غزة بتضحك ليه؟
بقلم: أماني شنينو
كم مرة دُرت وبنات الجيران واخوتي في لعبة طاق
طاق طاقية، هي بعدد المرات التي حلمنا فيها بابن مخيم يخرج منا، ناصباً علماً في الكون
يُدعى علم «فلسطين». كل أصدقائي الذين خرجوا من البلاد حملوا أعلام بلاد أخرى وجوازات
سفر أجنبية تحمي حامليها. أما تلك الفلسطينية فقد وُضعت على رف مغبر جاهزة إذا «خطر
على بالهم» حنين سيئ المزاج.. ربما الحق معهم، فهويتنا تعني لا للعبور، لا للسفر، لا
للاحترام. كنت أفكر كيف تجاوز عساف كل هذا ولمّع هويته مع كل خطوة خارج البلاد! بالأمس
خرجنا إلى مقهى لنتابع «آراب أيدول» أنا والعائلة. كان الأمر ممُتعاً: التصفيق الشديد
مع كل طلة لعسافنا، البهجة التي لونت وُجوههم مع كل موال أجاده وكالعادة، التهليل..
العناقات التي اشتدت وتيرتها مع آخر خطاب للمذيعة «محمد عساف آراب أيدول للعام الحالي»!
وإذ قلبي الذي غاص من التوتر، يرقص مع الذاكرة: طاق طاق طاقية.. عساف عسافنا الهوية!
خرجنا إلى الشارع، لم نكن وحدنا، غزة بأكملها
رقصت في الشارع و«علِّي الكوفية»، اغنيته، كانت تصدح من السيارات التي مرت، أخرج الشباب
رؤوسهم من شبابيكها هاتفين باسم عساف.. وسيارات توقفت في منتصف الطريق لترقص على صوته!
أي عيد هذا الذي نعيشه؟ لم حضرت أغنية البحر بيضحك
ليه في رأسي الذي حرفها إلى «شوارع غزة بتضحك ليه؟»؟.
تمنيت أن لا ينتهي هذا اليوم، وهذا المساء تحديداً.
هل أكتب هنا شعراً؟ لا.. إنها عفوية تُوازي ما
قاله عساف «والله ما في كلام يوصف فرحتي واللي في قلبي»!
رائحة الشوارع ما أقربها للقلب! صوّرتها خطوة
بخطوة، أحسستُ أنها تهتز ..ت ميل على ايقاع عنابي يا عنابي.. السائق أيضاً؛ خرج عن
جموده وتمايل، كنت أشعر بالسيارة ستقف إما يميناً أو شمالاً على جنبها، من شدة الميلان!
طيلة الوقت أُحاول أن أتذكر كيف كانت تبدو غزة قبل عساف، نعم.. رمادية ووجوه عابسة،
ويأس وبكاء، وأيدٍ تشحذ على الأرصفة رغيفاً أو تبيع المناديل البالية بسعر شيكل أو
أقل!
تُصدِّر حصارات، وتستورد مفاوضات بائسة «لا حول
لها ولا قوة».. والآن! لا لا مجال للمقارنة أعيادنا الإسلامية والمسيحية والوطنية بجلالة
قدرها ليست بنكهة هذا العيد, ولا تُساويه أبداً!
عساف سأُوشوشك «لو حالفني الحظ: أُنادي والديّ
بـ: يمّا ويابا.. بفخر أكثر من ذي قبل».
المصدر: الأخبار