نادر طلال
فجر رئيس المكتب
السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، إسماعيل هنية، مفاجأة من العيار الثقيل حين
كشف عن محاولات متكررة تُبذل من قبل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإجراء اتصالات
ولقاءات مع الحركة خلال الشهور الأخيرة.
وأكد هنية خلال
لقاء أجراه مع فضائية "الميادين"، في (2 مارس) الماضي، على هامش زيارته للعاصمة
الروسية موسكو، أن حركته رفضت وبشكل قاطع فتح أي قنوات اتصال مع الإدارة الأمريكية،
مضيفاً: "ومن المهم جداً أن نقطع الطريق على سيطرة الأمريكي على المنطقة، وعلى
الدول المتضررة من الولايات المتحدة أن تجد وسائل للتواصل والالتقاء".
تصريحات هنية المفاجئة،
التي جاءت بعد أسابيع من طرح الإدارة الأمريكية لصفقتها السياسية في المنطقة والتي
تعرف باسم "صفقة القرن" في 28 يناير الماضي، فتحت معها باب جدل واسع حول
أهداف واشنطن من الركض خلف "حماس"، في وقت كانت تطالب وتصر على أن تكون الحركة
الفلسطينية ضمن "قائمة الإرهاب" الدولية، ولا تزال دول عربية، على رأسها
السعودية ومصر، تصنف حماس "منظمة إرهابية"، كما تعتقل الرياض قادتها والمؤيدين
لها.
وأدرجت الولايات
المتحدة الأمريكية، في 31 يناير 2018، هنية ضمن التصنيف الخاص بقائمة "الإرهاب
الأجنبي" إلى جانب "حركة الصابرين" الفلسطينية، ومجموعتي "حسم"
و"لواء الثورة" المصريتين، وسبقه للقائمة 4 من القياديين الكبار بحماس؛ يحيى
السنوار، وروحي مشتهى، ومحمد الضيف، وفتحي حماد.
ورقة حماس الصعبة
القيادي في حركة
"حماس" ووزير الاقتصاد السابق في قطاع غزة، زياد الظاظا، أكد أن الإدارة
الأمريكية تعلم جيداً حجم ورقة "حماس" فلسطينياً وعربياً ودولياً، لذلك تلهث
خلفها من أجل عقد اللقاءات وإجراء الاتصالات الدائمة لمناقشة الأوضاع والمتغيرات في
المنطقة.
وفي تصريحات خاصة
لـ"الخليج أونلاين"، قال الظاظا: "حماس باتت ورقة صعبة وقوية، والدول
العربية والأوروبية، وحتى الولايات المتحدة، تعلم جيداً أن أي حلول تتعلق بالقضية الفلسطينية
يجب أن تمر عبر حركة حماس، لذلك تعتقد بأن باب الحوار معها يجب أن يكون مفتوحاً دائماً
ولا يغلق".
الظاظا أوضح أن
"حماس" تعلم جيداً خطورة اللعبة الأمريكية التي تُحاك في المنطقة والقضية
الفلسطينية بعد طرح "صفقة القرن"، وأنهم في إطار البحث الدائم عن أطراف يمكن
أن تساعدهم في تنفيذ هذه الصفقة "المشؤومة"، لذلك يحاولون باستماتة تحقيق
ذلك، ولن ينجحوا.
وشدد القيادي في
حركة "حماس" أن "صفقة القرن" لن تمر أبداً مهما كان حجم الضغوط
والتضحيات، مضيفاً: "مهما حاولت واشنطن وبأي طرق التفافية ستلجأ لها فلن تجد في
حماس من يساعدها في التنفيذ، لأن الموقف واضح وصريح؛ رفض الصفقة".
"إدارة ترامب
تلهث خلف حماس بكل الطرق المتاحة لها رغم وضعها معظم قادة الحركة على قائمة الإرهاب
الفاشلة الخاصة بها، وهذا يؤكد أن نهج الحركة المقاوم قوي وثابت، لذلك الحركة أصبحت
قوة لا يمكن لأحد أن يتجاهلها"، يزيد الظاظا في حديثه لـ"الخليج أونلاين".
ولفت إلى أن تصريحات
هنية لم تكن وليدة الصدفة، "بل جاءت ليكشف للعالم حقيقة تعامل الإدارة الأمريكية
مع الحركة من خلف الأبواب"، مؤكداً في ختام تصريحه أن "حماس" لن تنصاع
لمثل تلك التحركات وستبقى حركة مقاومة رافضة لمخططات تصفية القضية الفلسطينية.
