القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الخميس 28 تشرين الثاني 2024

ضباط يتحدثون: غزة أرض الموت!!

ضباط يتحدثون: غزة أرض الموت!!

بقلم: محمد خليل مصلح

من المهم جدا وضع الأمور في سياقها الطبيعي، خاصة عندما تكون مستغربة كما هو الحديث اليوم من قبل ضباط وجنود الاحتلال حول الحرب الأخيرة على غزة والمواجهة العسكرية مع المقاومة المسلحة وتكتيكاتها المفاجئة للعدو، الانفجار بات قاب قوسين أو أدنى والمطلوب هو احتواء الأوضاع من قبل الجميع؛ على تقدير أن المعركة والمواجهة ليست في مصلحة أي طرف سواء دولة الاحتلال أو المقاومة؛ والسلطة الفلسطينية في رام الله في رأيي أكثر المتضررين من أي مواجهة قادمة لأنها ستتعرى تماما أمام الجماهير الفلسطينية، ورقة التوت ستسقط من جانب ومن جانب آخر ستجد نفسها مضطرة لمواجهة دولة الاحتلال بغير استعداد في إطار تكتيكاتها ما بين العودة للمفاوضات دون شروط وحرب (إسرائيل) على المسرح القانوني في أروقة الأمم المتحدة ومؤسساتها واللجوء إلى رفع دعاوى ضد «إسرائيل» على خلفية جرائم الحرب ضد المدنيين والاستيطان.

يقر عوفر شيلح في مقابلة مع صحيفة "هآرتس" بعد مراجعة استنتاجات لجنة الشؤون الخارجية والحرب للكنيست حول الحرب العدوانية "الجرف الصامد" بالفشل السياسي؛ والفشل هنا برأيه هو عدم وجود أي سياسة استراتيجية واقعية للتعامل مع كل من حماس في غزة وحزب الله في الشمال" السؤال: هل لذلك علاقة بالنتائج العسكرية للحرب على القطاع؟ أو هل تأتي في سياق الحملة الانتخابية التي انتهت بفوز الليكود على المعسكر الصهيوني اليساري العلماني والوسط؟ أو يأتي في سياق الشعور بالعجز عن حسم المعركة مع المقاومة؟ وهل لذلك علاقة بخروج الضباط عن صمتهم بعد انتهاء الانتخابات وفوز اليمين الصهيوني؟ كأن الحمل النفسي ثقيل لم يعد الضباط قادرين على الاحتفاظ بالصور المروعة والقتل في صفوفهم؛ يرفضون تحميلهم المسؤولية والذنب من القيادة السياسية، تجاوز الرقابة العسكرية والمسؤولية الأدبية بالحديث عن الهزيمة والخوف من مواجهة المقاومة والتطور المفاجئ في القدرات والتكتيكات؛ خاصة تلك المتعلقة بالأنفاق؛ والحقيقة هو يعكس الفشل الكبير لكل تدريبات الجيش لسنوات ومحاكاة الواقع في القطاع فوق الأرض وتحتها، لكن لماذا سمح لهؤلاء الضباط بالحديث وكشف أسرار الحرب الأخيرة ونقاط الضعف ؟ ما هي الدوافع لقول الضابط في لواء جولاني: "نزفنا وانكشفنا وتحولنا إلى بط في ميدان الرماية"؟ ولماذا الآن وبعد انتهاء الانتخابات تنشر القناة الثانية تقريرا بعنوان "وحيدا بالشجاعية" وتحدث عن واقعة الناقلة الشهيرة التي أسر فيها جندي إسرائيلي، وأن يتحدث التقرير عن الفساد والترهل الإداري الذي يعصف بالجيش حيث لا تعرف شماله ما تفعل يمينه" ويحمل القيادة السياسية والعسكرية المسؤولية؟! لا شك أن الأمور خرجت عن السيطرة وأنها نوع من عقاب النفس لما نتجت عنه الانتخابات الإسرائيلية؛ كان المفروض محاسبة نتنياهو والقيادة السياسية والأمنية، وغير المبرر في نظر الجنود والقيادة الميدانية نجاة القيادة السياسية والأمنية والعسكرية من المحاسبة برغم التشهير بهما في معركة الانتخابات للكنيست العشرين؛ العقدة في نظر المتحدثين من القيادات سواء في لواء جولاني وألوية النخبة عن أرض الموت غزة عقاب للنفس وعلاج لما تسببت به المعركة في آن واحد، وهو في نفس الوقت يعكس الخشية من العودة إلى أرض الموت غزة لإحساسهم أن القيادة السياسية تنتظر الوقت المناسب للعودة إلى غزة لتصفية الحساب مع المقاومة في سياق عملية الترميم النفسي والمعنوي للجنود وللقدرات العسكرية والآليات والمنظومات الدفاعية في الوقت نفسه؛ بعد أن كشفت الحرب الأخيرة "الجرف الصامد" الضعف النفسي والمعنوي والعسكري والتدريب لأساليب مواجهة المقاومة وتكتيكاتها؛ ستضطر القيادة إلى العودة لأرض المعركة في أقرب وقت؛ الحل الوحيد في وجهة نظر القيادة لأسباب ودوافع كثيرة شخصية وأمنية وسياسية؛ العودة للمفاوضات منها، وضرب معقل المقاومة وقدراتها لإضعاف المناورات السياسية لأبي مازن، والضغط على الولايات المتحدة لتخفيف ضغطها على عباس، وفيما يتعلق بالجيش؛ إعادة الثقة بنفسه وبقدراته، وأيضا الضغط لفك لغز الجنود المفقودين؛ بحاجة لمعلومات عنهم، وهذا قد يتطلب من القيادة خوض حرب جديدة على غزة مع الأخذ بعين الاعتبار العبر والدروس ما حدث في قضية جلعاد شاليط وما نتج عن ذلك من جرائم حرب ضد الإنسانية للإفراج عن شاليط .

قد تكون خطة نتنياهو واستراتيجيته القادمة تتكون من مرحلتين: الأولى تشكيل حكومة يمينية ضيقة من حلفائه الطبيعيين ولكنه سيكون عاجزا عن فعل شيء في العلاقات الخارجية ولن يتمكن من المناورة في مسألة العودة إلى طاولة المفاوضات وأمام الضغوطات الأمريكية والأوروبية للمفاوضات مع السلطة، لذلك مطلوب مرحلة ثانية لتشكيل حكومة وحدة وطنية أو حكومة موسعة يكون فيها مخرج لنتنياهو من ضغوطات اليمين ويمتلك هامش المناورة بدعم المعسكر الصهيوني والوسط؛ قد يكون المحفز على ذلك حربا في الشمال والجنوب أو حربا على إيران؛ لكن ستكون غزة أولى الحلقات المرشحة للحرب لإشغال الرأي العام الداخلي والإقليمي والدولي بتلك الحرب المفتعلة دون أن يخشى نتنياهو أي عواقب داخلية .

المصدر: فلسطين أون لاين