«عكاشة» والفـكـر السياسي
الفـلسـطيني..!!
بقلم:
عـادل أبوهـاشـم
في
شهر نوفمبر من العام الماضي أرسل السيد محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية رسالة
شكر لتوفيق عكاشة صاحب قناة "الفراعين" أشاد فيها بجرأتـه ودعمه للقضية
الفلسطينية، واصفاً إياه بالأخ العزيز بعد ظهور الأخير على التلفزيون الرسمي
الفلسطيني ليكيل الشتائم لشعب قطاع غزة والمقاومة..!
فكتبت
مقال بعنوان(عـبـاس وعـكـاشة و"حـمـار جـحـا") لتذكير السيد عباس بأن
عكاشة هذا يطلق عليه في مصر المحروسة بـ"حمار قناة الفراعين"، ويسمى عند
معارفه بـ"حمار جحا"، ويطلق زملاء أبنائه في المدرسة عليه لقب "الأهبل"
كما أكد ذلك هو نفسه، وزملاؤه في المهنة يؤكدون على أنه يحمل شهادة "معاملة
أطفال"، ومعروف عند الفلسطينيين بأنه صهيوني أكثر من الصهاينة، وقد تم طرده
من قبل زملائه من مقر التلفزيون المصري الرسمي!!
"حـمار
جـحـا" هذا لم يدع دولة عربية إلا وقد تطاول عليها بالشتائم والكلام السخيف
بدءاً من الشعب الفلسطيني مرورا بدول الخليج والمملكة الأردنية الهاشمية، وأخيرا
المغرب العربي خدمة للمخططات الصهيونية، والسعي لترويج أهدافها ومخططاتها.؟!
ففي
الوقـت الذي كانـت فيـه غـزة تذبـح وتتعـرض لأبشـع المجـازر على أيدي القوات
الصهيونية خلال حرب "العصف المأكول" العام الماضي فوجئنـا بتصريحـات"حمار
جحا" التـي تهجـم فيهـا علـى أهـل غـزة، ووصفهـم بأبشـع الأوصـاف، حتـى وصلـت
به السخافة بأن يرفـع حذاءه بوجـه أهـل غـزة، ورفـع"القبعـة" لجيـش وشعب
وقادة "إسرائيل"، ووصفهم بالرجال لذبحـهم أطفال وأهل غـزة، حيـث أثـارت
هذه التصريحـات كل إنسـان عربـي شريـف غيـور على دينـه وأهلـه في فلسطيـن.
بعد
رسالة عباس طلب عكاشة عبر قناته من المسلمين زيارة المسجد الأقصى، فوجه محمود عباس
رسالة شكر لـه أشاد فيها بجرأتـه، وقال فيها:
"أخي
العزيز الدكتور توفيق عكاشة: نشد على أيديكم ونبارك لكم مبادرتكم، ونتمنى لقناة
الفراعين دوام التقدم والنجاح".!
ولم
نعرف ـــ في ذلك الوقت ـــ مغزى إشادة عباس بهذا التخلف العقلي، واعتباره أحد
أفراد عائلته ؟!.
(
الغريب أن عكاشة ظهر على قناة الفراعين ليؤكد حقيقته قائلا أنه 300 حمار وليس حمار
واحد، وطلب من أحد العاملين معه أن يُحضر له"نص شليتة برسيم"، حيث قال:
منذ 3 سنوات ونصف لم يأت للقناة أي إعلان، يا عز ابعت هات نصف بردعة برسيم عشان
أتعشى بيها النهارده لأني مفطرتش، يا عز ابعت جيب لي نص بردعة برسيم اتعشى بيها")..!
ولم
تفت الفرصة السانحة التلفزيون الرسمي الفلسطيني ـــ الذي كان شعبه يقتل في غزة،
وهو يطبل ويرقص ويغني ويطبخ ويعرض المسلسلات الهابطة؛ فاستضاف في برنامج"حال
السياسة" الذي تقدمه المذيعة أميرة حنانيا" توفيق عكاشة الذي سبق وأن
طرده زملاؤه من مقر التلفزيون المصري الرسمي قبل أشهر.!، وتصفه القناة الفلسطينية
ومذيعته الفرفورة بأنه إعلامـي كبيـر وشخـص مثقـف داعـم للقضيـة الفلسطينيـة.!!
بعد
إشادة محمود عباس بـ"حمار جحا"، واعتباره من العائلة التي تقرر مصير
البلاد والعباد، وظهور الأخير على التلفزيون الرسمي الفلسطيني ليكيل الشتائم لشعب
قطاع غزة والمقاومة أمام ضحكات المذيعة "الأمورة الفرفورة"، تقدم عكاشة
ببلاغ إلى النائب العام المصري يطالب فيه بترحيل القيادي الدكتور موسى أبومرزوق من
مصر، وتعهد على الهواء بخطف "أبومرزوق" من منزله في القاهرة.!!
وصف
مدير عام الأخبار في تلفزيون فلسطين الرسمي السيد احمد زكي "حمار جحا"
بالعميل لـ"إسرائيل".! وأكد بأن لا علاقة له بما جرى، وأن"فضائية
عودة" هي من استضافت عكاشة وليس تلفزيون فلسطين.!
