القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأربعاء 27 تشرين الثاني 2024

صمت الرئاسة يكشف تورطها بإبعاد نواب حماس

صمت الرئاسة يكشف تورطها بإبعاد نواب حماس

بقلم: فايز أيوب الشيخ

ضربت مؤسسة الرئاسة الفلسطينية بعرض الحائط كل النداءات المطالبة لها بشجب وإدانة ما تعرض له نواب الشعب الفلسطيني من ترحيل قسري في العاصمة البرتغالية "صوفا"، الأمر الذي كشف عن تورط السلطة برام الله –بشكل أو بآخر- في عملية الترحيل رغم عدم توجيه حركة حماس اتهامات صريحة لها، وذلك تغليباً للمصلحة الوطنية العليا.

وكان الأمن البلغاري اقتحم مقر إقامة الوفد البرلماني، قبل انتهاء زيارته بثلاثة أيام ونقلهم بسيارات خاصة إلى مطار العاصمة صوفيا لترحيلهم إلى تركيا، وأبلغ الوفد بوجود ضغوط (إسرائيلية) دفعت لهذا الإجراء. وترأس الوفد نائب رئيس كتلة حماس في المجلس التشريعي إسماعيل الأشقر، بعضوية النائب صلاح البردويل الناطق الإعلامي باسمها، والنائب مشير المصري.

كشف تورط السلطة

وكشف وزير الخارجية البلغارية "نيكولاي ملادينوف" أن قرار ترحيل وفد النواب الفلسطينيين تم بالتنسيق والتشاور مع وزير خارجية السلطة رياض المالكي، مؤكداً أن الأخير أبلغه أن نواب حماس الثلاثة الذين وصلوا بلغاريا الأربعاء الماضي جاؤوا بدعوة من منظمة غير حكومية ولن يستقبلهم أي ممثل عن الحكومة.

البردويل: صمتها يعني أنها غير معنية بالمسئولية التامة عن الشعب

وأشار الوزير إلى أن المالكي وافقه الرأي وأكد له أن الوفد لا يمثل السلطة وهو ينتمى لحركة حماس "التي تدرج ضمن قائمة الارهاب في أوروبا" على حد زعمه، مؤكداً أن المالكي رفع الغطاء الدبلوماسي والتمثيلي عن الوفد، ما اعتبرته بلغاريا مبرراً لترحيله فوراً.

وكان السفير الفلسطيني د. أحمد المذبوح استقبل الوفد في مقر السفارة وأقام له مأدبة طعام، وتوجه بعدها الوفد إلى الفندق ثم التقى السفير مع مسئولة في وزارة الخارجية البلغارية، ليفاجأ بعدها الوفد بالأمن يقتحم الفندق ويطالبهم بالرحيل بشكل فوري.

يذكر أن السلطة مارست طيلة سنوات ماضية ضغوطاً مكثفة على الأطراف الإقليمية والدولية بهدف عزل حركة حماس سياسياً وعدم منح المؤسسات سواء الحكومية أو البرلمانية التابعة لها أي شرعية برلمانية، وكانت آخر تلك الضغوط التي مارسها عباس على الرئيس التونسي منصف المرزوقي لثنيه عن قراره بزيارة قطاع غزة والالتقاء برئيس الوزراء والفعاليات الشعبية في القطاع.

وعبرت السلطة في أكثر من مناسبة على لسان رئيسها محمود عباس عن رفضها واستنكارها لزيارات المسئولين العرب والمسلمين لقطاع غزة، بحجة أن ذلك يمس بوحدانية التمثيل الفلسطيني.

وتخضع بلغاريا وحكومتها لضغوط (إسرائيلية) وأمريكية وتعد من الدول التي تخضع للنفوذ الاستخباري الأمريكي في منطقة شرق أوروبا، بالاضافة إلى أن وزير الخارجية البلغاري ذو أصول (إسرائيلية).

