القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأربعاء 27 تشرين الثاني 2024

عن «سواتر» مخيم عين الحلوة..!

عن «سواتر» مخيم عين الحلوة..!

بقلم:علي هويدي

حسناً فعل مخيم عين الحلوة بتنفيذ قرار الفصائل الفلسطينية بإزالة السواتر الإسمنتية والدشم الترابية من كافة "المحاور" ومناطق التوتر والإشتباك، وسحب المسلحين من الشوارع والأزقة وتعزيز مراكز القوى الأمنية المشتركة والتأكيد على عودة النازحين، وهذا إن دل على شيء فأنما يدل على استشعار المسؤولية الجماعية وحرص ووعي القوى السياسية للمخاطر المحدقة بالمخيم في حال استمرت الإشتباكات، ولا شك بأنه يمثل تعالي جميع الأطراف المتحاربة على الجراح، والسعي بكل الإمكانات المتاحة إلى تثبيت التهدئة حفاظاً على سلامة وأمن واستقرار المخيم والجوار، وتفويت الفرصة على كل من يحاول جر المخيم إلى ما لا تحمد عقباه خدمة للمشروع الصهيوني في المنطقة..!

لكن على أهمية إزالة الجدران والسواتر والدشم المادية والتي لا تحتاج لأكثر من ساعات قليلة، لكن في النهاية لا غنى عن إزالتها على المستوى المعنوي وهو الأهم، فلا قيمة لأي إزالة لأي من تلك السواتر إن لم تكن إزالة السواتر الداخلية وتصفية النفوس وتنقية القلوب والعودة مجدداً ودائماً إلى لغة الحوار والعقل والمنطق ومصلحة المخيم بمكوناته السياسية والإنسانية حاضرة وبقوة لدى الجميع..!

هذا على مستوى "السواتر" بين الإخوة المتخاصمين أبناء المخيم الواحد والقضية الواحدة، لكن هناك إستحقاق شعبي جماهيري مطلوب من القوى السياسية الفلسطينية الوطنية والإسلامية أن تبدي حُسْن نية ومبادرات تجاهه، من شأنه أن يخفف الإحتقان وأن تزيل جزء من "السواتر" وهذا يتعلق بردات الفعل من عموم الناس نتيجة ما حصل ويحصل من توتيرات أمنية بين الفترة والأخرى، وهذا ينقسم إلى قسمين الأول المتضررين مباشرة في المخيم، فقد دُمِّرت وأُحرقت منازل ومصالح تجارية، وتعطلت بنى تحتية من ماء وكهرباء.. وهذا يحتاج إلى مبادرات سريعة يمكن أن تساهم فيها وكالة "الأونروا"، والقسم الثاني ما يتعلق بالصورة المشوهة للقوى السياسية لدى عموم اللاجئين في لبنان، والتي تحتاج بدورها إلى ترميم وعمل جاد لإعادة المسار الصحيح لقضية اللاجئين وحق العودة كمشروع سياسي، والتفرغ للتخفيف ولتلبية إحتياجات الناس الإقتصادية والإجتماعية..، الساتر الآخر الذي هو أيضاً بحاجة إلى إزالة، ساتر العلاقة بين الفلسطينيين واللبنانيين عموماً وجوار مخيم عين الحلوة وبالتحديد مدينة صيدا وغيرها والتي لا شك ساءت وستسوء أكثر في حال استمرار الإحتكام إلى لغة السلاح، أما الساتر ربما الأخير الذي من المفترض إزالته يتعلق بالصورة النمطية وبسمعة مخيم عين الحلوة لدى المجتمع الدولي الذي يريد أن يكرس مفهوم أن المخيم بؤرة أمنية خارجة على القانون ويأوي مطلوبين.. في محاولة لتسمين المخيم أمنياً لاستهدافه استراتيجياً وبالتالي المزيد من حالات البعثرة والتهجير للاجئين في لبنان يتقاطع في ذلك مع ما جرى مع فلسطينيي العراق وسوريا..!

لتنقية الصورة من جديد، ليس المطلوب أكثر من إرادة سياسية جادة من الجميع والبدء بصفحة جديدة، وتكريس سياسة الإنفتاح على الآخر وبموضوعية، فعصر المعجزات قد ولَّى وحلّ محله عصر المعادلات والخاسر من بحساباته خلل، فلا يمكن لليد التي تمتد للمصافحة أن تُرد، فهذه السواتر المادية والمعنوية على الرغم من دور لـ"الآخر" بصناعتها، إلا أن إزالتها لن تكون سوى مسؤولية من يعيش الحدث ولحظة بلحظة بين أهله وشعبه ومستقبله الإنساني والسياسي..!