خطورة الوثائق السرية التي كشفتها حركة حماس
جمال أبو ريدة
كشفت
الوثائق السرية التي عرضها القيادي في حركة "حماس" صلاح البردويل في المؤتمر
الصحفي الذي عقده في مدينة غزة، مدى تورط حركة "فتح"، ومن خلفها الأجهزة
الأمنية للسلطة الفلسطينية في رام الله، في تشويه صورة حركة "حماس" في الإعلام
المصري إلى حد "شيطنتها"، كما كشفت هذه الوثائق الحالة التي انتهت إليها
علاقة حركتي "فتح" و "حماس" بعد سبع سنوات من الانقسام السياسي،
والذي بدأ في العام2006، ولم ينته بعد، الأمر الذي من شأنه أن ينعكس سلباً ولفترة طويلة
على أي محاولات مستقبلية لتفعيل ملف المصالحة الوطنية بينهما، وهو الملف الذي انتهى
بفعل هذه الوثائق الخطيرة إلى الأدراج، بل يمكن القول بأن هذه الوثائق ستقطع الطريق
أمام أي محاولات بعد اليوم، حتى لمجرد الترتيب للقاء بين قيادتي الحركتين، الأمر الذي
يعني تعطل ملف المصالحة، بل وتعطل كل الاتفاقات الموقعة بين الطرفين حتى الآن لطي صفحة
الانقسام.
ولعل
الأسوأ في هذه الوثائق أنها قد ذهبت إلى "اختلاق" الأكاذيب بلا حدود، بل
وصلت إلى حد اتهام حركة "حماس" بالوقوف وراء جرائم خطيرة على الأراضي المصرية،
كالوقوف وراء عملية قتل الجنود المصريين الستة عشر قبل عام من الآن على حدود غزة، بالإضافة
إلى زعزعة الحركة لأمن واستقرار مصر، إلى غير ذلك من "الأكاذيب" الأخرى،
الأمر الذي تسبب في حالة من السخط الشعبي المصري على حركة "حماس" خاصة والشعب
الفلسطيني عامة، ولعل حالة الخوف التي بدأت تسيطر على الفلسطينيين المقيمين في مصر
تكفي للتأكيد على الأثر السلبي الذي تركته هذه الوثائق على حياة الفلسطينيين في مصر،
والذين بات الكثير منهم أسرى بيوتهم، ولا يقوون على الخروج منها، خشية البطش بهم من
قبل بعض المصريين الذين التقت مصالحهم مع مصلحة حركة "فتح" والسلطة الفلسطينية
في العداء لحركة "حماس".
وفي
الوقت الذي كان فيه الواجب الوطني يقتضي من حركة "فتح" والسلطة الفلسطينية
معاً، فتح تحقيق "عاجل" في هذه الوثائق، وذلك لمعرفة صدقها من عدمه، لأنها
تسيء أولا إلى الشعب الفلسطيني كله، كانت المفاجأة أن حركة "فتح" والسلطة
معاً، قد "كذبتا" هذه الوثائق على الفور، ودون إعطاء نفسيهما الوقت الكافي
للتأكد من صحتها أو عدمه، ما يعني تورطهما ووقوفهما خلف هذه الوثائق، التي إن كان هناك
وصف دقيق لها، فإنها وثائق العار، لأنها أساءت لصورة الشعب الفلسطيني كله، ولتاريخه
وقضيته العادلة، وأظهرته أمام العرب والمسلمين على وجه التحديد، بالشعب غير المسئول
عن قضيته، وبالشعب الذي انشغل عن مقاومة الاحتلال (الإسرائيلي)، بالخلافات الداخلية،
والتي ضاق بها الوطن، لتنتقل بهذا الخلاف إلى خارجه.
ولعل
ما يجعل هذه الوثائق أقرب إلى الصحة منها إلى الكذب، هو ما جرى من حركة "فتح"
في السنوات الأخيرة وتحديداً منذ العام 2006، وهو العام الذي فازت فيه حركة "حماس"
بالانتخابات التشريعية، وهو الفوز الذي أفقد حركة "فتح" عقلها وصوابها، وذهبت
إلى كل الوسائل غير المشروعة لتجاوز نتائج هذه الانتخابات، حيث مارست القتل والخطف
لقيادات حركة "حماس" وعناصرها معاً، ولم تكتف بذلك بل ذهبت إلى إحراق المؤسسات
المحسوبة على الحركة، ولعل إحراق الجامعة الإسلامية بالكامل شاهد حي على ذلك، وهناك
قوائم أخرى من الجرائم التي اقترفتها حركة "فتح" في قطاع غزة قبل خروجها
منه، والتي استكملتها وتستكملها كل يوم في الضفة الغربية، ولعل التقارير الشهرية الصادرة
عن المؤسسات الحقوقية الفلسطينية المستقلة تكشف مدى "استباحة" حركة
"فتح" ومن خلفها أجهزة السلطة، لكل ما هو محسوب على حركة "حماس"
في الضفة الغربية.
والأخطر في هذه الوثائق أنها قد تكون فرصة
يستغلها الاحتلال (الإسرائيلي) للعدوان على غزة، لتحقيق ما عجز عن تحقيقه في العدوانين
السابقين، وذلك ظناً منه أن الشعب المصري وهو أكثر الشعوب العربية تضامناً مع الشعب
الفلسطيني، وتحديداً بعد الربيع العربي وسقوط نظام الرئيس المصري المخلوع مبارك، سيبقى
مكتوف الأيدي من هذه العدوان، ولكننا نقول بأن الشعب المصري والذي خرج بالملايين للتعبير
عن غضبه من الانقلاب الأسود الذي دبره عبد الفتاح السيسي ضد رئيسه محمد مرسي المنتخب
عبر صناديق الاقتراع، أكبر من أن تنطلي عليه الألاعيب "المخابراتية"، للإيقاع
بينه وبين الشعب الفلسطيني.