سلطة عباس وتعقيدات الملف المصري
بقلم: إبراهيم المدهون
لم ينسجم الرئيس محمود عباس وسلطته المحدوده مع الربيع
العربي وثوراته الديمقراطية، فهو ينتمي لنظام دكتاتوري استبدادي في الحكم الداخلي،
تفريطي بالحقوق والثوابت، وتبعي منقاد في السياسة الخارجية.
عاش أبو مازن طوال الفترة الماضية حالةً من القلق والخوف
من أنظمة الربيع العربي وإفرازاته الديمقراطية، وكان يشعر بخطورة وجود رئيس منتخب في
دولة محورية كمصر يعبر عن إرادة الشعب، لهذا اعتبر السيد عباس انقلاب السيسي طوق النجاة
لسلطته بعدما بدأت تشعر بالحرج في ظل نظام يرفض مشروعها التسووي، ويَحمل العداء للاحتلال
الصهيوني، ومستعد لدعم المقاومة سياسياً ومعنوياً.
يعيش السيد عباس وحركته في هذه الأيام شعوراً بالنشوة
الكاذبة في ظل عودة العسكر لقصر الرئاسة، حيث بات مطمئناً أن حليفه الاستراتيجي أمسك
بخيوط اللعبة مرةً أخري، وهذا ما أثر على سلوكه السياسي وعلاقاته الداخلية والخارجية،
فتشهد المصالحة الفلسطينية إهمالاً من جهة، وهناك تحركات حثيثة لعودة التفاوض مع الاحتلال
من جهة أخري، إضافةً إلى أنه أعاد تصدير خطاب الكراهية تجاه حماس في نبرة استعلائية
ساذجة، لهذا سارع الرئيس عباس بزيارة المحروسة ليبارك خطوة الجيش الإقصائية، ويقوم
بمد يد العون لمساعدة الجيش المصري ضد المقاومة الفلسطينية، ويعيد جدولة حصار غزة والتحكم
بمعبر رفح، ويبدو أن زيارته جاءت على غير المتوقع فرفض قائد الجيش مقابلته لانشغالاته
بتعقيدات الثورة المصرية.
سلطة رام الله تراهن على الانقلاب العسكري في مصر ليقوم
بما قام به الرئيس المعزول حسني مبارك تجاه المقاومة في غزة وسكانها، وينتظر السيد
أبو مازن من الرئاسة المصرية الجديدة استئناف سياسة محاربة حركة حماس، واتخاذ اخطوات
لتشديد الحصار على قطاع غزة، وممارسة ضغط على حماس لتذعن لشروط المجتمع الدولي، وللأسف
الشديد بدأنا نسمع تهديداً ووعيداً من قبل الإعلام المصري تجاه قطاع غزة، وأعتقد أن
التهديدات المصرية للقطاع يجب أن تؤخذ على محمل الجد مع هذا التحريض الإعلامي المكثف
والمتصاعد، ففي كل يوم تشرق فيه الشمس هناك مجموعة أخبار مفبركة تنتشر في الإعلام المصري
ضد حماس وقطاع غزة، يقصد منها شيطنة المقاومة الفلسطينية وتشويهها في وجدان وضمير الشعب
المصري، هذه الأخبار وهذا التحريض ليس بريئا بل هناك جهات مخابراتية وسيادية وراء تفعيله،
مع بعض الجهات الفلسطيني التي طربت وأيدت وتماهت مع أكاذيب الإعلام المصري، فقد كشفت
حركة "حماس" عن وثائق تثبت تورط حركة "فتح" بشكل مباشر بحملة التحريض
التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في الإعلام المصري.
هذا التحريض الفتحاوي والإعلامي المصري المشترك جاء مع
بدء الجيش المصري بخطوات سلبية تجاه حركة حماس كاعتبارها جهةً معادية، بالإضافة للواقع
الميداني على حدود القطاع من تشديد للحصار، وهدم للأنفاق وإغلاق للمعبر والتضييق على
حركة المسافرين.
لا يرغب الجيش المصري بالتورط في غزة بشكل مباشر، ولا
أعتقد أن قيادته بهذا الغباء، وهناك رؤية تعمل على احتواء غزة والتخفيف من الحصار ودعم
حكومتها في قطاعات الخدمات، لولا ضغوط الرئيس أبو مازن الذي يربط رفع الحصار بعودته
لقطاع غزة.