رحلة البحث عن 12 مليون دولار في أروقة الأونروا – الجزء الأول
بقلم: برهان ياسين
ما إن هدأت العاصفة الجوية حتى تكشفت معها نذر عاصفة أخرى، فإن كانت الأولى من فعل الطبيعة، فيما الثانية ستكون من فعل أبناء المخيم سيما وأن علموا ما يسعى البعض لإخفائه عنهم، مياه الأمطار الممزوجة بمياه الصرف الصحي واللتين ملأتا أزقة المخيم وشوارعه الرئيسية وجعلتاه يعيش بحالة شلل تام طيلة ايام المنخفض الجوي، لربما ما كان سيكون لهما هذا الأثر الكبير لولا أن ميزانية مخصصة لهذا الأمر حجبت ووضعت داخل "سراديب" مغلقة في مكتب الأونروا الرئيسي في العاصمة اللبنانية بيروت!!
لعل معظم أهالي مخيم عين الحلوة علموا بالزيارة التي قام بها السفير الياباني في لبنان كويشي كواكامي يرافقه السفير الفلسطيني أشرف دبور في منتصف ايلول من العام الماضي وقيامهم بجولة في المخيم أطّلع من خلالها السفير الياباني كواكامي والوفد المرافق له على حجم الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية للمخيم، وقتها أعلن السفير الياباني كواكامي عزم حكومته بالتعاون مع السفارة الفلسطينية تمويل مشروع البنية التحتية الذي كانت أعدته الأونروا طيلة السنوات الثلاث الأخير ولم تستطع تنفيذه متذرعة بعدم توافر التمويل اللازم من الجهات المانحة ومتابعة للوعد الذي قطعه السفير الياباني كواكامي أرسلت اللجان الشعبية لفصائل منظمة التحرير الفلسطينية مذكرة الى رئيس الوزراء الياباني ناوتو كان أعربت من خلالها اللجان عن تمنيها الإسراع في تمويل المنحة اليابانية.
لم تمر عشرة أيام من الزيارة اليابانية للمخيم حتى استجابة الحكومة اليابانية وأقرت تحريك الهبة التي كانت أقرتها قبل عامين عبر الوكالة اليابانية للتعاون الدولي بقيمة 2.5 مليون دولار أميركيا كتمويل للمرحلة الأولى من مشروع الأونروا البالغ 12 مليون دولار أميركي، لكن ما يجهله معظم الأهالي ان مذكرة تفاهم وقعت حينها مع الحكومة اللبنانية – كتصريح لبدء العمل، بقيمة 2 مليون دولار اميركي، أي بعبارة أخرى هنالك 500,000$ تبخرت في الهواء او سقطت سهوا في أحد "الجوارير" المغلقة في مكتب الأونروا ولم يتسطيعوا أخراجها منه حتى الآن.
في ذلك الوقت كان البنك السعودي للتنمية قد تكفل بتغطية كافة تكاليف المشروع اي 12 مليون دولار كاملة، لكن مع توافر المنحة اليابانية – المنتقصة نصف مليون دولار- تراجع المانح السعودي عن عرضه، مكتفيا بتغطية مربع واحد من المشروح – الأونروا، اجرت مسحا للمخيم وقسّمته اربعة مربعات- وتعلن السعودية أيضا ان منحتها لن تقتصر على البنية التحتية حسب بل ستتعداها لتشمل البنية الفوقية مع اعادة إعمار وترميم للمنازل في المربع الثاني من المخيم والذي يضم أحياء الطيرة والرأس الأحمر وحي الصحون حتى جبل الحليب في حين تسلّم المانح الياباني المربع الثالث في منطقة سوق الخضار وحي صفوري وصولا الى منطقتي لوبية وحطين ، تزامن ذلك مع منحة قدمها الإتحاد الأوروبي خصصت للمنطقة الأولى اي منطقة الجسر التحتاني وحي الزيب وعمقا وصولا الى أجزاء من حي السكة، فيما لم يعلن حتى اليوم من هو المانح الذي سيموّل تنفيذ المشروع في القسم الرابع والأخير من المخيم.
وبعد أن كشفت مصادر فلسطينية مطلعة توافر ميزانية المشروع الكاملة لدى الأونروا منذ شهر تشرين الثاني من العام الماضي، فلم تتضح بعد أسباب المماطلة بالبدء بالمشروع، غير أن المؤكد هو أن التمويل بات متوافرا في أحد البنوك دون الإعلان عنه ما يفتح الباب أمام عدد من التساؤلات أسعى للإجابة عنها، فهل تخضع هذه الميزانية طالما هي موجودة في البنك منذ سنة وأكثر لإستثمارات تضاعفها؟ طبعا هذا ناهيك عن الفائدة المستحقة عليها ولمن تعود هذه المبالغ؟ وأين ذهب الـ 0.5 مليون دولار المنتقص من المنحة اليابانية؟ بل أين هي الـ 12 مليون إن كان المشروع لم يبدأ بعد؟ وهل حقا هناك جهات متواطئة مع الأونروا كما يشاع وتفرض عليها شروطا ضمن منفعتها الشخصية عند بدء المشروع؟ كلها تساؤلات سنجيب عليها في الجزء التالي.. وللحديث تتمة..
المصدر: منتدى الاعلاميين الفلسطينيين