طريق الأشواك
بقلم: وسام عفيفة
يقوم عامل الصيانة بتثبيت ملصق كبير على لوحة إعلانات ضخمة وسط الشارع
... فيما يبدو أنه عرض قريب لفيلم جديد، بينما يتجمع مواطنون غزيون يترقبون بشغف اسم
الفيلم والأبطال.
شيئا فشيئا تتضح ملامح الممثلين
والاسم، ثم تتغير ملامح الشغف على وجوه المارة إلى إحباط وعدم مبالاة، بعدما ظهر البوستر
بالكامل، يتوسطه الممثل الرئيس رامي الحمد الله ومن حوله مجموعة من الوزراء يشاركونه
البطولة، وفي الخلفية تظهر صورة مائية للرئيس محمود عباس.
أما عنوان الفيلم الجديد: "طريق الأشواك"، حيث يظهر الممثلون
يحملون حقائبهم على ظهورهم وكأنهم ذاهبون إلى رحلة خلوية وأمامهم لافتة مكتوب عليها
"غزة ترحب"... بينما اختفت باقي الكلمات جراء تعرضها لشظية قذيفة خلال الحرب
الأخيرة.
سبب إحباط الشارع الغزي أن الفيلم يضم نفس الممثلين دون تجديد للوجوه أو
الأفكار، والعنوان يعبر عن أزمة كالعادة، ورغم أنه لا توجد سينما واحدة تعمل في القطاع
إلا أن أهلها ملوا الأفلام السياسية والتراجيدية فيما بات "فيلم الحكومة"
يتحول نحو الكوميديا على طريقة "شر البلية ما يضحك".
سبب الملل والإحباط أيضا أنه قبل نحو شهر كان هناك إعلان ترويجي لفيلم
الحكومة، لكن البوستر ضم صورة وبطولة الحمد الله وحده، يومها كان العنوان "المهمة
المستحيلة"، ربما حاول المخرج أن يستوحي فكرته من سلسلة أفلام "المهمة المستحيلة"
التي قام ببطولتها الممثل الأمريكي "توم كروزو" ضمن أفلام إثارة تم إطلاقها
في 1996 حيث يلعب البطل دور عضو في قوة المهمات المستحيلة وهو فرع غير رسمي لوكالة
المخابرات المركزية.
قبل العرض الجديد صدرت مجموعة من التصريحات على لسان وزراء مشاركين من
غزة تحمل وعودا وتطمينات للجمهور أن السيناريو هذه المرة يتضمن تجديدا وتغييرا، وأنه
لن تكون النهاية مفتوحة أو مخيبة للآمال كالعادة، بل ستظهر حلول وتطورات تستحق المتابعة.
لكن صبر الجمهور الذي يضم مجموعات من المتضررين و"القرفانين"،
والمفلسين، ينفد، ولن يكون بالإمكان الصمت طويلا أمام سلسلة أفلام" هزلية"
لا يتغير فيها سوى العنوان، أو أسلوب العرض وطريقة المكياج الذي يخفي عيوبهم داخل البوستر.
في لحظة ما قد "يقلب الوضع أكشن"، لكن هذه المرة سيكون الشعب
هو بطل الفيلم.
المصدر: الرسالة نت