أحمد الحاج علي
سلام على معلم
يلقي السلام على ابنه من خلف بوابة، ويودّع زوجته من شباك بحجم عينين ملؤها وطن.
السلام على وليد وحسان وإبراهيم ومحمد وفادي. سلام على من يزرع في الجرح وردة،
لتصير أملاً، ويطير به نحو حلم شعب.
إنها كَرّة
الزمن، يستعيدون من خلال اعتصامهم داخل مقر الأونروا صورة المعلم الفلسطيني قبل
مائة عام: لا انفصام بين التربية والوطنية. لا حيادية بين حق وباطل، وبين فلسطين
وأسماء لا نريد أن نعرفها. زمن اليماني مطارداً مجاهداً ثم مديراً يكمل جهاده في مدرسة عين الحلوة. زمن الفاهوم
سجيناً متهماً باغتيال حاكم لواء الجليل أندروس ثم مفتشاً للأونروا. سلام على من
يعيدون للزمن نبضه، سلام على أسامة وفتح وماهر وناصر ويوسف.
إنه أكبر من
اعتصام، إنه إعلان بفشل صناعة وإنتاج "المعلّم الجديد"، المعلم الذي
تغلب أناه كل تاريخ شعبه، المعلّم الذي يهوي برسالته في غياهب الاستهلاك، فتختزل
تفكيره بطاقةٌ تدخل آلة ثم تخرج ببعض أوراق، ثم يبحث عن نقاط، وينتظر تعويض نهاية
الخدمة، المعلم الذي يخشى كلمة تخدش حياديته. إنه اغتيال ممنهج لكل ما هو إنساني
داخل المعلم. جاء الاعتصام ليقول: المعلّم رسالة، المعلّم قضية، المعلّم نبت من
الشعب، والشعب غايته، ومهمته حماية 38 ألف طالب، وتوجيههم نحو ما هو أسمى، حتى
يبلغ الجبين مقام ثرى البلاد. فسلام على وسيم وبلال ورمزي وأحمد.
سلام عليكم ما
طلعت شمس على القدس، سلام عليكم ما حمل طفل فلسطيني حقيبته فرحاً نحو صف لا تغتال
أنفاسه فيه سياسات الخنق المريبة. فارفع ببهجة يا حسان طفلتك، فلولا كتفيك ما طالت
تلك السماء، ولولاك وأكتاف زملائك ما بلغنا ذلك الأمل. فسلام عليكم.