القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأربعاء 27 تشرين الثاني 2024

خيارات فلسطينية بطعم الرصاص

خيارات فلسطينية بطعم الرصاص

بقلم: علاء الريماوي

لم يكن شعار العبثية الذي حكم السياسة الفلسطينية بعد انتهاء انتفاضة الأقصى وحصول الانقسام معزولا عن توجه رسخته أياد فلسطينية حاولت إسناده بسلطة جندت نفسها لإنهاء كل خيار مغاير وبأي ثمن.

هذا الحال ظل قائما وعميقا في الضفة الغربية برغم القناعة الفلسطينية أن حكومة نتنياهو ستمضي بعيدا في تهويد القدس، وتعزيز الاستيطان في الضفة الغربية مع زيادة غير مسبوقة في وتيرة الانتهاكات في كافة المجالات على الأرض مسنودا ذلك بدعم أمريكي وصل ذروته من خلال أضخم موازنة دعم مالي وعسكري في تاريخ الولايات المتحدة لإسرائيل.

هذه الصورة لم تغير في شكل التعاطي الفلسطيني الرسمي مع الكيان ولم تزد في حماسته الانتقال إلى مربع جديد تتغير فيه قواعد اللعبة، إلا تلك الخطوة التي باتت هدفا إستراتيجيا وهي التوجه للأمم المتحدة لتحقيق اعتراف بدولة كسيحة.

في متابعة الخطابات الفلسطينية وسلوك قياداتها يمكن استنباط الخطوط العريضة التي تحكم الحراك الفلسطيني عبر صراحة الموقف بعدم قبول خيار المقاومة بكافة أشكالها، مع القبول بالضفة الغربية كقاعدة لامتداد حكم السلطة والهيمنة عليها.

في النقاش الدائم مع بعض الاخوة في حركة فتح حول المستقبل والخيارات، تستجلب حركة حماس للهجوم عليها وللحديث عن ممارستها من قبول للتهدئة مع (إسرائيل) كاستشهاد يعزي الانتكاسة القائمة بأن الحال واحد والوجهة السياسية متقاربة.

هذا السجال ظل على حاله حتى جاء الحكم المصري الجديد بقيادة الإخوان فزاد الطين بلة من خلال محاولة سلطة فتح البحث عن حليف جديد لم يتبلور بعد خاصة بعد البرود الإردني والبلادة الخليجية في التعاطي مع ملفات المنطقة العربية.

سجال الخيارات كان غالبا عليه المناكفة لغياب رؤية منهجية تحكم خارطة السياسة والأهم غياب مؤسسة مرجعية تتفق على شرعيتها الفصائل الفلسطينية خاصة فتح وحماس.

هذه الضبابية في الحالة الفلسطينية هزتها الحرب الأخير على قطاع غزة بعدما أثبتت المقاومة فيها صمودا وقدرة ووحدة غير مسبوقة في التاريخ الفلسطيني الحديث والذي يمكن تلخيص صور تميزها من خلال الآتي:

1. قدرة المقاومة على الفعل وإيلام العدو في مختلف مواقع تواجده على الأرض الفلسطينية.

2. حالة الصمود غير المسبوقة والتي سجلها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة من خلال التفافه وتفاعله مع المقاومة الفلسطينية.

3. السقف الشعبي المرتفع الذي أسند المقاومة في الضفة وغزة وطالبها بمواصلة الضغط بعدما تحققت حالة الثقة بالقدرة على الفعل من المقاومة.

4. تبلور حلف عربي مساند للمقاومة لأول مرة منذ ثلاثين عاما تقوده مصر وفيه تركيا وبعض الدول التي جاءت الى غزة متضامنة،وداعمة، ومتفاعلة، ومنسحبة من حلف دولي ظل سلاح إسرائيل في حربها في المنطقة على قوى المقاومة.

5. ظهور غير مسبوق للدور المدني للقوى الشعبية وإن لم يكن فاعلا إلا أن إضطراد الحراك كان حافزا للنظام الرسمي للفعل في الصورة التي شوهدت في الأيام الماضية من الحرب.

6. رسوخ الخيار : أثبتت المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية وغزة إنها قادرة حين التوحد على المس المباشر في قدرة الاحتلال على الصبر والمواجهة خاصة حين يكون الفعل نوعيا.

7. الاندثار غير المسبوق في القناعة لدى الشعب الفلسطيني لصورة المفاوض الذي تعودنا منه لغة المواربة و الاختباء وراء الأمنيات ساعة الفعل الكبير.

هذه السباعية التي تحققت ألقمت القادة الفلسطينيين حقيقة أن الاحتلال لا يفهم حين محاورته سوى لغة يسندها القدرة، وان التخلص من المخالب عبر رفع غصن الزيتون لا يقدر من الاحتلال بل يمعن مع ذلك في إذلال الشعب الفلسطيني.

اليوم تعيد غزة البوصلة، وتخرس من خلال الفعل كل الأصوات التي أرادت شعار " دايت مقاومة " " كنتاكي وطن " " بوس تفاوضي " وغيرها من مشاهد تحتاج إلى انتفاضة وعي تحقق في أيام ثمانية بدأت مع حكاية استشهاد لقائد صنع المستحيل.

لذلك بات من الحتمي على من يعنيهم الأمر استثمار حالة التقارب الحادثة بين فصائل الشعب الفلسطيني والانتقال فورا للحديث عن الخطوة التالية التي تحدثت عنها اليوم صحيفة معاريف وتساءلت هل سيتغير شكل العلاقة الفلسطينية الداخلية؟، وهل سيستثمر الفلسطيني نتائج الحرب لتعزيز الأفكار الراديكالية التي بات يؤدها شريحة واسعة في الشعب الفلسطيني؟

هذا ما سنتعرف عليه خلال الأسابيع القادمة والتي معها تظل قناعة قادة فتح مهمة في الضفة من أن شيئا ما قد تبدل في المنطق.