القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الثلاثاء 26 تشرين الثاني 2024

رحلة عائد: نكبتين وحصار.. نهر البارد ثورة أحرار

رحلة عائد: نكبتين وحصار.. نهر البارد ثورة أحرار

بقلم: سامي حمود

بعد مرور أكثر من خمسة سنوات على نكبة مخيم نهر البارد والتي أسفرت عن تدمير المخيم بالكامل بكل مكوناته العمرانية والاقتصادية والاجتماعية وحتى الدينية (لم تسلم المساجد من عملية التدمير)، حيث أقدمت دبابات ومدافع وطائرات الجيش اللبناني إلى قصف المخيم بتاريخ 20 أيار 2007، بذريعة القضاء على تنظيم "فتح الإسلام".

هذه الحرب كانت بمثابة "نكبة جديدة" عاشها أهالي مخيم نهر البارد المنكوبين أصلاً باحتلال العدو الصهيوني لأرض فلسطين وطردهم منها ولجوئهم إلى لبنان. فالنكبة هنا مضاعفة وحجم المأساة كبيرة جداً إلى حد لا يستطع الإنسان وصفه. والذي زاد الأمر سوءاً هو البطئ في عملية إعادة الإعمار وإعادة أهله إليه ومشكلة المباني التي أنشأتها وكالة "الأونروا" التي لا تليق بالبشر وأيضاً قضية عدم التعويض على خسائر أهل المخيم اقتصادياً والممتلكات الأخرى.

كل ذلك يُعد أمراً لا يضير كثيراً بأهالي المخيم الذين ضحّوا على مدار السنين كباقي أهالي مخيمات الفلسطينيين في لبنان مقابل تمسكهم بحقوقهم ونضالهم من أجل العودة إلى فلسطين. ولكن الأمر الأسوأ في القضية أن أهالي مخيم نهر البارد عوقبوا على ذنب لم يقترفوه وليس لهم علاقة به، بل كانوا هم الضحية وبدل أن يتم مكافأتهم والتعويض عليهم وتخفيف حجم المعاناة والمأساة التي أُلقيت فوق كاهلهم. حيث تم فرض الحصار على المخيم من قبل الجيش اللبناني الذي هو بمثابة عقاب جماعي بذريعة "دواعٍ أمنية"، ولكن هذه الدوافع الأمنية وصلت لحد المضايقات والإعتقالات والشعور بالإهانة لكرامة الإنسان الفلسطيني في المخيم.

هذا المشهد اللاإنساني في التعامل اليومي للجيش اللبناني مع الفلسطينيين في مخيم نهر البارد يصفه البعض بأنه تصرّف "عنصري" بحق الفلسطينيين، ولا تقبل به أحكام الشرائع السماوية والقوانية الأرضية وقوانين مؤسسات حقوق الإنسان الدولية.

وعندما وصل الأمر مع أهالي مخيم نهر البارد إلى حدٍ لا يُطاق، انتفض الشباب الفلسطيني بثورة سلمية احتجاجية، أطلقوا عليها اسم "سنحيا كراماً" تيمناً بثورة "أسرى الحرية"، وذلك رفضاً منهم لسياسة العقاب الجماعي والتشديد الأمني على حركتهم اليومية من قبل الجيش اللبناني مطالبين بإنهاء الحصار المفروض على المخيم وإزالة الطوق الأمني أيضاً وإطلاق سراح المعتقلين الذين لا جُرم لهم، والإسراع في عملية إعادة بناء المخيم وتسليمها للأهالي، والمطلب الأخير هو إقرار الحقوق المدنية والإنسانية للفلسطينيين في لبنان من أجل أن ينعموا بحياة كريمة لحين العودة إلى فلسطين.

هذه العملية الاحتجاجية السلمية التي قام بها شباب مخيم نهر البارد مطالبين بحقوقهم الإنسانية المشروعة رافضين كل سياسات الظلم والتمييز والحصار، لهي من الوسائل المهمة والمؤثرة إعلامياً شرط أن يتم تصويبها وتوجيهها بشكل منظّم وصحيح، وعلى الفلسطينيين في لبنان أن يجعلوها وسيلةً لهم في الدفاع عن حقوقهم وكرامتهم.

المصدر: مجلة البراق