عبد
الله البرغوثي
بقلم:
وائل أبو هلال
رغم
الانشغال بالمشهد المصري إلى حدّ التماهي (حتى لو كره ذلك بعض الصِّغار!)، ورغم القلق
على الشّام المباركة، إلا أنّ همّ فلسطين يبقى حاضراً لأنّه لا يفارق الوجدان، فكلّ
الهموم متفرّعةٌ من هذا الهمّ، فهو همّ مستمر لأنّ معاناة "الأرض والإنسان"
تحت الاحتلال لا تنتهي بل تتعاظم يومياً، لا يمكن بالتأكيد للزمن مهما طال أن يدفع
الشعب لاستمراء هذا الاحتلال البغيض.
وتبقى
معاناة أسرانا البواسل خلف القضبان هي العنوان الأبرز والجرح النازف الذي لن يلتئم
إلا برؤيتهم أحراراً مرفوعي الرؤوس في كنف شعبهم وبين أهلهم وذويهم ...
يطلّ
من هؤلاء العظماء فارسٌ مغوار، صاحب أعلى حكم في التاريخ "عبدالله البرغوثي"
.. الذي لا أملُّ الكتابة عنه والحديث عنه حتى يفرّج الله عنه وعن إخوانه العظماء،
لقد أسَرتَنا يا أبا أسامة!
أشْرُف
بالكتابة عنك؛ بيد أنّ القلم يقف منكسراً أمام شموخك وصمودك يا عبد الله! وها أنت تعاود
الكرّة تلو الكرّة تُذِلُّ عدوّك وتهينه وتمرّغ كبرياءه (إن كان له كبرياء!) في الوحل
بتحدّيك له ولآلته وجبروته وطغيانه وزنازينه، وأنت الأعزل خلف قضبانه لا تملك – بعد
عون الله - إلا عزيمة عزّ نظيرها في التاريخ النضالي.
ماذا
أكتب يا "عبد الله"؟ هل أروي سيرتك من جديد؟ وأنا الذي فرضتُّ على أبنائي
حفظ ملحمة "أمير الظل" .. أم هل أتحدّث عن ملحمتك الجديدة مع سجّانك الذليل
بآلته العسكرية أمام "قرقرة" أمعائك الخاوية 80 يوماً؟
أمّا
أنتِ يا أمّ أسامة فالله الله لك في صبرك وجهادك؛ فقليل من النّاس من يتذكر أنّ وراء
هذا البطل سنديانة عظيمة يتكئ عليها بجهاده وصموده، يكفيكِ فخراً أنّك حفظتِ أسامة
وتالا وصفاء فلذات الكبد، فإن فقدوا "أمير الظل" فإنّهم يتفيؤون ظلّ الأميرة
الصابرة المجاهدة. تحية لك مع موكب الصابرات أمّ علي حامد وغفران الزامل وأمّ عبد الله
السيّد والكثير الكثير من ماجدات هذا الشعب.
طوبى
لكم من عائلة تشارك في صناعة مستقبل وطنٍ وشعبٍ بصمودها وجهادها وصبرها على جَبروت
الاحتلال، طوبى لكم فقد أصبحتم من الحكايات التي يرويها الآباء والأمّهات لأبنائهم
كنموذج يُحتذى ومثال يُقتدى! هذي حكايتكم يا آل البرغوثي تنضمّ لسِفر البطولة الضخم
في هذا الشعب: آل حامد وسلامة والسيّد وعيسى والنتشة والكثير الكثير ممن تحرر ومن بقي
قيد الأصفاد إن لم نذكرهم فالله يذكرهم في ملئه الأعلى بإذن الله.
كل الحكايات
يا "عبد الله" تنزوي خجلاً أمام ملاحم "الشام" وأهل "الشّام"
إلا حكايتك. وكل العيون تسمّرت أمام إبداعات الصمود في "مدينة" رابعة العدوية
لا تلتفت إلا لطلّتك البهيّة بقبّعتك التي غدت رمزاً ثورياً، تماماً كما صورة
"عمائم الأنبار" تحكي صمود أرض الرشيد!
صمود
"رابعة العدوية"، و"ملاحم الشام"، و"عمائم الأنبار"
والفلّوجة، وشموخ عبدالله البرغوثي وإخوانه العظماء خلف القضبان لوحةٌ تجسِّد روح الأمّة
في هذه المرحلة، وهي اللّوحة التي يجب أن تزيّن ميادين العواصم؛ وهي الأهزوجة التي
يرقص عليها الثوار فرحاً بدحر الاحتلال وإسقاط الطغاة والطغيان واقتلاع الفساد وهزيمة
الظلم والظالمين.
"ويسألونك
متى هو؟ قل عسى أن يكون قريباً!"