القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الخميس 28 تشرين الثاني 2024

عباس يختار المفاوضات على الانتفاضة

عباس يختار المفاوضات على الانتفاضة

رأي القدس العربي

لا نعتقد ان بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي سيكون مسرورا من اللقاء المفاجئ الذي اجراه الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع وزير الخارجية الامريكي جون كيري في الرياض يوم امس الاول. ليس لان اللقاء لم يكن مدرجا على جدول اعمال جولة الوزير الامريكي الاوروبية والشرق اوسطية، وانما ايضا لانه، اي كيري، استثنى اسرائيل، واكد بمثل هذا اللقاء عزلتها الدبلوماسية، وتقلص حميمية علاقتها مع الادارة الحالية.

صحيح ان كيري لم يرد زيارة القدس المحتلة واللقاء مع نتنياهو حتى لا يفسد زيارة رئيسه باراك اوباما الى الاراضي الفلسطينية المحتلة يوم 22 من الشهر الحالي للمرة الاولى منذ توليه مهام منصبه، حسب بعض التفسيرات والتسريبات الامريكية، ولكن الصحيح ايضا ان وزير الخارجية الامريكي اراد من خلال لقائه بالرئيس الفلسطيني في الرياض ايصال رسالة واضحة الى نتنياهو بان دوره ودولته في المنطقة تجاه القضايا الاقليمية الرئيسية مثل سورية وايران لم يعد على الدرجة نفسها من الاهمية.

اللقاء بين الرئيس عباس وكيري كان على مائدة غداء في الرياض، اي انه لم يكن لقاء رسميا، وقد يكون استجابة لطلب سعودي من الرئيس الامريكي بالموافقة عليه، حيث تعود الدبلوماسية السعودية الى حالة من النشاط بعد جمود استمر لاشهر نتيجة غياب الامير سعود الفيصل عميدها بسبب المرض.

السلطات السعودية التي تتربع على كرسي القيادة فيما يتعلق بالملف السوري، وتتزعم الجهود لاطاحة نظام الرئيس بشار الاسد من خلال تسليح المعارضة السورية باسلحة حديثة ونوعية، تريد ان توحي في الوقت نفسه بعدم اهمالها للقضية الفلسطينية، وقيادة المساعي السياسية لاحيائها ومبادرة السلام العربية التي انطلقت من الرياض في طبعتها الاولى.

جون كيري ليس جديدا على الصراع العربي ـ الاسرائيلي فقد زار المنطقة اكثر من مرة قبل توليه منصبه الجديد وشارك في العديد من الندوات السياسية حولها ابدى خلالها تأييدا لحل الدولتين، ومعارضته للسياسات الاستيطانية الاسرائيلية، ولذلك ليس بحاجة الى الاستماع لوجهة نظر المسؤولين الاسرائيليين التي يعرفها جيدا عن ظهر قلب.

خطورة هذه الحملة الدبلوماسية الامريكية المتمثلة في لقاء الرياض بين كيري وعباس، واوباما وعباس لاحقا انها ستدفع بالاخير اي الرئيس عباس لتجميد المصالحة الفلسطينية، ومنع انفجار الانتفاضة الثالثة في الاراضي المحتلة، وهي انتفاضة كانت وشيكة جدا بعد استشهاد عرفات جرادات واضراب الاسرى عن الطعام في سجون الاحتلال.

زيارة اوباما للاراضي المحتلة لن تعيد احياء العملية السلمية، وان اعادت احياءها فمن اجل كسب الوقت وتهدئة الشارع الفلسطيني وبيع الوهم للسلطة والرئيس عباس مجددا.

اشتعال الانتفاضة في الارض المحتلة كان سيقوي موقف عــبــاس والــسلطة اكثر من زيارة اوباما، ولذلك نعتقد ان اخماد هذه الانتفاضة وارهاصاتها اكراما للضيف الامريكي هو خطأ استراتيجي فادح بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى.

عشرون عاما من المفاوضات العبثية كانت تكفي لاقناع عباس والسلطة بالبحث عن بدائل اخرى، ولكنه لا يريد الاقتناع، ويصر على السير في الطريق نفسه، ويجد من يشجعه او يبرر له ذلك من المجموعة المحيطة به للاسف الشديد.