شبابٌ ولكن رجال
بقلم: الشّيخ علي اليوسف
أثناء انتفاضة الشّعب الفلسطيني التي كانت الشّرارة الأولى الني أطلقت العنان للشّعوب العربيّة لتسع إلى الحريّة والكرامة، برز دور الشّباب الذين تسابقوا إلى الشّهادة في سبيل الله تعالى، وفدوا الوطن بأغلى ما يملك الإنسان "الرّوح"، فوقف فارس عودة بكل رجولة وبطولة متحدياً الدبابة الصهيونيّة الجبانة، كما وقدّمت خنساء فلسطين أم نضال أبنائها للشّهادة وهم في ريعان الشّباب.
وتوالت قافلة الشّباب المطالبة بالحريّة والكرامة في مدينة درعا التي خرجت عن بكرة أبيها بكل أبنائها رجالاً ونساءً وأطفالاً وشيوخاً، وكانت الشّرارة الأولى لاندلاع ثورة الحق على الباطل في سرويا الإباء. ومع استشهاد الطفل حمزة الخطيب تصاعدت ضراوة هذه الثورة الباسلة، فتسابق أطفال وشباب ونساء سوريا إلى لبس الأكفان مطالبين بالحريّة بل خوف ولا وجل وبكل جرأة وشجاعة.
إنّ دور الشّباب الثائر في الوطن العربي على الظلم والبغي، ليذكرنا بالشّباب الرجال أيّام رسول الله صلى الله عليه وسلّم أمثال مصعب بن عمير وأسامة بن زيد رضي الله تعالى عنهما، الذين التفوا حول رسول الله صلى الله عليه وسلّم بكل قوّة وعزيمة ونصروه حتى غير مجرى التاريخ وجعل الأرض كلها لله تعالى، خالية من الظلم والجبروت. وفي هذا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلّم: "بعثت بالحنيفيّة السمحاء فتبعني الشّباب، وخالفني الشّيوخ".
وما قصّة عمير بن أبي وقاص رضي الله عنه ببعيدة، وهو الذي طلب أنْ يجاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم يوم بدر لكنه ردّ فبكى بكاءً شديداً حتى ابتلت لحيته رضي الله تعالى عنه وأرضاه. وها هو عامر بن أبي وقاص أخو عمير رضي الله تعالى عنهما، يحدثنا عن قصّة أخيه فيقول:" رأيت أخي عمير قبل أن يعرضنا رسول الله صلى الله عليه وسلم للخروج إلى بدر يتوارى، فقلت: مالك يا أخي؟ فقال إنّي اخاف أن يراني رسول الله صلى الله عليه وسلّم فيستصغرني فيردني وأنا أحب الخروج للجهاد في سبيل الله تعالى لعلي أنال الشّهادة، قال عامر رضي الله عنه: "فعرض عمير على رسول الله صلى الله عليه وسلّم فاستصغره، فقال: ارجع فبكى عمير فأجازه بعدها رسول الله صلى الله عليه وسلّم للخروج والجهاد. فاستشهد رضي الله عنه وهو في 16 من عمره، حيث يقول والده سعد بن أبي وقاص عليه رضوان الله: "كنت أعقد له حمائل سيفه منذ صغره، فقتل يوم بدر وهو ابن سع عشرة سنة فقتله عمرو بن ود العامري(وهو أبرز صناديد قريش) بعد أن قتل من المشركين أعداداً كثيرة.
والسّؤال الذي يطرح بعد كل هذه النماذج المشرّفة، هل يعود الشّباب المسلم ليجددوا فينا سيرة سلفنا الصّالح فيكونوا الجيل القرآني الذي سينال شرف تحرير بيت المقدس، بل تحرير الأمّة بأسرها؟
الجواب نعم، ولقد رأيناهم في ساحات الحريّة وإنّي المحهم يحلمون القرآن الكريم والبندقيّة، "فم شباب ولكنّهم رجال".