زيارة
عباس المرتقبة إلى السعودية
بقلم:
ماجد الزبدة
ما إن
أعلن استقبال المملكة العربية السعودية لوفد حركة حماس بقيادة خالد مشعل بعد قطيعة
دامت سنوات حتى سارعت مصادر في السلطة الفلسطينية إلى إعلان تشكيل وفد برئاسة محمود
عباس لزيارة المملكة خلال الأيام المقبلة، في ترتيبات دبلوماسية متعجلة، دفعتها هواجس
قيادة رام الله من انفتاح المملكة سياسيًّا وربما ماليًّا على حركة حماس، وبذلك حدوث
انفراجة اقتصادية وسياسية في غزة التي تعيش أوضاعًا متأزمة بسبب تواصل الحصار المفروض
عليها منذ تسع سنوات.
مسارعة
السلطة الفلسطينية إلى إعلان زيارة عباس المرتقبة إلى المملكة تعود بذاكرتنا إلى أشهر
مضت، حيث الزيارة السريعة التي قام بها عباس إلى سويسرا في مارس من العام الحالي، بعيد
إعلان موافقة حماس على الورقة السويسرية التي وضعت حلولًا إنسانية لمشكلة موظفي غزة
غير المعترفة بهم سلطة رام الله، وهي الزيارة التي نتج عنها إدخال تعديلات جوهرية على
الورقة السويسرية، ما أفقدها الأسس التي قامت عليها، وبذلك أدت تلك الزيارة إلى إفشال
المساعي الأوربية إلى إيجاد حلول إنسانية لبعض مشكلات غزة، التي ما زالت متواصلة إلى
يومنا هذا.
تلك الزيارة
لم تكن التدخل السلبي الوحيد من قبل عباس للحيلولة دون حل مشكلات غزة، فقد سبقه زيارة
سريعة إلى القاهرة رتب لها على عجل بعيد إعلان لقاء سياسي بين عبد الفتاح السيسي والقيادي
في حركة فتح محمد دحلان، الذي صرح بعد اللقاء بقرب إعادة فتح معبر رفح، فإذا عباس يطير
مسرعًا إلى القاهرة مؤكداً رفضه إعادة فتح المعبر دون تنسيق مع سلطة رام الله، وبذلك
أفشل جهود تخفيف الحصار الذي تفرضه مصر على غزة، مع معرفة عباس بمدى معاناة الغزيين
نتيجة مواصلة إغلاق معبر رفح.
لا أعتقد
أن زيارة عباس هذه المرة إلى المملكة السعودية ستختلف في جوهرها عن أهدافه في الزيارات
المذكورة أعلاه، فرئيس السلطة يدرك أن مجرد زيارة وفد حماس إلى المملكة يعد مكسبًا
سياسيًّا للحركة، خاصة أنها تأتي في ظل أحداث وتقلبات إقليمية متسارعة، وسعي المملكة
إلى تشكيل جبهة سنية سياسية في مواجهة الدور الإيراني المتصاعد في المنطقة، ولا شك
بأن سعي عباس للحيلولة دون إقامة أي علاقات دبلوماسية بين المملكة وحماس سيتضح، إذا
ما علمنا أن السعودية تمثل الداعم الرئيس سياسيًّا وماليًّا للسلطة الفلسطينية، وهنا
نذكر بأن المملكة ساندت السلطة في كل خطواتها الدبلوماسية في المحافل الدولية، والمملكة
_حسب ما جاء في مقال منشور في ديسمبر 2014م للباحث محسن صالح_ تعد الممول الرئيس لميزانية
السلطة الفلسطينية برام الله، حيث تصدرت التمويل العربي لميزانية السلطة خلال المدة
2007-2013م بمبلغ إجمالي مليار و293 مليون دولار، ما يمثل 51% من مجمل الدعم العربي
للسلطة الفلسطينية طوال تلك المدة.
لست من
المفرطين في التفاؤل بشأن نتائج زيارة وفد حماس إلى المملكة، لكن الوقائع تشير إلى
احتياج المملكة لعلاقات _ولو مؤقتة_ مع حركة حماس، فرضتها المتغيرات السياسية في المنطقة
العربية، ولذا لا أعتقد أن زيارة وفد السلطة المقبلة _وأتمنى ألا تكون تأليبية على
غزة والمقاومة_ ستؤدي إلى إعادة القطيعة بين المملكة وحركة حماس من جديد، وفي المقابل
إنني أرى أن الدور المؤثر للمملكة السعودية على الساحة العربية يؤهلها للضغط على عباس
لإعادة عجلة المصالحة الفلسطينية للدوران من جديد، وهو الأمر الذي ينتظره الشعب الفلسطيني
بصبر نافد.
المصدر:
فلسطين أون لاين