حملة «انتماء».. حيث ينبعث النبض متمسّكًا بحق العودة
بقلم: فايز أبو عيد *
الانتماء
هو الإحساس بحب الوطن وبالرغبة الشديدة في الدفاع والذود عنه بكل ما أوتي الإنسان من
قوة. ولهذه الكلمة عند الشعب الفلسطيني خصوصيتها التي لا يعرف معناها الحقيقي إلا من
أُحتُل وطنه أو أُُجبر على تركه رغماً عنه. والانتماء للوطن هو انتماء فطري لدى أبناء
الشعب الفلسطيني لأنه مجبول بدمه ويسري في عروقه، نابع من صميم القلوب التي عانت وما
زالت تعاني ألم وجرح النكبة.
ومن
هذا الجرح النازف انطلقت فكرة الحملة الوطنية للحفاظ على الهوية الفلسطينية "انتمــاء"
التي كانت في بداياتها رداً وتحدياً واضحاً لقرار الكنيست الصهيوني الذي اقر ما سمي
بقانون النكبة، والذي نص على أنّ أي مؤسسة أو جمعية تطلق فعاليات لإحياء ذكرى النكبة
الفلسطينية، يتم سحب تمويلها أو تقليص ميزانيتها، بعد موافقة النائب العام ووزير المالية".
وكذلك كانت حملة "انتماء" رداً على دور وكالة الأونروا في طمس الذاكرة الفلسطينية،
من خلال وقف تدريس تاريخ فلسطين وجغرافيتها، في الوقت الذي أقرت تدريس "الهلوكوست"
في مدارسها".
"انتماء"
هي ترجمة حقيقية لتعزيز انتماء الشعب الفلسطيني القلوب لتنبض بحب الوطن والانتماء إليه،
لأن الانتماء لديه يعني تحرير كامل تراب فلسطين ونيل الحرية والاستقلال وعودة كافة
اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم التي طردوا منها عام 1948.
وسعت
حملة "انتماء"، التي أطلقت فكرتها عام 2010 وتنظّم للعام السابع على التوالي،
إلى زيادة عدد المؤسسات المشاركة معها، حيث شارك معها عام 2011 أكثر من 50 مؤسسة، أمّا
اليوم فيتجاوز عددهم 300 مؤسسة.
وتهدف
الحملة إلى تعزيز الشعور الوطني في أوساط اللاجئين الفلسطينيين في مختلف أماكن وجودهم
داخل وخارج فلسطين، وتفعيل الدور الشعبي الفلسطيني وإبراز تمسكه بحقوقه التاريخية وعلى
رأسها حق العودة، وإنعاش الذاكرة الجمعية والحفاظ على الهوية الفلسطينية، معتمدة كافة
الوسائل لتعزيز هذا الانتماء من رفع للعلم الفلسطيني طوال شهر أيار (شهر النكبة)، وارتداء
اللباس التراثي الفلسطيني وكل ما يرمز لفلسطين مثل الكوفية والوشاح الفلسطينية، ونشر
الملصقات والمواد الدعائية والتراثية الفلسطينية في الأماكن العامة، وكتابة المقالات
والتقارير الصحفية ونشرها في الوسائل الإعلامية، وإطلاق صفحات إلكترونية لنشر الفكرة
على الانترنت، وتنظيم الحملات الإعلامية والثقافية في أوساط اللاجئين الفلسطينيين،
وكذلك المشاركة في مسيرات واعتصامات في ذكرى النكبة.
وأخيرا
يمكن القول أنّ المشاركة في حملة "انتماء" هو ليس من قبيل الترف واطلاق الشعارات
الرنانة وإثبات الوجود على الساحة الفلسطينية، وإنما تأتي المشاركة الفاعلة بهذه الحملة
كتعبير حقيقي عن تمسكنا بحقنا بأرض فلسطين التاريخية من النهر إلى البحر، وإرسال رسالة
للعالم أجمع بأنّ هناك شعب فلسطيني مشرد في أصقاع الأرض الأربعة متمسك بأرضه وهويته
الفلسطينية.
صحيح
أنّ الكبار يموتون ولكنّ الصغار أكثر تمسكاً وإصراراً على العودة إلى ارضهم وتحريرها
من براثن العدو الغاصب. وأستشهد هنا بقول ابن القيم "جنتي في قلبي فإن قتلوني
فهي شهادة وإن حبسوني فهي خلوه"، لذلك دع انتماءك في قلبك أينما كنت وأينما حللت
ومع من كنت. فالناظر إلى التاريخ يرى أنّ الحضارات عندما تسقط تسقط معها مناهجها وأفكارها،
وذلك دليل على عدم كفاءة المنهج. أما نحن الفلسطينيون فلا يسقط انتماؤنا وذلك لعدم
تأثره بضعف أو قوة، ولأن انتمائنا أولا وأخيراً يعود إلى عمق تمسكنا بالأرض المعطاءة.
* إعلامي فلسطيني