حين تغيب الوطنية تحترق المبادئ
بقلم: يوسف رزقة
يبدو أن بعض الدول الغربية تتمتع بأداء منطقي
أكثر شفافية ومصداقية من بعض الدول العربية.
ويبدو أن بعض الشركات الغربية تدافع عن مبادئها
الإنسانية أكثر من كثير من الشركات العربية، ففي خبرين كاشفين للمفارقة قالت وكالات
الأنباء : إن شركة نرويجية عملاقة في مجال التأمين تعرف اختصارا ب ( kLP ) قامت بسحب استثماراتها بملايين الدولارات من دولة الاحتلال
لأن الشركات الإسرائيلية تسرق ثروات الفلسطينيين الطبيعية وتتاجر بها ، وهو إجراء مخالف
للقانون الدولي الذي يمنع الدولة المحتلة من التصرف بثروات المناطق المحتلة لصالحه.
وفي الخبر الثاني : نشر مركز إحصاء اسرائيلي أن
(١٤٢٠٠) سائحا عربيا زاروا( إسرائيل) في هذا العام، موزعين على ثلاث دول عربية هي
: الأردن (٧٥٠٠) ، ومصر (٥٢٠٠) والمغرب (١٥٠٠) ، وهذا يعني أن الدول العربية تباشر
التطبيع الناعم مع دولة الاحتلال بدون النظر في إجراءات دولة الاحتلال العدوانية ضد
الأراضي المحتلة، وضد القدس، وضد ثروت الفلسطينيين.
هذه الدول العربية تتحدث كثيرا عن حقوق الشعب
الفلسطيني، وحديثها في هذا الباب أضعاف حديث النرويج مثلا، ومع ذلك علينا أن ننظر في
هذه المفارقة العجيبة، وهو أمر يجعل الفلسطيني أكثر احتراما للأجنبي، وأقل تصديقا للعربي،
وهو أمر في غاية الخطورة.
وفي الاتجاه نفسه يقاوم جلّ الفلسطينيين والعرب
عمليات التطبيع مع دولة الاحتلال والعدوان، بينما يطالب جبريل الرجوب رئيس الاتحاد
الرياضي الفلسطيني، اللواء السابق في الأمن الوقائي، المنتخب السعودي لكرة القدم بالقدوم
إلى الضفة الغربية من البوابة الإسرائيلية لإجراء مبارة مع المنتخب الفلسطيني على أرض
رام اللهة حسب قرعة الفيفا، وحين تعتذر السعودية عن القدوم بسبب التطبيع ، وعن المرور
من تحت إبط الجنود اليهود، يرفض الرجوب الاعتذار، ويعتبر الفريق السعودي خاسرا، ويزعم
أن الاعتذار السعودي قرار سياسي؟!
اللواء الرجوب، الذي ضحى بالموقف الفلسطيني في
اجتماع الفيفا لصالح إسرائيل في مسرحية سيئة الإعداد، إذا أدخلت الحزن لكل بيت رياضي
فلسطيني وعربي، وأحسبها أحزنت العرب والفلسطينيين جميعا، يكمل مشوار خدماته المجانية
للعدو المحتل باسم الرياضة من خلال المنتخبات العربية، مخترقا جدار التطبيع.
وهو يريد أن يبدأ بالدولة الأكثر حساسية في مسألة
التطبيع بحكم بحكم قيادتها للدول الإسلامية، ودول مجلس التعاون الخليجي، وإشرافها على
خدمة الحرمين الشريفين وحجاج بيت الله.
إن دعوة الرجوب الأندية العربية للعب في الضفة،
لا تختلف عن دعوة عباس العرب لزيارة الاقصى، ولا تختلف عن عمل شركات السياحة العربية
القائمة على برامج سياحة داخل فلسطين المحتلة، فعمل هؤلاء جميعا يدخل في دائرة التطبيع
الناعم مع دولة الاحتلال ، ويقدم خدمات مجانية للاحتلال، وفيه إضرار بمصالح الفلسطينيين
لا محالة، وفيه مفارقة كاوية للوجدان الوطني الفلسطيني إذا ما قارنا أفعالهم بأفعال
الشركة النرويجية مثلا، أو مقاطعة اتحاد طلبة الجامعات البريطانية، أو مقاطعة الأكاديميين
في الجامعات الغربية لنظرائهم في دولة الاحتلال لعدوانهم على الشعب الفلسطيني ، وعلى
مقدراته وثرواته، واستيطانها في أرضه.
المصدر: فلسطين أون لاين