القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الإثنين 25 تشرين الثاني 2024

خارطة طريق مصرية أردنية لمعالجة الوضع الفلسطيني

خارطة طريق مصرية أردنية لمعالجة الوضع الفلسطيني

بقلم: حمادة فراعنة

إجراءات المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي، بهدف إستكمال تهويد القدس، وتوسيع الاستيطان من أجل تفكيك التماسك الجغرافي والسكاني للضفة الفلسطينية، وإنهاء التواصل بين المواقع الثلاثة، بين الضفة والقدس والقطاع، وعزلها عن بعضها البعض، وإستغلال الانقسام الوطني والسياسي بين سلطتي رام الله وغزة، في سياق سياسة إسرائيلية تعمل على تقويض المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني، وتمزيق الهوية الوطنية الفلسطينية الجماعية، وإعادة تبديدها، وتقزيم التسوية السياسية المقترحة، والحل المرحلي القائم على إقامة الدولة الفلسطينية في الضفة والقدس والقطاع، مستغلة تل أبيب تراجع مكانة الدور التمثيلي المؤسسي الموحد لمنظمة التحرير بسبب الانقسام، وغياب البرنامج السياسي الفلسطيني المشترك، والتخبط في إختيار الادوات الكفاحية وكيفية إستعمالها، ما بين مفاوضات إلى إنتفاضة مدنية، إلى عمليات مسلحة، إلى إطلاق صواريخ، إلى غيرها من الادوات النضالية المفيدة والضارة، هذه الخلاصة الواقعية لصورة المشهد الفلسطيني المتأكل والممزق أمام تفوق العدو الوطني والقومي وجموحه الاستعماري التوسعي، إضافة إلى الحروب البينية العربية التي دمرت ليبيا وسوريا واليمن ومن قبلهم الصومال والعراق، وأضعفت الدور الخليجي المستنزف مالياً، مما أفقد نضال الشعب العربي الفلسطيني روافع داعمة لصموده، زيادة على الانشغال الدولي بقضايا الارهاب واللاجئين والازمة الاقتصادية لها الاولوية في إهتمامات المجتمع الدولي ومؤسساته، وتم ذلك على حساب قضايا أخرى تراجع الاهتمام بها، وفي طليعتها القضية الفلسطينية، وأدى ذلك إلى تفاقم معاناة الشعب الفلسطيني وحرمانه من أبسط حقوقه العادلة، حقه في الحياة والكرامة مثل كافة الشعوب المتحررة المستقلة على أرضها وفي بلادها.

خلاصة هذا دفعت القيادات المصرية والاردنية، ومعها، ومن خلال تفاهمها مع القيادات السعودية والاماراتية، لبلورة خطة عمل، وخارطة طريق، ووضع خطوات عملية متتالية تراكمية تسير متدرجة خطوة بعد خطوة، أو إلى جانب بعضها البعض، بهدف لملمة الوضع الفلسطيني، بإعتباره كرة الثلج الصغيرة الاولى والاهم على الطريق الطويل، بإتجاه العمل من أجل : 1- مؤسسة تمثيلية واحدة موحدة وهي منظمة التحرير الفلسطينية وأداتها على الارض وفي الميدان سلطتها الوطنية، 2- صياغة برنامج عمل سياسي مشترك، تشارك في صياغته والتوصل إليه وإقراره مختلف الفصائل والشخصيات كي يكون هو عنوان العمل وهدفه والالتزام به، 3- إختيار الادوات الكفاحية المناسبة وفق إمكانات الشعب الفلسطيني، ووفق الظروف المتاحة لممارسة هذه الادوات كي تجعل من الاحتلال مكلفاً، وتختزل عوامل الزمن لتحقيق الانتصار الفلسطيني، وإنجاز مهمات التحرر الوطني، وإستعادة حقوق الشعب العربي الفلسطيني كاملة غير منقوصة، بشكل تدريجي متعدد المراحل، 1- حقه في المساواة في مناطق الإحتلال الاولى عام 1948، أبناء الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، 2- وحقه في الاستقلال لمناطق الاحتلال الثانية عام 1967، لأهالي الضفة والقدس والقطاع، 3- وحق اللاجئين في العودة إلى المدن والقرى التي طردوا منها وتهجروا عنها عام 1948، وإستعادة ممتلكاتهم فيها ومنها وعليها وفق قرار الامم المتحدة 194.

خارطة الطريق المصرية الاردنية تسعى إلى تحقيق ثلاث خطوات متتالية تبدأ بالاولى وتتمثل بوحدة حركة فتح وإنهاء حالة الاستعصاء التي تواجهها، وتحميل المسؤولية، وإلغاء العقوبات وإجراءات الفصل، والعودة إلى نتائج المؤتمر السادس وإفرازاته والاحتكام للمؤتمر السابع الاقدر على معالجة المستجدات وإفراز قيادة جديدة مؤهلة لقيادة المستقبل.

