القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأحد 24 تشرين الثاني 2024

عودة اللاجئين أولاً

عودة اللاجئين أولاً

عبد الستار قاسم

يتغطرس نتنياهو بتصريحاته حول يهودية الدولة، وحول أمن كيانه الصهيوني، ويتكلم بنبرة قوية ضد الذين يحملون كيانه مسؤولية الأوضاع في المنطقة العربية-الإسلامية؛ وفي المقابل تجد قادة عرب وفلسطينيين يتلتوهون (يعجن الكلام في فمه دون أن يدري ماذا يريد) ويتلعثمون ويتذمرون من عدم رغبة نتنياهو في تحقيق السلام. قادة عرب وفلسطينيون أعجز وأجبن وأدنى وطنية من أن يعبروا بوضوح وصراحة عن الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني والأمة العربية، والتي هي غير قابلة للتفاوض أو المساومة أو الأخذ والرد أو التساؤل أو التأجيل.

أساس المشكلة هو أن شعب فلسطين قد طُرد من وطنه. تم طرد الناس عنوة من بيوتهم وممتلكاتهم، وهم يعيشون على مدى سنوات طويلة خارج وطنهم تحت ظروف معيشية واجتماعية واقتصادية ونفسية قاسية جدا. العلة هي أن هناك شعبا مشردا ويريد العودة إلى وطنه.

يتحدث السيد محمود عباس أحيانا عن حق العودة فيقول إنه مع حل قضية اللاجئين حلا عادلا وفق القرار 194. أي أنه يريد أن يجمع بين قرار غير حازم وغير ملزم وهو قرار 194، وقرار متأخر عنه وغامض تماما وهو 242. الذي يريد حق العودة يجب أن يقول إنه يريد حق العودة، وما لم تتحقق عودة اللاجئين الفلسطينيين فإن المنطقة لن تشهد إلا موقفا فلسطينيا ينتزع الحق انتزاعا.

المفروض وفق الأعراف الدولية، وفق سيرة التاريخ أن تكون مسيرة التفاوض بين متحاربين مسبوقة بأمرين: تبادل الأسرى، وعودة اللاجئين إلى بيوتهم. لا يجوز إطلاقا أن يفاوض شخص طرفا يحاربه بدون تحقيق هذين الأمرين أولا، وإلا فإن انتماءه الوطني يصبح محط تساؤل وطعن. القيادات الفلسطينية ذهبت إلى طاولة المفاوضات دون أن تحقق ايا من هذين الأمرين.

وعليه، لا بد من العودة إلى الجذور. نحن ببساطة شعب مشرد، أو مطرود من وطنه، ونريد العودة، وإذا لم يتيسر ذلك، فإننا سنصنع كل ما بوسعنا من أجل أن نعود. نحن لسنا مطالبين بمبادرات سياسية، ولا بمفاوضات، ولا بتنازل. نحن تم الاعتداء علينا من قبل بريطانيا والصهاينة وأطراف عربية ودولية عدة، وكل ما نعرفه أن العودة حق تعلو فوق رقاب الجميع.

مشكلتنا ليست الدولة، وإنما مشكلتنا هي العودة. عندما نعود، ونكون قد أنجزنا حق تقرير المصير نستطيع أن نقرر بأنفسنا فيما إذا كنا نريد إقامة دولة أو امبراطورية أو الانضمام الوحدوي مع دولة عربية. الدولة التي يتحدثون عنها الآن ليست إلا مجرد كيان هزيل يعمل وكيلا أمنيا للكيان الصهيوني ويقوم عليه من هم أحرص على مصالح الصهاينة من مصالح الفلسطينيين. ومن ينسق أمنيا مع إسرائيل، ويتحدث عن دولة من خلال الرؤية الأمريكية لا يمكن أن يكون وفيا إلا لمصالح غير الفلسطينيين.

قضية فلسطين أمانة في أعناقنا، ويجب أن نقف بقوة في مواجهة كل محاولات التصفية. هذه مسؤولية كل فلسطيني وفلسطينية، وهي مسؤولية مخيمات اللجوء والشتات. نحن ننتظر ثورة اللاجئين الفلسطينيين التي بدأت يوم 15/أيار/2011 لتكمل مشوارها حتى يكتمل عشق الأرض لعشاقها.

يجب ألا نستمع لزمجرة نتنياهو، ولا إلى تخاذل القادة، ولا إلى حرب التأييس التي يخوضها العملاء، فإسرائيل أضعف وأوهن مما نتصور.