الرئاسة غير معنية

ولم يبدِ صلاح البردويل، القيادي في حركة حماس، وعضو كتلتها البرلمانية، اهتمامه بعدم إدانة مؤسسة الرئاسة لما جرى معهم قائلاً "إذا كانت مؤسسة الرئاسة تدعي مسئوليتها عن الشعب الفلسطيني، فمن الطبيعي وبشكل تلقائي أن تشجب وتستنكر ما حدث مع نواب الشعب دون أن يطلب منها أحد ذلك وأن تقف في وجه مثل تلك الممارسات"، معتبراً أن صمتها إلى الآن يعني أنها غير معنية بالمسئولية التامة عن الشعب الفلسطيني.

أبو عين: ليس مطلوباً من عباس أن يناكف الدول والتأثير على سياسته

وذكر البردويل لـ"الرسالة" بأن الشرعية ليست أمراً مكتسباً بالتحايل أو بالدعاية الإعلامية، أو من خلال اتصالات تجري مع جهة أو أخرى، مشدداً على أن الشرعية تكتسب من صندوق الانتخابات وصندوق الدم الفلسطيني، وفق تعبيره.

وأشار البردويل إلى أن حركة حماس تحظى بشرعية ثورية وشرعية دستورية. وقال "حماس ونوابها في التشريعي اكتسبوا شرعيتهم من خلال الأمرين".

وأكد على أنه لا أحد يستطيع أن يقوض شرعية حماس ونوابها، مضيفاً "إن الذي يحترم نفسه ويحترم خيار شعبه لا يمكن أن يغطي حقيقة تمثيل النواب لشعبهم(..) المطلوب أن يفهم من يفعلون ذلك أنهم يعزلون أنفسهم ولا يعزلون الشرعيين".

تبرير أقبح من تنديد

ورغم إدانة حركة فتح لما حدث مع نواب حماس في صوفا، حاول زياد أبو عين عضو المجلس الثوري للحركة الدفاع عن الصمت الذي أبدته مؤسسة الرئاسة، مشيراً إلى أنه ليس مطلوباً من الرئيس عباس أن يناكف الدول عبر الإعلام لأنه لا يتناسب مع السياسة الدولية، وفق تبريره.

وقال "نحن لا نبحث عن تشتيت الصراع مع القوى في العالم بقدر ما نعني حشد القوى للتضامن مع القضية الفلسطينية"، زاعماً أنه يمكن معالجة مثل هذه القضايا عبر السياسة الدبلوماسية الهادئة بعيداً عن بيانات الإدانة والاستنكار.

وأوضح أبو عين لـ"الرسالة" أن مؤسسة الرئاسة وعبر الخارجية الفلسطينية لايمكنهما إصدار بيان إدانة علني ولكنها تستطيع أن ترسل رسالة أو برقية بمضمون اعتراضها لمعالجة الموضوع بشكل هادئ وبطريقة تحفظ العلاقات الفلسطينية الخارجية.

ويرى أبو عين أن ما يستدعي الشجب والإدانة لتصرف بلغاريا بهذه الطريقة مع نواب حماس أنهم تلقوا دعوة رسمية كما استقبلوا رسميا، مشيراً إلى حق الفصائل في إدانة التصرف البلغاري.

وحول رأيه في حق النواب الفلسطينيين في تمثيل شعبهم في الخارج قال أبو عين "ليس هناك شرعيتان أو سياستان بالمنطق الدولي والعربي والإسلامي، فهناك شرعية واحدة معترف بها من الأمم المتحدة والجامعة العربية ومجموعة عدم الانحياز ومن مؤتمرات القمم العربية والإسلامية هي شرعية منظمة التحرير برئاسة عباس"، وفق زعمه.

خريشة: علامات استفهام حول الدور الذي لعبته "أطراف فلسطينية"

وأضاف "العبث بالتمثيل الفلسطيني حتى لو بالتضامن مع غزة يعتبر خارج الإطار الرسمي ويضر بالقضية الفلسطينية ويخدم أعداء الشعب الفلسطيني (..) البعض يحلو له العبث لتحقيق مصالح أخرى بعيدة عن الحفاظ على وحدة التمثيل الفلسطيني".

واعترف أبو عين أن حركته والسلطة برام الله قامتا بمخاطبة دول عربية وأوروبية عدة لعدم التعاطي مع ما قال عنه "خروج عن النص وعن الإجماع العالمي على شرعية المنظمة وشرعية السلطة برام الله!".

