حملة «انتماء» الأداء المتميز.. يقرّب العـودة
بقلم: محمد أبو ليلى
خاص/ لاجئ نت
يُعدّ تاريخ الخامس عشر من أيار من كل عام، ذكرى أليمة يتذكرها كل إنسان يجول في قلبه وعقله وضميره، الحبّ لتلك الارض التي باركها الله عن غيرها من سائر بقاع الأرض، ألا وهي فلسطين التي لن تغيب يوماً عن العقل الذي راهن البعض من الصهاينة بإستئصال ملف الذاكرة منه، وكما قال أحد زعمائهم «الكبار سيموتون والصغار سينسون» وبالتالي تذهب القضية الفلسطينية في مهب الريح فلا تحرير ولا قدس ولا عودة!
في كل عام تتفاعل الجماهير الشعبية والتنظيمية والحزبية لتُحيي ذلك اليوم الأليم بمختلف الوسائل الممكنة والمتاحة، إن كان في المجال الإعلامي أو التراثي او الإنشادي، وكل ذلك من أجل تعزيز هدفين لا ثالث لهما، الانتماء إلى تلك الأرض والتأكيد على التمسك بالثوابت غير القابلة للتفاوض، وفي مقدمتها حق العودة لأكثر من خمسة ملايين فلسطيني إلى ديارهم التي هُجروا منها إبّان حرب عام 1948، وهذا ما تؤكده الحملة الوطنية للحفاظ على الهوية الفلسطينية «انتمـاء» التي تسعى جاهدة وللعام الثالث على التوالي في تجديد الانتماء إلى فلسطين وتعزيزه في كل مناطق الشتات.
وحملة «انتماء» حديثة الولادة من رحم القضية الفلسطينية، حيث بدأت فعاليتها في العام 2010 وكان عدد المؤسسات المشاركة لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، إلا أنها بعد ثلاثة أعوام من العمل والمثابرة، امتازت الحملة هذا العام بأنها استطاعت إشراك أكثر من 150 مؤسسة محلية وإقليمية ودولية بهذه الحملة طوال شهر أيار.
أما الحملة فهي كما يُعرّفها المنظمون: حملة شعبية ترعاها مؤسسات وجمعيات داعمة للحق الفلسطيني من أجل تعزيز الشعور بالمسؤولية تجاه القضية الفلسطينية، وترفع شعار الانتماء لفلسطين وتؤكد على الحق الثابت بالعودة والتي تمثل القناعة الشعبية بحتمية أولى خطواتها وتعمل الحملة فقط في شهر أيار من كل عام.
أهداف الحملة
وضعت «انتمـاء» لنفسها ثلاثة أهداف رئيسية:
Ø تعزيز الشعور الوطني في أوساط اللاجئين الفلسطينيين في مختلف أماكن تواجدهم داخل وخارج فلسطين.
Ø تفعيل الدور الشعبي الفلسطيني وإبراز تمسكه بحقوقه التاريخية وعلى رأسها حق العودة.
Ø إنعاش الذاكرة الجمعية والحفاظ على الهوية الفلسطينية.
الحملة الإعلامية
وفي سياق فاعليات الحملة هذا العام فقد بدأت اعمالها في بدايات شهر أيار، وركّزت تحركها في الأيام الأولى على الجانب الإعلامي وخاطبت كافة المؤسسات المعنية بقضية فلسطين بشكل عام وبقضية اللاجئين بشكل خاص والمؤسسات المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان من جهة أخرى، إضافة إلى العلماء والمعلمين والشرائح الطلابية.
وزعت الحملة 30,000 علم فلسطيني على رياض الأطفال في المخيمات إضافة إلى المراحل الابتدائية في مدارس الأونروا الموجودة في لبنان، وكذلك وزعت الشال الفلسطيني على مئات المؤسسات والشخصيات العامة في أكثر من دولة، وعملت على إحياء «يوم القرية الفلسطينية»، ورفعت جداريات ضخمة عن الحملة وخارطة فلسطين ووزعت الملصقات الإعلامية، ونفذت العديد من المعارض التراثية في الشمال، وأقامت في صيدا فعاليات «خيمة العودة» على مدى أسبوع وشملت الكثير من النشاطات المتميزة.
واشترك في الحملة عدد كبير من المؤسسات التي تفاعلت على الأرض ومنها الكشفية والرياضية والفرق الإنشادية.
أما على صعيد التغطيات الإعلامية، فقد ساهمت بعض المؤسسات الإعلامية بنشر فكرة الحملة لا سيما بتغطية الفعاليات المتعلقة بإحياء ذكرى نكبة، وهذا ما لمسته الحملة من قبل بعض الفضائيات والإذاعات وكذلك الصحف وكثير من المواقع الالكترونية التي أجرت المقابلات مع منظمي الحملة وأعدّت مجموعة من التقارير عن أبرز النشاطات التي نفذتها «انتمـاء».
تفاعل اللاجئين
يمكن القول إن التفاعل هذا العام كان مميزاً عن الأعوام السابقة، واتسع ليشمل كافة أطياف الشعب الفلسطيني وشرائحه في لبنان والخارج، كما حدث في «خيمة العودة» التي أقيمت في مدينة صيدا لمدة 6 أيام حيث قال منسق الحملة ومدير عام مؤسسة هوية ياسر قدورة «إن الأفكار بدأت تُطرح من قبل هذا الشاب ومن تلك الفتاة عن آليات العمل والنشاطات التي يمكن تنفيذها على الأرض، وبالتالي فإن احتكاك الحملة مع الشعب الفلسطيني اللاجئ كان له الأثر الإيجابي والطيب». أما الجانب الأهم بنشاطات «خيمة العودة» فقد كان باشتراك كافة الفصائل الفلسطينية بمختلف التوجّهات السياسية، إذ كان الحضور من الفصائل الفلسطينية كافة، وفي هذه رسالة واضحة إلى أن «انتمـاء» بشكل عام و«خيمة العودة» بشكل خاص هي فرصة لتلاقي كل الأطياف الفلسطينية وإن ما يجمع هذه الأطياف هي الهوية المشتركة.
لا بد من الإشارة الى ان الظروف الصعبة التي تشهدها سوريا لم تحُلْ دون قيام المؤسسات المشاركة بالحملة بجملة من الفعاليات، حيث تم تنظيم بعض الأمسيات الشعرية ومهرجان «قرى سهل الحولة» إضافة إلى بعض الأنشطة الرياضية ورفع الجداريات الكبيرة. وكذلك شهدت المخيمات في الأردن جملة من الفعاليات المشابهة، إضافة إلى أولمبياد رياضي في اليمن، وجملة من الفعاليات التي نظمتها بعض المؤسسات في الدول الأوروبية ومنها البيت الفلسطيني في هولندا ومركز العودة الفلسطيني في لندن.
في نهاية المطاف، نرى أن حملة «انتمـاء» من الحملات التي استطاعت تعزيز الانتماء لفلسطين داخل أوساط اللاجئين الفلسطينيين في لبنان والعالم العربي والغربي، وقد حققت نجاحات ملفتة وتفاعلاً إيجابياً في المجتمع الفلسطيني في لبنان وبعض الدول العربية والأوروبية.
أمام هذه النتائج الطيبة يمكن المرء القول بأن عودة اللاجئين إلى فلسطين باتت اقرب من اي وقت مضى، ويعود ذلك إلى الإصرار على التمسك بالانتماء لفلسطين الأرض والوطن والقضية، وهو الشعار الذي رفعته الحملة هذا العام.