ربطة الخبز

بقلم:الإعلامية الفلسطينية حنين العبد
يريدون منا أن نسكت ولا نتكلم على اي حدث في سورية، أو
اذا أردنا التحدث علينا أن نتحدث بسلاسة وديموقراطية وديبلوماسية أو نتحدث عن سراب
الواقع حتى لا نخدش شعور بعض الناس الذين قلوبهم يقال أنها بريئة ولكن سيوفها حادة
جداً.
فبعد الفتوى التي صدرت مؤخراً في مخيم اليرموك والتي
تجيز لأهله أكل الكلاب والقطط، كان يجب على أي شخص يدعي الإنسانية أن ينطق بكلمة
حق لن تضيع عند الله حتى لو أضاعته في هذه الدنيا، بل كنت أتمنى من جمعيات حقوق
الحيوان أن تنطق بكلمة دفاعاً عن الكلاب والقطط " الضحايا" الذين
سيتناولهم أهالي المخيم، ولكن بقي الصمت سيد الكلام في هذا المخيم.
وأيضاً عندما نريد التحدث عن مجريات الأحداث في سورية
علينا التحري اولاً عن دقة الأحداث، فيخرج بعض المتشدقين ببعض الأسئلة الغبية،
ومنها: هل بالفعل أهالي اليرموك وسورية يأكلون الكلاب والقطط؟! هل بالفعل لا يوجد
طعام بالمخيم؟! ألهذه الدرجة وصلت الحالة؟!
نعم يا أيها البشر الحالة وصلت لأسوء ما تتوقعون أيضاً ،
والذي يريد أن يتحقق من الحقيقة فلينظر إلى ذلك الرجل السبعيني الذي ذهب لإحضار
ربطة خبز لأحفاده المحتجزون والمحاصرون داخل المخيم منذ اكثر من 100 يوم بدون طعام
ولا شراب سوى ما تقدمه بعض الجمعيات الإنسانية والتي تقدم قليلاً من كثيراً
مطلوباً ولكن كل الشكر لهم.
فلنعد إلى قصة هذا الرجل الذي سمع بأنه سيتم توزيع خبز
على الأهالي فركض هو وحشد من النساء والرجال إلى احدى بوابات المخيم، فإذا بضابط
يعطي اوامره السامية لإعطاءهم الخبز، فيأخذ كل رجل وامرأة نصيبه ويهموا بالرجوع
للمنزل، ولكن لم تنتهي "شهامة" هذا الضابط هنا، فأصدر امراً آخر لسحب كل
ربطات الخبز من الحشد، وقال لهم:
" من يريد أخذ ربطة الخبز عليه أن يعوي أولاً"
سكت الزمان، فسكت الرجال، وانصدمت النساء!!!!!!!!!!!
ماذا نفعل ؟! لماذا هذا يحصل؟! وكيف سنتصرف؟!
فإذا بالرجل السبعيني يتقدم الحشد ويصدح بصوت حزين
" أنا أعوي"
وأخرج من حنجرته الثكلى صريخ أشبه بصراخ ذئب مجروح، صراخ
بطل يأن لأن كرامته هدرت لكي يحصل على ربطة خبز.
نعم إنها ليست قصة" الثعلب والأرانب"، أنها
الحقيقة المرة التي يتجرعها أهالي مخيم اليرموك، إنها الشمس يا أهل الصمت والخنوع،
إنها الحقيقة يا من ترونها وتعبرون من فوقها تحفظاً وتمسكاً بدبلوماسية كاذبة.
أهذا ما تريدونه من الشعب الفلسطيني الذي علم الركوع كيف
يستقيم، أتريدونه أن ينحني وهو الذي أمر الكرامة أن تنحني له ، أتريدون من عذابات
أهالي اليرموك وسورية أن تكون جسراً لكم لكي تعبروا عن النأي بالنفس.
أين أنتم يا ممثلين هذا الشعب أراكم في سبات عميق، ألم
يهز منظر غرقى البحر كيانكم ألم يعني لكم هذا الرجل شيئاً ألم تمس كرامتكم، ألم
تشعرون بالإشمئزازمن سياسة التنطيش.
لقد بكي هذا الرجل ودمع لأنه يمتلك كرامة تفوق خيالكم،
ضحى بشجاعته أمام هذا الضابط لأن هدفه نبيل يريد اطعام صغاره الجائعين.
" يابا لا تدمع عينيك، فدمعتك صفعة على وجه كل
ظالم"