حماس وجماعة الإخوان المسلمين، تواجه برفض
من بعض الدول العربية القريبة منها مثل الإمارات العربية المتحدة التي ترفض بشكل قاطع
أي دور للتيارات الإسلامية مهما كانت الأسباب والدوافع.
لكن الإدارة السعودية الجديدة
لا تلقي بالا لتلك الاعتراضات لأنها تعلم يقينا أن الصراع الدائر في المنطقة، والذي
بدأ يأخذ أبعادا طائفية بسبب النفوذ الإيراني المتزايد، لن يتم حسمه إلا من خلال تشكيل
تحالف قوي يشمل جميع الدول والحركات التي ترى في ذلك النفوذ الإيراني خطرا كبيرا يهدد
أمن واستقرار الدول العربية.
ولعل استمرار الحروب الأهلية
في كل من العراق وسوريا واليمن يؤكد أن هذا التحالف الجديد هو السبيل الأهم القادر
على إنهاء هذه الحروب الناتجة عن توغل الأذرع العسكرية الإيرانية، وحماية أمن واستقرار
الدول العربية، وإعادة إيران إلى داخل حدودها الجغرافية مرة أخرى.
المصدر: الشرق