القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الإثنين 25 تشرين الثاني 2024

ضاع الوطن وتجددت النكبة!

ضاع الوطن وتجددت النكبة!

حين خرج أجدادنا من فلسطين المحتلة عام 1948م وهم يحملون مفاتيح العودة، كان إيمانهم عميق بأن رحيلهم لن يطول وان عودتهم للقرى والمزارع والديار التي هجروا منها قريبة جدا ومنذ ذلك الحين زرعوا في عقولنا وقلوبنا، وعلى مر سنوات طويلة قناعة راسخة بأن حقنا في فلسطين لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يسقط بالتقادم، وان أجيالا قادمة ستحمل الراية من جديد لتكون خفاقة ترفرف في سماء أمانينا، وأن مفاتيح الديار التي حملتها أيادي أجدادنا الطاهرة، ليست مجرد وهم، فهي ميراث مقدس ووديعة تحملها الأجيال عام بعد عام وان دمر الاحتلال أبواب الديار واقتلعوها!

وبعد مضي كل هذه السنوات على نكبتنا ومع هذه السيل من التضحيات الجسام التي قدمها شعبنا عبر مراحل نضاله، مازال هذا الحلم في العودة يكبر وينمو فينا، ويسعى شعبنا جاهداً الا يفقده رغم الضغوط، ويناضل في شتى المحافل الدولية من أجل تنفيذه على أرض الواقع…..

وقد بذلت قيادتنا الشرعية، قيادة منظمة التحرير الفلسطينية كل الجهود حتى لا ينسى العالم بآسره هذا الحق، فلم تبيع ولم تفرط بذرة تراب من هذا الوطن الغالي، كما يشيع أو يتوهم البعض من ضيقي الأفق كثيري العويل، وحتى وهي تبرم اتفاقيات السلام، ثبتت على موقفها بالرغم من كل الضغوط السياسية والمالية والمؤامرات المتتالية على قضيتنا سواءً في الداخل أو الخارج والتي قد تعرضت لها طوال هذه الفترة الممتدة من عام النكبة وحتى تاريخنا هذا …..

وبالرغم من بعض الإخفاقات هنا أو هناك بسبب الظروف الدولية ونشوب الحروب الإقليمية، والتي كانت ذات أثر سلبي على قضيتنا، اعتمدت قيادتنا الشرعية، سياسة الحفاظ على الثوابت وطورت كثيراً في هذا السياق من أدائها التنظيمي والعسكري والتاريخ يشهد على تلك العمليات البطولية والمسيرة النضالية الحافلة والتي لطالما أرقت مضاجع الاحتلال وأفقدته توازنه وجرته بالأخير للاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني …..

وصحيح أن الاحتلال وكعادته لم يلتزم بأي من الاتفاقيات المبرمة مع قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الا ان الأخيرة استطاعت ان تضيق عليه الخناق وتجعله كيان منبوذ دولياً وإقليمياً هذا بالإضافة الى تطور النظرة الواقعية والايجابية للمجتمع الدولي تجاه قضيتنا وحقوقنا المشروعة والتي مكنتنا من كسب اعترافه بعدالة قضيتنا ونيل دعمه المتواصل في مختلف المحافل وما الاعتراف بفلسطين كعضو كامل في منظمة اليونسكو الا دليل بسيط على هذا الانجاز…..

واذا أردنا استعراض المسيرة ففيها من الانجازات الكثير، وفي مقدمتها وأهمها أن السلطة استطاعت أن تقيم نواة دولة المؤسسات بالرغم من بعض الصعوبات التي يفرضها وجود الكيان الصهيوني الغاصب على أرضنا …

ولكن شاء البعض في أطار حرصه وولعه الشديد للحفاظ على مصالحه الخاصة والضيقة، الا تكتمل المسيرة وان يكون طرف إضافي وضاغط على مسيرة دولتنا الفتية، فكان الانقسام في أبشع صوره تعبيراً جديد يذكرنا بنكبة إضافية، لا مفاتيح عودة فيها ولا احتلال وإنما فيها ما هو أسوء بكثير!!

انها حقاً نكبة أبشع من نكبتنا الاولى كان من نتاجها، انقسام النسيج الاجتماعي وتعميق الفرقة والكراهية بين أبناء الوطن الواحد، فذهب البعض ليغنى على ليلاه ويضع القرار الوطني الفلسطيني في مهب الريح وبيد دولاً،لا تربطنا فيها أي ثقافة أو حضارة مشتركة، بل وتستخدمنا وقود لحرب نووية قادمة!!

وزد على ذلك عدم وعي البعض في التيارات الحزبية الإسلامية واليسارية، بمصيبتنا الكبرى الناتجة عن هذا الانقسام المقيت الذي يضرب بعرض الحائط تاريخنا النضالي والوحدوي والذي لم تستطع أنظمة عربية ودولية كثيرة من جعله كيانات منفصلة ومتشعبة!

هو الانقسام بظلاله الدموية، فصل أخر من فصول الاستهتار بمسيرة الأجداد وآلاف الشهداء والأسرى!

فهل يفهم أصحاب الخطط الانقسامية ان بهروبهم من الوحدة الوطنية قد يضيعوا الوطن وان الفكرة في الاستقلال والحرية قد تصبح مجرد وهم؟!

وهل يتركون الشعارات الفضفاضة جانباً وقد بدت الحقيقة واضحة واقر الجميع يميناً ويساراً إسلامي وعلماني، بالنضال السلمي وبإقامة دولتنا على حدود العام 1967م؟

وهل يعودوا لأحضان شعبهم ويقررون بخطوات فعلية ان منظمة التحرير الفلسطينية هي الإطار الشامل والبيت الكبير لجميع التكتلات الحزبية وحصنهم الحصين للحوار والاتفاق وأن الخلاف الديمقراطي المعاصر لن يحله لا فقيه ولا شيخ وإنما بيد أبناء هذا الوطن ومن خلال صناديق الانتخابات؟!

المصدر: الغرب نيوز