غابت سفيرة فلسطين... وحضرت أجيال العودة
د.م.احمد محيسن - برلين
هنيئا لمن استمتع وتذوق حلاوة لقاء أجيال العودة..
أجيال المستقبل الواعد.. في عاصمة الاتحاد الأوروبي بروكسل.. يوم السبت الموافق
18/5 حين تقاطرت الوفود والحافلات التي أقلت ثلة من أبناء شعبنا وأبناء أمتنا وأصدقاء
قضيتنا.. ممن أراد في مؤتمر فلسطينيي أوروبا الحادي عشر أن يرفع رايات العودة.. ويقول
عائدون يا صفد وعائدون يا يافا.. وأراد أن يقول لأسرى الحرية بأن خلاصكم من الإحتلال
أكيد وحتمي.. وأراد أن يجدد العهد لفلسطين وشعبها.. فقد ترقرت الدموع في المآقي.. ونحن
نرى من الأجيال الفلسطينية من لم تطأ قدماه فلسطين وولد في الشتات وهو يردد.. بالروح
بالدم نفديك يا فلسطين.. ويردد راجعين لك راجعين.. يا بلادنا راجعين.. بنروح عيلة صغيرة
وبنرجع ملايين..!!
هنيئا لمن شهد اليوم المشهود في مؤتمر فلسطينيي
أوروبا الحادي عشر في بروكسل.. وكل التقدير للأيدي التي بنت وعلت البنيان.. والاحترام
لأعين التي بقيت ساهرة تربي لنا جيل العودة.. والقافلة تسير نحو فلسطين ولن تتوقف..
وستواصل المسيرة حتى التحرير والعودة.. شركاء في الدم.. شركاء في القرار.. ويا جبل
ما يهزك ريح... واللي مش عاجبه يشرب من بحر غزة ...!!
هذا هو جيل العودة يرفع رايات العودة.. وهم قادمون
من كل الأقطار الأوروبية إلى بروكسل.. مشهد يبعث الطمئنينة والأمل في النفوس.. بأن
العودة باتت أقرب.. فأما الزبد فيذهب جفاء.. وأما ما ينفع الناس فيمكث في الارض.. والشعب
يرصد ويتابع ويسجل.. والكلمة الفصل ستكون لمن سار على درب الشهداء والصديقين.. من أمثال
القادة العظام ياسر عرفات والشيخ ياسين والشقافي والحكيم وأبو علي مصطفى.. وأما الزيد
فسيذهب بالتأكيد هباء ...!!
تاريخ حافل بالعطاء لفلسطينيي الشتات في أوروبا..
فقد كان لنا شرف المشاركة في انطلاقة هذه المؤتمرات عام 2003 في لندن.. ردا على مبادرة
جنيف المشؤومة.. وكانت الخطوة الأولى على طريق الإصرار لأمتنا بالتشبث بحقنا في عودتنا
ودحر الإحتلال.. وكنا نقول في داخلنا آنذاك بأنه لقاء كمن سبقه من لقاءات.. واحتمال
إعادته ستبقى أمنية أو شعارا.. إلا أن الإنطلاقة الحقيقية لهذه المؤتمرات في أوروبا..
كانت من برلين عام 2004 باعتراف منظميه الأفاضل.. ولم نكن نحلم أن نرى هذه الإستمرارية
لمؤتمر فلسطينيي أوروبا للسنة الحادية عشر على التتابع والتوالي.. فهذا إنجاز عظيم
ومفخرة للشعب الفلسطيني والأمة.. وله مدلولاته الواضحة.. ويجب المحافظى على صونه من
عبث العابثين.. ونرى اليوم كما في كل الأعوام المنصرمة.. الآلاف من أبناء شعبنا وأبناء
أمتنا وأصدقاء قضيتنا وهم يشدون الرحال.. يجوبون العواصم الأوروبية حاملين معهم مفاتيح
العودة.. إصرار منقطع النظير على التمسك بثوابتنا وتوريث العودة لأحفادنا.. ورسائل
تطلق من الأجيال الفلسطينية المتعاقبة بكل الاتجاهات لكل المعنيين بالامر.. بأن لا
بديل عن العودة.. أجيال مختلفة الأعمار كانت حاضرة.. كان عنوان رسالاتهم أيضا لأسرانا..
أسرى الحرية.. إنكم خلف القضبان من أجل كرامتنا ومن أجل التحرير والعودة.. من أجل كرامة
فلسطين.. فحريتكم قريبة وأكيدة وحتمية.. فأنتم بالنسبة لنا أهم من أنفسنا.. وأنتم ال VIP والى الأبد.. وليس غيركم.. فأهميتكم يمنحكم
إياها شعبكم وليس غيره..!!