في
اليوم التالي أقال محمود عباس السيد أحمد زكي؛ بسبب تصريحاته التي انتقد فيها
استضافة عكاشة على شاشة تلفزيون فلسطين..!
قبل
أيام التقى عباس بعكاشة في القاهرة ليشكره على تفاهاته ضد أبناء شعبنا، وعدائه
الشديد لنهج المقاومة الذي يمثله فصائل المقاومة الفلسطينية ورموزها..!!
وأشاد
عباس برؤية عكاشة السياسية، وأبدى إعجابه بالتحليلات السياسية التي يقدمها، كما
شكره على تعمقه الشديد في علم الإسرائيليات، وجرأته في أحداث المسجد الأقصى قبل
وقوعها بستة أشهر.!
وقال
عباس له:"إنك أربكت مخططات دول كثيرة تعادي الأمة العربية والشعب الفلسطيني،
وأنك ساعدت في إعادة الفكر السياسي لدى الشعب الفلسطيني والمصري والعربي".!!
وأعطاه
عباس هدية لوالدته قائلًا له:"ياريت كل الأمهات في الدول العربية يكون عندهم
ثقافة والدتك"مفيدة الفقي"، وأنا معجب بها أكثر منك، وأرجو أن تسلمها
هذه الهدية باسمي، وأتمنى أن تكون كل أمهات العرب لديهم ثقافة مثلها يستطيعون
تربية أبنائهم تربية ثقافية وعلمية ووطنية كما نجحت في تربيتك".!
في
واقع الأمر يجب على كل فلسطيني تقديم الشكر لعكاشة الذي فسر لنا حالة الفشل والعقم
السياسي والأزمات الاقتصادية والانقسام الوطني، وحالة الفساد التي تعتري أجهزة
السلطة، وحالة الكآبة واليأس التي وصل إليها رئيس السلطة محمود عباس وفريقه
المفاوض، فالرجل يبني أفكاره السياسية على تحليلات حمار جحا..!!
ولأن"حمار
جحا" غير متابع لتطورات القضية الفلسطينية والقدس والأقصى، والممارسات
الصهيونية في قتل أطفالنا وبناتنا وشبابنا وشيوخنا، وحصار قطاع غزة، وأوضاع الضفة
الغربية، ومستقبل اللاجئين، ومعاناة مخيم اليرموك ومخيم عين الحلوة، والمصالحة
الفلسطينية وتوحيد البيت الفلسطيني، ومعالجة الانقسام والفساد في الإدارة، فقد
انعكس كل ذلك على عباس حيث تدل تصرفاته انه بعيد كل البعد عن الهموم الوطنية
الفلسطينية.!
أكثر
من عشر سنوات منذ تولي عباس السلطة وما تخللها من مذابح يومية للفلسطينيين يندر أن
تجد مثيلا لها في أي مكان، أوفي أي زمان إلا في العصور المظلمة التي عانت فيها
البشرية من جحافل التتار أوالبربرية أوالنازية أوالفاشية، من قتل للأطفال والنساء
والشيوخ والرجال والكوادر والقيادات، والتمثيل بجثث الشهداء وسرقة أعضائهم
الداخلية، وترك المئات من الجرحى ينزفون حتى الموت دون إسعاف، واغتيال الأجنة
والأطفال الرضع وتلاميذ المدارس وأمهاتهم، وقتل المعوقين والجرحى، ودهس جثث
الشهداء بجنازير الدبابات، وتدمير المستشفيات على نزلائها من المرضى، والبيوت على
رؤوس ساكنيها العزل.. ّ!!
هل
سمعتم يومـًا أن"عباس" ذهب لتعزية عائلة شهيد، أولزيارة عائلة جريح أو
معتقل..؟!
دفعت
الأم الفلسطينية الغالي والنفيس من أجل وطنها الغالي فلسطين، حيث صنعت المحنة منها
أسطورة ونموذجا يحتذى به في كل مكان.
فقد
قدمت المرأة الفلسطينية سفرًا جديدًا إلى سجلها الخالد من خلال تصديها البطولي
لقوات الاحتلال جنبـًا إلى جنب مع الرجل مضحية بالزوج والولد والروح فداءً للوطن
وحريته وكرامته.
أكثر
من"500" شهيدة، فيما اعتقلت قوات الاحتلال الأسرائيلي"15" ألف
امرأة منذ العام 1967م بينهن"900" امرأة خلال انتفاضة الأقصى.
عشرات
الخنساوات الفلسطينيات اللواتي تحكي كل واحدة منهن حكايات وملاحم بطولية وبتضحيات
لا مثيل لها في تاريخ المرأة.
هل
سمعتم يومـًا أن"عباس" أشاد بهن كما أشاد بوالدة عكاشة..!!
لقد
أصبح المشهد الفلسطيني في وجود عباس حالة من القهر والبؤس والكمد والغم والحزن
المختلط بمهرجان تسفيه القضية، ونهب الوطن وتدمير اقتصاده وطمس هويته النضالية
الممتدة على مدار قرن من الزمان.؟!
لقد
آن آوان رحيل هذا الرجل.. وكفى.. !!
المصدر:
السبيل