القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الجمعة 29 تشرين الثاني 2024

عيدُ غزّة منكوبٌ

عيدُ غزّة منكوبٌ

بقلم: إيمان عبد الكريم

كفراشة ترقص حول زهرة بهيّة اللون، تدور أمل الصغيرة حول والدتها في سوق البلد وسط مدينة غزّة. فأمها اشترت لها فستاناً أصفر مزركشاً للعيد وحذاءً أبيض، من دون أن تنسى ربطة شعر بلون الفستان.

تخرج أم مصطفى المدني من محفظة نقودها ثلاثين شيكلاً، وتسدّد ثمن ما اشترته. وتقول "لا تتساوى فرحة ابنتي الصغرى بالنقود التي دفعتها. أنا لا أملك سواها وهي سعيدة بما اشتريت لها".

تضيف "العيد هو للأطفال. فهم أكثر الفلسطينيّين حاجة إلى السعادة والفرح".

تستمرّ أمل في الرقص والدوران. فتشير أم مصطفى إلى أن "سعادة طفلتي بفستانها زهيد السعر، هي العيد بحدّ ذاته". تضيف "لم تبلغ أمل بعد أعوامها الخمسة، وهي أصغر أبنائي الثلاثة. والملابس الجديدة هي فرحة الأطفال الذين لا يهتمون بالنقود التي دُفعت لقاءها". وكانت الوالدة قد ابتاعت لابنيها قميصَين بنفس سعر فستان الصغيرة.

من جهة أخرى، عند مدخل إحدى مزارع المواشي في مدينة رفح جنوب قطاع غزّة، يقف كريم الشاعر (13 عاماً) ورفيقاه محمد وعبد العظيم. لا ترى في عينَي كريم غير الحسرة، على عكس ذلك اللمعان والحماسة في عيون رفيقَيه. فهو كان يحلم بزيارة المزرعة مع والده لشراء أضحية العيد كما في كل عام. لكن أباه الذي فقد عمله كمزارع بعد تدمير الجرافات الإسرائيليّة مزرعته، لم يستطع تحقيق حلمه. لذا اصطحبه رفيقاه معهما، إلى تلك المزرعة لشراء أضاحيهما.

ويشكو كريم قائلاً "في كل سنة يطرأ أمر يمنعني من التمتّع بشراء أضحيتنا الخاصة. ففي العام الماضي، وعدني والدي بعدما خسر في مزرعة الورد خاصته بتحقيق حلمي هذا العام. لكن إسرائيل لم تدعه يفي بوعده".

أما الوالد حسام الشاعر (37 عاماً) فيقول "ما باليد حيلة. لن أنفق المال القليل الذي أحتفظ به لشراء أضحية. الله يسامحني ويعينني على توفير لقمة العيش لهم بقيّة العام". ويشير إلى أنه بالكاد يستطيع توفير متطلبات أسرته.

ويخبر الوالد أن جاره اشترى أضحية بالتقسيط، فدفع 700 شيكل مقدماً على أن يسدّد المتبقّي على دفعتَين خلال شهرَين بعد العيد. لكنه يلفت إلى أن "ما من أحد يضمن استمرار التهدئة لشهرَين".

هذا العام، كسدت المواشي في أسواق غزّة التي تستورد معظم بضاعتها من هولندا وأستراليا عن طريق إسرائيل، وتدخلها من خلال معبر كرم أبو سالم التجاري. فالطلب عليها أقلّ بكثير من الأعوام السبعة الماضية.

وتسجّل معدلات ذبح الأضاحي انخفاضاً لدى سكان القطاع الفقير، منذ بدء الحصار الإسرائيلي عليه في عام 2007.

وقد زاد العدوان الإسرائيلي الأخير من انخفاض معدلات شراء الأضاحي، بعدما فقدت آلاف العائلات الفلسطينيّة منازلها وكذلك مصادر رزقها. وتراجع الطلب على الأضاحي في القطاع بنسبة تتخطّى 50% بالمقارنة مع السنوات السابقة.

ويقول عبدالله عفانة وهو أحد أكبر تجار الماشية، إن "معدلات الإقبال على الأضاحي انخفضت بشكل كبير جداً نظراً لتراجع قدرة الفلسطينيّين الشرائيّة. وقد وصل العجز في بيع المواشي إلى 50%".

ويشير عفانة إلى أن النسبة القليلة من الفلسطينيّين التي لم تعزف عن شراء الأضاحي هذا العام، عمدت إلى التقسيط. بذلك، يُضطرون إلى دفع زيادة قدرها 10 أو 20% من سعر الأضحية الأصلي.

يضيف أن "آلية التقسيط التي رُوّج لها بين السكان، هدفت إلى تشجيعهم على شراء الأضاحي". لكنه يلفت إلى أن العدد الأكبر من المواشي بيع لمؤسسات وجمعيات خيريّة بهدف توزيعها على الفقراء والمحتاجين وعلى الذين هُدمت منازلهم خلال العدوان الأخير.

وتجدر الإشارة إلى أن سعر العجل الواحد يتراوح ما بين 12 ألف و20 ألف شيكل، وهو مبلغ بالكاد يتوفّر لدى عدد قليل من العائلات في القطاع المنكوب.

المصدر: العربي الجديد