وكان سفيان أبو زايدة عضو المجلس الثوري لحركة فتح، قد شجب ما أقدمت عليه السلطات البلغارية من اعتداء على كرامة الكل الفلسطيني قائلاً "بغض النظر عن أي تفسيرات أو ملابسات ما تعرض له أعضاء التشريعي هو إهانة للكل الوطني الفلسطيني ويجب أن يدان من كل المستويات الفلسطينية الرسمية منها والشعبية".

شكوى دولية

أما النائب المستقل حسن خريشة، فيرى أنه كان يتوجب على السفير الفلسطيني في بلغاريا التدخل لمنع إبعاد النواب، مشيراً إلى أن عدم التعاطي مع القضية بسرعة يضع علامات استفهام حول الدور الذي لعبته "أطراف فلسطينية" لدفع الحكومة البلغارية على اتخاذ هذا الموقف المسئ.

كما شدد خريشة لـ"الرسالة" أن التصرف البلغاري يتوجب التوجه فيه بالشكوى لأي محكمة دولية لرفع قضية على الحكومة البلغارية على اعتبار أنهم قامت بشئ مناف للأعراف الدولية في إبعاد نواب الشعب الفلسطيني الذين حصلوا على تأشيرة رسمية لدخول بلغاريا وأقاموا فيها بناءً على دعوة رسمية.

وأوضح خريشة أن النواب الذين أساءت لهم بلغاريا "يمثلون الشعب الفلسطيني لأنهم جاءوا عبر صناديق الاقتراع وليس من حق أحد أن يشكك في تمثيلهم"، مؤكداً بأن أي تصرف ضد أي نائب يسئ للشعب الفلسطيني بأكمله ويجب أن نقف جميعاً ضده.

محاصرة حماس

وفي قراءته التحليلية لما جرى مع نواب حماس في بلغاريا، أوضح الكاتب والمفكر السياسي عبد الستار قاسم "أن السلطة تحاول محاصرة حركة حماس على الساحة الدولية وإقناع العرب والغرب بألا يستقبلوا أياً من قياداتها أو نوابها"، مشيراً إلى أن السلطة تتصرف بهده الطريقة على اعتبار أنها هي الشرعية الوحيدة.

قاسم: موقف السلطة من وفود الخارج لا يختلف عن موقفها من الداخل

ويرى قاسم في حديثه لـ"الرسالة" أن مطالبة السلطة بإدانة واستنكار ما حدث مع نواب حماس في بلغاريا لا يتماشى مع السياسة المعروفة عنها في رغبتها بمحاصرة حركة حماس وتقويض تحركاتها، معرباً عن اعتقاده بأنه ليس في وارد السلطة أي موقف للاستنكار والشجب.

وذكر قاسم أن موقف السلطة من الوفود الفلسطينية للخارج لا يختلف عن موقفها من الوفود المتضامنة مع الداخل الفلسطيني، لافتاً إلى أن الهدف هو عزل حركة حماس عن محيطها العربي والإسلامي.

يذكر أن حركة فتح والسلطة برام الله، اعتادت -بأساليب وأشكال مختلفة- التنديد بتلك الوفود بشكل يبرهن رغبتها في الإبقاء على الحصار مفروضاً على القطاع.

يجدر الإشارة إلى أن مركز الشؤون الفلسطينية عبر عن قلقه البالغ من التقارير والتسريبات التي تحدثت عن تورط سلطة رام الله في التحريض على الوفد الزائر، والطلب من السلطات البلغارية إنهاء زيارته، مطالباً الاتحاد الأوروبي احترام نتائج الديمقراطية الفلسطينية وعدم الكيل بمكيالين عندما يتعلق الأمر بالحق الفلسطيني.

كما طالبه برفض كافة الضغوطات التي تمارس في هذا الشأن، سواء من قبل سلطات الاحتلال أو سلطة رام الله التي ترفض بدورها تلك النتائج وتستمر في الممارسات التعسفية ضد أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، وبأموال ومساعدات الاتحاد الأوروبي، في خرق فاضح لقوانينه التى تجرّم التعذيب وكبت الحريات وتكميم الأفواه.

مصدر : الرسالة نت