القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الخميس 28 تشرين الثاني 2024

خالد مشعل ... رجل المرحلة .. وسيف حماس المسلول

خالد مشعل ... رجل المرحلة .. وسيف حماس المسلول

بقلم: الشيخ علي اليوسف

هناك أناس يصطفيهم الله عز وجل للرسالة، وآخرون للشهادة، وآخرون للجهاد والدعوة والإنفاق في سبيل الله، وغير ذلك من سبل الخير، حتى تستقيم الحياة، ويظهر أهل الحق على أعدائهم.

والقيادة من أعظم صور الاصطفاء، وهناك أناس لا يقوون عليها، ولا يحسنونها، وإذا وصلت إليهم أفسدوا وضيعوا البلاد والعباد، لذا وجب العناية باختيارهم بدقة، وهذا ما درج عليه المنهج القرآني عندما اصطفى الله طالوت للقيادة على وفق مواصفات القائد الفذ المميز صاحب الكفاءة والقوة والقدرة على تحمل المسؤولية بشجاعة وبسالة من غير خوف ولا وجل ولا تردد.

والمنهج النبوي سلك سبيل المنهج القرآني في اختيار القادة، فمنع سيدنا أبو ذر الغفاري منها على فضله ومكانته، وقدم شباب على كبار الصحابة لكفاءة وقوة وقدرة فيهم على تحمل أعباء المسؤولية، أمثال أسامة بن زيد بن حارثة ومصعب بن عمير وعلي بن أبي طالب وغيرهم من القادة الأعلام؛ بل إن المنهج النبوي عد من يقدم الضعيف للقيادة والمسؤولية - في وجود من هو أرجى وأقوى وأقدر وأصلح لها - خيانة لله والرسول وجموع المؤمنين.

وباعتقادي فإن الأخ خالد مشعل واحد من أولئك القادة العظام الكبار الذين اصطفاهم الله لقيادة الركب الإيماني في مرحلة دقيقة وحساسة من عمر الزمن، وذلك لصفات أودعها الله فيه، ومميزات حباه الله إياها.

ومن الصعوبة بمكان أن أتناول في هذه الزاوية كل هذه الصفات القيادية، ولكني سأسلط الأضواء على بعضها، الصفة الأولى قدرته على اختيار القادة بدقة وعناية، وأذكر في هذا السياق عندما زارنا الأخ أبو الوليد في اليونان أيام الدراسة في أواخر الثمانينيات، واستضفته في منزلي في أثينا، كان وقتها يبحث عن الشباب الرواحل والكوادر القادرين على تحمل أعباء المسؤولية في مرحلة التأسيس الأولى، ومما استوقفني وقتها سؤاله عن لبنان وأبرز رجالات العمل الإسلامي الفلسطيني فيها، ومن هو المؤهل لقيادة العمل الإسلامي الفلسطيني في الساحة اللبنانية على وفق الكفاءة والقدرة والصفات القيادية بكل تجرد، والشاهد هذه العقلية المتفتحة التي تبحث عن الرجال القادرين على حمل ورفع لواء الدعوة والحق، وهذه نظرة أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب الذين كان على يقين بأن اختيار الرجال من أهم عوامل انتصار الدعوة.

والصفة الثانية دماثة أخلاقه، وحسن معاملته، وهذا يلمسه كل من يتعرف عليه، وليس غريبا على رجل تربى على موائد القرآن، ونهل من معين الدعوة، فحفظ كتاب الله عز وجل ونال الإجازة بالسند المتواتر من صاحب أعلى إسناد الحافظ الجامع الشيخ أبي بكر الطرابيشي وكذلك من شيخ قراء الشام الشيخ كريم راجح.

والصفة الثالثة شجاعته وقوته في الحق وقيادته لحركة المقاومة الإسلامية حماس في أحلك الظروف، وأدق المراحل، فلم تتراجع حركة حماس بقيادته عن ثوابتها، ولم تبدل طريق الشيخ الإمام الشهيد أحمد ياسين، لم تخضع للرباعية، ولم تضعف أمام الحصار والقتل والإعتقال، فهو وإخوانه يتمثلون قول الله سبحانه وتعالى " الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل "، وحقق مع إخوانه انتصارات عظيمة على الصهاينة المجرمين، سطرت بأحرف من نور على جبين الإنسانية كصفحة من صفحات العزة والكرامة في جهاد أهل فلسطين.

وبرزت الشجاعة والقوة في موقف القائد خالد مشعل من الثورة السورية التي أيد مطالبها وتطلعاتها للحرية منذ بداية الثورة، وعندما طلب منه أن يقف إلى جانب الظالم في مواجهة المظلوم، قال بكل جرأة : " من دعمنا بالحق لن ندعمه بالباطل ".

وهكذا حفظ حماس من منزلق خطير سقط فيه آخرون، فهو بحق رجل المرحلة الذي نسأل الله أن يكون تحرير القدس وفلسطين على يديه مع إخوانه الأبرار، فسر في طريق الحق يا مشعل هذه الأمة فأنت سيف حماس المسلول في وجه الباطل والنفاق، والله حسيبك، وهو نعم المولى ونعم النصير.

بيروت، 15-4-2013