صناعة التطرف
بقلم: يوسف رزقة
( اسرائيل شريك لمصر ودول عربية أخرى في مكافحة الإرهاب
الإسلامي ) بهذه العبارة المقتضبة علق نيتنياهو على الأحداث التي وقعت في سيناء مؤخراً،
والتي ذهب ضحيتها (٧٠) جنديا مصريا بحسب وكالات الأنباء، في الهجمات التي شنتها عناصر
تنظيم ولاية سيناء على (١٥) موقعا مصريا.
وفي الوقت نفسه صرح مسئول
في القوات الدولية المتواجدة في سيناء منذ التوقيع على اتفاق كامب ديفيد : أن قيادة
القوات تدرس فكرة الانسحاب من سيناء بعد تحسن العلاقات بين مصر وإسرائيل، مما يعني
انتهاء مبرر وجود هذه القوات؟!
لا أحد يجادل في وجود تحولات
ذات مغزى في العلاقة بين عدد من الدول العربية وإسرائيل مؤخراً، لا سيما في مواجهة
ثورات الربيع العربي، ومواجهة التيارات الإسلامية، وعلى رأسها داعش في سوريا والعراق،
والأخوان في مصر ، وحماس والمقاومة في غزة. فإسرائيل كانت شريكة لأنظمة عربية عديدة
في الإحساس بالأخطار الناتجة عن تواجد الإسلاميين في السلطة في دول الربيع العربي
.
ولا أحد يجادل في اهتمام
( إسرائيل) بتطورات الأوضاع في سيناء ، لما تتمتع به سيناء من موقع استراتيجي مهم ،سواء
في الصراع العربي الإسرائيلي ، أو في الصراع المصري الداخلي، لا سيما بعد إعلان تنظيم
أكناف بيت المقدس عن ولاية سيناء، و مبايعتهم للبغدادي خليفة.
إن ما قاله نيتنياهو في
الجملة السياسية آنفة الذكر عن الشراكة الإسرائيلية مع دول عربية في مكافحة الإرهاب
الإسلامي، هو تحصيل حاصل لما هو مجود فعلا في الميدان. إنه جملة سياسية تصف واقعا قائما
ومعتمدا من الأطراف، فالموساد الإسرائيلي موجود في بغداد ومناطق مختلفة في العراق،
وبالذات في إقليم كردستان، وهو موجود في الرقة ، ودمشق، وكوباني، وله وجود قديم في
سيناء أيضا. وإن تصريح نيتنياهو الأخير لا يزيد عن موقف سياسي يؤكد ما هو موجود أمنيا،
مع إعطاء مصر خصوصية ذات مغزى، بمناسبة ما حدث في سيناء، مع العلم أن التعاون بينهما
في سيناء غير مسبوق، وهو ما أكده تصريح المسئول في القوات الدولية في سيناء، من خلال
طرح فكرة الانسحاب.
ما أود قوله هنا إن دولة
العدو لن تكون شريكا للعرب في مكافحة التطرف والتشدد، لأنها ببساطة هي من تصنع التطرف
والتشدد وتغذيه بغرض تمزيق الأمة العربية والإسلامية من داخلها، وهي التي تقف في الخطوط
الخلفية تموله بالمال والسلاح، وهي التي توجه خططه، وتزيد في عنفه بشكل مباشر، بينما
يدرك العالم أن احتلال فلسطين والعدوان على غزة قد أعطى مبررا لوجود التطرف في العالم.
(إسرائيل ) شريك أساسي في وجود التطرف والصراعات الداخلية في البلاد العربية، وهي لن
تكون شريكا في إطفاء نار التطرف والصراعات الداخلية في البلاد العربية، لأن وجودها
سيدة للمنطقة ولدولها يرتبط ارتباطا مباشرا بهذه النار المشتعلة.
المصدر: فلسطين أون لاين