الجدير ذكره هنا
أنه في ظل ما كشفه هنية عن اتصالات إدارة ترامب مع الحركة، فإن دولاً عربية، من بينها
السعودية والإمارات ومصر، لا تزال تحارب حماس، وتعتبرها "منظمة إرهابية"
يحظر التعامل معها، ويلاحق عناصرها، وتغلق مكاتبها، ويحاكم قادتها، كما يجري في المملكة.
سياسة العصا والجزرة
الخبير في شؤون
الحركات الإسلامية والمحلل السياسي، الدكتور خالد صافي، ذهب إلى أبعد من الحديث عن
"قوة ورقة حماس" في المنطقة كسبب لمحاولات الإدارة الأمريكية فتح قنوات اتصال
معها، مؤكداً أن الأخيرة تلعب بسياسة "العصا والجزرة" مع "حماس".
صافي أوضح خلال
حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أن البيت الأبيض يرهن رفع اسم "حماس"
وقادتها، على رأسهم إسماعيل هنية وغيره، من قائمة الإرهاب التي وضعتهم فيها قبل سنوات،
مقابل إيجاد منفذ جانبي لتمرير صفقة القرن وحفظ أمن دولة الاحتلال الإسرائيلي.
وبحسب الخبير في
شؤون الحركات الإسلامية، فإن واشنطن تتعامل في هذه المرحلة مع "حماس" كما
جرى مع حركة طالبان الأفغانية وتوقيع اتفاق تاريخي معها بعد سنوات طويلة من القتال،
لافتاً إلى أن الإدارة الأمريكية "تؤمن بسياسة الباب الخلفي مع الجميع، لذلك لجأت
للاتصال بحماس مؤخراً كما كشف هنية".
وبسؤال "الخليج
أونلاين" عن طبيعة وجوهر الاتصالات التي جرت عبر القناة السرية بين البيت الأبيض
و"حماس" التي رفض هنية الكشف عن كل تفاصيلها، توقع صافي أنها "ركزت
على إغراء الحركة بتحسين ظروفها ورفعها من قائمة الإرهاب، والسماح لقادتها بالسفر والتحرك
والتنقل، ورفع القيود عنها في قطاع غزة، مقابل إيجاد مدخل لتنفيذ مشاريع الإدارة الأمريكية
وإسرائيل لتصفية القضية الفلسطينية تدريجياً".
وتابع بالقول:
"الإدارة الأمريكية تعلم جيداً أن حماس سترفض مطالبها وستغلق تلك القناة التي
حاولت فتحها، لكنها تأمل من خلال الوساطات الخارجية والمقربة من الحركة الفلسطينية
والضغوط، أن تعيد نشاط القناة وتُبقي الاتصالات قائمة، فذلك هو الهدف الأمريكي الأكبر".
الخبير في شؤون
الحركات الإسلامية توقع أن تلجأ الإدارة الأمريكية إلى خطوات ضغط قاسية على "حماس"
في حال واصلت رفضها، مشيراً إلى أن خيار واشنطن المطروح الآن "إما التواصل أو
الضغط وتشديد الخناق"، معتبراً الاهتمام الأمريكي بحماس هذه الفترة والحرص الكبير
على التواصل معها، سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة، "يعكس فعلياً قوتها فلسطينياً
وعربياً ودولياً، وأنها ورقة لا يمكن الاستهانة بها".
وفي سبتمبر
2019، قال محامي حركة "حماس"، خالد الشولي، إن المحكمة الابتدائية الأوروبية
في لوكسمبورغ ألغت قراراً بإدراج الحركة وجناحها العسكري "كتائب الشهيد عز الدين
القسام" على قوائم الإرهاب.
وكان الرئيس الأمريكي
دونالد ترامب سبق أن وصف حركة حماس بـ"الإرهابية"، وذلك في مايو 2017، خلال
القمة العربية الإسلامية، التي حضرها ما يقرب من 55 زعيماً ورئيساً ومسؤولاً رفيعاً،
وعُقدت في العاصمة السعودية الرياض.
وبالإضافة إلى
وصفه لحماس؛ قارنها بتنظيمي "داعش" و"القاعدة"، وقال إنها تمثل
تهديداً إرهابياً للمنطقة، بل وطالب الدول العربية والإسلامية بطردها من بلدانهم، ولم
تردّ السعودية مقر الاستضافة على ذلك.
المصدر: الخليج
أونلاين