القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
السبت 30 تشرين الثاني 2024

عيدنا الذي ما عاد حزينا!

عيدنا الذي ما عاد حزينا!

بقلم: لمى خاطر

ليس العنوان أمنية حالمة، ولا تهكّماً على واقع تغطي الدماء جلّ مشهده، وتغيب عنه مقومات الاستقرار الدنيا في سائر بلادنا، ولا محاولة متفائلة لاستجلاب الفرح قسراً إلى لحظات احتفالنا بأعيادنا، وهي التي اعتدنا أن نقابلها بتذكّر مآسينا وفتح جراحنا، والإعلان بأن قلوبنا لا تحتمل لحظات الفرح ولا تتسع لليسير منها!

لكنّ حضور البهجة أو إحدى مرادفاتها الشعورية لا يقتصر بالضرورة على تحصيلها كاملة أو تذوّقها خالصة دون شوائب، أو انتظار انتفاء كامل مرارتها. بل هي قابلة للاستشعار في أوقات المحن ومع اشتداد الكروب، وحين يكتسي بريق عينيها بمسحة تأمّل طويلة، تترقّب انحسار الليل الطويل.

كانت أعيادنا بلا روح يوم كان الجمود سيّد الموقف، وحين كانت الأمّة مسلّمة بسلب كرامتها ومصادرة حريتها، ولّما كان الخوف من مجابهة الظلم مقدماً على التجرؤ عليه في جميع حسابات الجبن أو الحكمة أو إيثار السلامة.

أما وقد وعت حدود مساراتها إلى النهوض، ثم اكتشفت في نفسها أسرار قوّتها، وقدر طاقتها من الصمود والمجابهة، فإنها اليوم حين تستقبل أعيادها سيكون اليقين دافقاً في شرايينها وهي تدعو الله بوفرة الخير في قادم الأعياد وتحقّق الأمنيات واستقامتها على دروب الحرية!

خلال شهر رمضان المبارك تابعنا رباط الثائرين في ميدان (رابعة العدوية) وغيرها ، حتى غدت تلك المتابعة إحدى أهم طقوسنا اليومية، وفي فلسطين؛ في قلبها المقدّس، وفي رحاب مسراها، كانت هموم الأمة كلّها حاضرة في دعاء القانتين، وفي تضامنهم ومسيرات نصرتهم التي ظلّت تترجم مشاعرها كل جمعة، وتعلن وحدة المسار والمصير لأمة واحدة لا تفتتها الحدود القُطرية!

طويل هو المخاض الذي ستعيشه فلسطين والأمة قبل ميلادها الجديد، لكنّ إرهاصات الميلاد تكفي للاستبشار، ولتجديد الثقة بإرادة أبناء الأمة وعزمهم على التغيير، وللنظر إلى المستقبل بيقين لا يهتزّ، دون استشعار الوهن والضياع!

ما عاد الأمل غائباً ولا خافت البريق ولا ممتزجة حروفه بالجفاء، هو اليوم كائن يتشكّل من صدى تكبيرات الصامدين في جميع ساحات الفداء، ومن قطرات الدم التي تُبذل رخيصة في سبيل الله، وفي مسيرة هدم جدران الطواغيت، وبناء متراس جديد للأمة كلّها، يسندها ويحفظ حرماتها، ويقذف المهابة في نفوس أعدائها!