ثانياً إنهاء حالة الانقسام بين الضفة والقطاع، بين فتح وحماس، والعمل على وحدة الشعب الفلسطيني ووحدة حركته السياسية على قاعدة المؤسسة الواحدة والبرنامج المشترك والادوات الكفاحية المتفق عليها، وذلك من خلال تنفيذ سلسلة الاتفاقات الموقعة بين طرفي الانقسام المشبعة نقاشاً وتداولاً وتحتاج لأرادة سياسية ضاغطة لتنفيذها.

ثالثاً الوصول إلى طاولة مفاوضات فلسطينية إسرائيلية وفق المرجعيات المتفق عليها، وتنفيذ الالتزامات المتبادلة، والتجاوب مع المبادرات الدولية بهذا الخصوص وخاصة الفرنسية والروسية.

خارطة الطريق الاردنية المصرية حددت أول خطواتها العملية نحو التوجه لوحدة حركة فتح التي تجاوبت مع هذا التوجه وإستجابت للمبادرة المصرية الاردنية، فقد أكد كل من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل الاردني الملك عبد الله الثاني في إجتماعهما الثنائي المشترك في القاهرة يوم 24/8/2016 " على ضرورة كسر الجمود في الموقف الراهن، مشددين على أهمية العمل على تهيئة الظروف الملائمة لأحياء مفاوضات السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وتذليل جميع العقبات التي تقف حائلاً أمام جهود السلام والعمل على إستئناف المفاوضات وفقاً للمرجعيات الدولية، وصولاً إلى حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967، وعاصمتها القدس "، كما جاء في البيان المشترك في أعقاب القمة بينهما حيث أعرب " الزعيمان عن تقديرهما للرئيس الفلسطيني محمود عباس لإستجابته لدعوة لم الشمل الفلسطيني، وإصدار اللجنة المركزية لحركة فتح بياناً للتأكيد على دعوتها لأعادة أبنائها تحت مظلة الحركة بما يخدم القضية الفلسطينية والوضع الداخلي الفلسطيني بشكل عام، في ظل المرحلة الدقيقة التي تمر بها القضية الفلسطينية في الوقت الراهن، والتي تتطلب وحدة الصف ودعم القوى المعتدلة لمواجهة الارهاب، الذي يعاني منه العالم ".

وقد سبق صدور البيان الاردني المصري المشترك، إجتماع اللجنة المركزية لحركة فتح برئاسة الرئيس محمود عباس في رام الله، الذي أكد على " إستمرار دعمه للمبادرة الفرنسية، وللجهود المصرية والاردنية الاخيرة لتنفيذ الالتزامات المترتبة على إسرائيل لدفع عملية السلام نحو غاياتها " ودعت اللجنة المركزية لحركة فتح " أبناءها وكوادرها كافة لتعزيز وحدتهم وتعاضدهم وتضامنهم، والتعالي عن الخاص للعام، وتؤكد على أن أطرها ومؤسساتها مفتوحة أمام جميع أبنائها للتعامل مع المشاكل والعقبات كافة، بما يشمل أصحاب التظلمات الذين إتخذت بحقهم إجراءات عقابية ".

خارطة الطريق الاردنية الفلسطينية أخذت خطواتها العملية التنفيذية ليس فقط بوقف الحملات الاعلامية بين قيادات فتح وتعاملهم مع بعضهم البعض، وصدور بيان اللجنة المركزية لعودة المفصولين، بل وتشكيل قوائم إنتخابية فتحاوية موحدة لخوض إنتخابات المجالس المحلية البلدية والقروية التي ستتم يوم 8/10/2016، وهي دلائل ومقدمات تنفيذية حيوية تعكس روح المسؤولية والتجاوب مع المبادرات الوحدوية بهذا الاتجاه، وبالتالي يمكن القول أن حركة فتح ستكون خلال الاشهر المقبلة ليس فقط أفضل مما كانت قبله، بل يمكن الرهان عليها من أجل لملمة الوضع الفلسطيني برمته لأنها ستكون في الموقع والمكانة الاقوى بعد إستعادة ثقتها بنفسها على أثر وحدة كل أطراف ومكونات الحركة، مما سينعكس ذلك على جبهتين أولهما في التعاطي مع إستحقاقات إنهاء الانقسام الفلسطيني مع حركة حماس، وفي التعامل مع المبادرات الدولية الفرنسية والروسية وغيرها، في مواجهة مخططات وبرامج نتنياهو وحكومته الاستيطانية التوسعية الاستعمارية.

المصدر: الدستور