في بروكسل كان من أهم ما تم ‘نجازه من المؤتمرات
الشعبية الفلسطينية في أوروبا.. وهو مهم برمزيته في قلب عاصمة أوروبا السياسية.. وقلب
صناعة القرارات السياسية للقارة الأوروبية.. هو ببساطة مؤتمر العزة والشموخ.. وكانت
ألوان الطيف الفلسطيني حاضرة في المؤتمر.. في بانوراما التحدي والصمود.. والإصرار على
تجسيد الوحدة الوطنية.. والقول بأننا جسد واحد ولا مناص لنا من وحدتنا وتلاحمنا.. رغم
غياب سفيرة فلسطين في بلجيكا السيدة ليلى شهيد المتعمد عن المشاركة في المؤتمر.. والتي
كانت على بعد مرمى حجر من المؤتمر.. ولا تبرير لسفير او سفيرة فلسطين بمقاطعة الفعاليات
الفلسطينية الجماهيرية منها وغيرها.. حتى لو لم تخرج من تحت عباءتهم أو حسب ما يروق
لهم أوبنكهة أرادوها هم أو قياس فصلوه ليركب في إحدى الخانات وتزين به بعض المحظات..
وهذا أمر غير مقبول إطلاقا.. ولا تستصيغه هذه الجماهير الفلسطينية في أوروبا.. بل وهو
أمر مدان ولا يجب السكوت عليه.. وقد تكرر ذلك على الأقل أيضا في ألمانيا.. والحق يقال
بأن الأخ سفيرنا السابق في ألمانيا عبد الله الإفرنجي كان قد حضر المؤتمر الثاني في
برلين ولاقى كل الترحيب والإحترام من الحشد الذي حضر المؤتمر ...!!
وقال المتحدث في المؤتمر في بروكسل السيد الأخ والصديق
البروفيسور سلمان أبو ستة.. عضو المجلس الوطني الفلسطيني.. وصاحب أكبر موسوعة تتعلق
بتوثيق النكبة الفلسطينية.. ومرجعية فلسطينية مهمة.. خاصة بما يتعلق بتوثيق جرائم الإحتلال
ومسحه وإزالته عدة قرى وبلدات فلسطينية عن الوجود واقتراف مذابح بحق أهلها.. كلها وثقها
الأخ المناضل البروفيسور سلمان أبو ستة.. وهوصاحب أضخم أصلس لفلسطين.. إن لم يكن في
العالم.. وعمل على انجازه مدة عشرون عاما.. بحرفية لم يسبقه إليها أحد.. حيث ألقى يوم
15/5/ 2013 محاضرة في البرلمان الأوروبي لأول مرة في تاريخ الصراع العربي مع الإحتلال..
عن النكبة الفلسطينية نكبة الأمة.. وتغيبت عنه في البرلمان الأوروبي سفارة فلسطين في
بلجيكا السيدة ليلى شهيد.. واتصل الأخ أبو ستة في السفارة وعرف عن نفسه بأنه عضو مجلس
وطني فلسطيني.. أي أنه عضو البرلمان الفلسطيني ولغاية اللحظة.. أي أنه ممثل حقيقي للشعب
الفلسطيني في برلمانه.. وطلب منهم لقاء في سفارة فلسطين أو في أي مكان يختارونه.. ليطلب
مساندته ودعمه وشد أزره وليتعرف على سفارة فلسطين.. وقد وعدوه بالرد خلال نصف ساعة..
ولم يفعلوا ذلك ..!!
وقال البروفيسور أبو سلمان ستة أمام الحشد الغفير
في قاعة المؤتمرات في بروكسل.. معبرا عن استياءه لما أقدمت عليه سفيرة فلسطين في بلجيكا
السيدة ليلى شهيد بتصرفها هذا المدان: أي عار هذا.. وأي انحدار وصلنا اليه..؟! وهو
محق بذلك ...!!
نعم .. وهذه الحادثة تذكرني بما حصل في برلين قبل
أعوام.. عندما أردنا يوم إحياء ذكرى انظلاقة الثورة الفلسطينية الثانية والأربعين في
برلين.. واستضافة الأخ القائد فاروق القدومي أبو اللطف.. رئيس الدائرة السياسية في
منظمة التحرير الفلسطينية.. وأمين سر حركة فتح.. وبدعوة من الجالية الفلسطينية في برلين..
أردناه في الجالية الفلسطينية آنذاك بأن يوقد الأخ القائد المقاوم الشعلة الثانية والأربعين
من عمر هذه الثورة.. وكان ذلك في التاسع عشر من يناير من عام 2006 .. مع أهله ومحبيه
في العاصمة الألمانية برلين .. وقد قوطعت آنذاك تلك الإحتفالية من السفير الفلسطيني
في برلبن السيد هايل الفاهوم.. بل ومن كل طاقم السفارة.. لا بل وتم التحريض ضدها والعمل
على مقاطعتها وإفشالها.. فلا استقبال للقائد القدومي من طاقم سفارة فلسطين في برلين
.. ولا مشاركة في احتفال الإنطلاقة من طاقم سفارة فلسطين في برلين.. ولا وداع للقائد
القدومي عند المغادرة من طاقم سفارة فلسطين في برلين.. وحضر آنذاك السيد سالم قواطين
رئيس بعثة جامعة الدول العربية في برلين.. حضر لوحده مستقبلا ومشاركا ومودعا للقائد
فاروق القدومي.. ولكن الإحتضان الجماهيري للقائد كان متميزا.. وعودوا للآرشيف.. كان
لقاء تتمناه الخشب المسندة المحسوبة على الشعب الفلسطيني في تمثيله..!!
وهنا ولا بد للشعب الفلسطيني من قول كلمته في هذا
المقام.. فسفارات وممثليات ومكاتب فلسطين على امتداد رقعة هذا العالم في العواصم..
ما هي إلا حصيلة نضالات شعبنا وتضحياته.. وإلا لما كانوا ولما كانت.. ودفع شعبنا ثمنها
شلالات من الدماء الزكية.. لتكون لكل الفلسطينيين.. وليست لفئة دون غيرها.. ولتقوم
بواجبها في تمثيل الشعب الفلسطيني وقضيته .. وهي ليست وكأنها ماركة مسجلة لحساب فلان
أو علان أو لفئة دون أخرى.. فقد أصبح اليوم الذهاب إلى مؤتمرات هيرتسيليا التي تناقش
أمن دولة الإحتلال.. أصبح أولوية عند بعضهم.. وأسهل عليهم بكثير من المشاركة في نشاط
فلسطيني جماهيري.. ويجدون أنفسهم هناك.. ومقاطعة الفعاليات الجماهيرية الفلسطينية مثل
مؤتمر فلسطينيي أوروبا أصبح عند البعض منهم أيضاً أمرا طبيعيا.. بل عقيدة وواجب لا
بد للبعض من تنفيذه.. لكي يبقى ولكي يستمر ولكي يثبت ولائه.. ونستحضر هنا قصة السفير
عفيف صافية.. سفيرنا السابق في لندن.. الرجل المحترم.. الذي مثل فلسطين خير تمثيل..
كيف عوقب وكيف حوصر وكيف وكيف.. لأنه تجرأ على قول لا لا لا.. لا لظلم ذوي القربى...!!
أشبال فلسطين حضروا إلى بروكسل من برلين بل زمن
كل العواصم الأوروبية.. وقد مثلوا فلسطين وكانوا خير سفراء لفلسطين وقضيتها العادلة..
قضية أحرار العالم.. فهي أعدل قضية.. تفتقر للمحامي البارع.. هذا جيل العودة وهؤلاء
هم سفراء فلسطين الحقيقيون.. هؤلاء هم أبناءنا واحفادنا.. هم السفراء الحقيقيون في
بروكسل وبرلين وباريس وبودبست ووارسو وروما ومدريد وستوكهولم وكوبنهاجن وأسلو وغيرها
من العواصم الأوروبية.. نعم أنتم سفراء فلسطين الحقيقيون وليس غيركم.. أنتم الذين تصرون
على العودة وترفعون شارات ورايات العودة والنصر .. أنتم قادتنا ولكم تحني الهامات...!!
إن مؤتمر فلسطينيي أوروبا الحادي عشر في بروكسل.. كان لوحة تراثية فنية
بامتياز.. بل كان تظاهرة جماهيرية عارمة.. الجمع الغفير يهتف.. الشعب يريد تحرير فلسطين..
وكاد صدى صوت الجماهير أن يوقظ من هم في القبور.. ولكنه لم يوقظ سفيرة فلسطين في بروكسل
السيدة ليلى شهيد.. من غفوتها بل من سباتها.. والتي تقطن في بيت صنعه وبناه وشيده وأقامه
شعب الجبارين.. كما وصفه الشهيد الراحل أبو عمار.. شعب الجبارين هو جبار بتحمله العذابات..
وبتحمله التضحياته الجسام.. ومن يجلس في بيت شيده شعب الجبارين لكي يمثله .. يجب أن
يقدر ذلك.. ويجب أن يكون من الجبارين وينتمي لشعب الجبارين انتماء حقيقيا.. وليلى شهيد
لم تفعل ذلك.. ولم تحضر مؤتمر العودة.. ولم تقدر تضحيات شعبنا.. ولم تحترم الأجيال
الفلسطينية التي تقاطرت من كل العواصم الأوروبية لتقول كلمتها في عاصمة أوروبا بروكسل...!!
هنيئا لمن قدم وشارك وحضر ورفع العلم الفلسطيني
وأقام التراث الفلسطيني ونادى بصوت واضح مرتفع في بروكسل.. صوت حر مخلص.. لا عودة عن
حقنا في العودة .. وفلسطين حرة عربية أبية.. صوت سمعته بالتأكيد صفد وحيفا ويافا واللد
والرملة وعكا والكرمل والناصرة وكل الجليل الفلسطيني.. بل وسمعته كل البلدات الفلسطينية
المغتصبة.. فثرى فلسطين يسمع من يناديه بقلب مخلص صادق.. بأننا عائدون .. ويرفض التفريط
بذرة من ترابه.. كل الإحترام لكل الأخوة والأخوات القائمين على هذا العرس الفلسطيني..
ومن تفوق إلى تفوق.. في صناعة النصر والعودة ...!